د/أسامة الرافعي الفخ الوزاري الذي يدخله كل من يتحمل المسئولية الوزارية يذكرنا بتأشيرة (ط.ب) التي كانت تعطي للمسافرين المصريين عند رغبتهم في مغادرة مصر لاي سبب من الاسباب ايام العهد الناصري! وتأشيرة (ط.ب) هذه لمن لم يعايش تلك الفترة كانت تعني ضرورة التزام من يحصل عليها بالسفر علي خطوط الطيران العربية - اي انه ليس مخيرا او حرا في اختيار اي خطوط اخري - وخطوط الطيران العربية هي الاسم السابق لشركة مصر للطيران.. وكانت النكته الشعبية الساخرة في ذلك الوقت تترجم (ط.ب) بجملة طبيت برجليك في اشارة الي رفض هذه التأشيرة نفسيا علي اعتبار انها قيد اضافي علي السفر للخارج قبل ان يكون ذلك مرتبطا بالشركة الناقلة بشكل اساسي. والفخ الوزاري فيما اتصور ليس ببعيد عن هذا المعني وان كان يبدو - وهذا صحيح في اغلب الاحيان - ان الاختيار يكون بارادة الوزير ولكن المقصود ان النتيجة في النهاية ان هذا الوزير يدخل برجليه الوزارة ليلقي في حالات كثيرة ما لايحمد عقباه او ما لا يمكن ان يتصوره او ينتظره .. ويبدو ان اغراء المنصب الوزاري في مصر اكبر من أن يقاوم مهما كانت مشاكله او صعوباته او ان الاشباع النفسي الذي يحصل عليه الوزير يهون امامه اي شي آخر!! من الغريب ان الشارع المصري بمختلف فئاته وقطاعاته يكون دائما في حالة استنفار وترقب عند حدوث اي تغيير وزاري او تشكيل وزاري جديد... ومن الغريب ايضا ان رؤساء الوزارات علي مر العقود القليلة المنصرمة في مصر يساعدون بقصد او بدون قصد علي اعطاء او توفير التربة الخصبة لهذه الحالة بل احيانا يرسخونها باعطاء الفرصة للشارع المصري للتحول من حالة الاستنفار والترقب الي حالة من التحدي والرفض عندما تكون الترشيحات للمناصب الوزارية لاسماء غير مقبولة جماهيريا او الاستغناء عن وزراء حاليين لهم شعبية مع عدم تقديم مبرر واحد للاستغناء عن عطائهم المتميز!! وبذلك تبدأ دورة حياة الوزارة الجديدة في معظم الاحيان في ظروف غير مواتية شعبيا ويصدر الشارع المصري احكاما مسبقة علي الوزراء الذين لايحظون بمباركة هذا الشارع وهذه اول حلقة في الفخ الوزاري ! ويحاول الوزير بأدائه المهاري ألا يستكمل هذا الفخ من خلال التصدي للمهام الجسام التي توكل اليه من برنامج الحزب او التكليفات المباشرة من القيادة السياسية او من رئيس الوزراء فيصطدم بجيش من موظفي الوزارة غير أكفاء وجيش آخر من حملة المباخر ثم القصور الواضح في العمليات الادارية مع القصور الدائم في الامكانات المالية مع المفاجآت غير المتوقعة للاحداث الضاغطة الي كم هائل من ضغوط يومية للشارع والجماهير هم ملاحقة الاستفسارات والاستجوابات بالمجلس النيابي ناهيك عن التعامل مع الاجهزة الرقابية وتخصيص جزء لا يستهان به من الوقت والجهد للدفاع عن قراراته وقرارات وأخطاء كبار المسئولين بوزارته ثم تزداد الامور تعقيدا عندما يرشح الحزب بعض الوزراء للمجلس النيابي حيث تضاف اعباء الحملة الانتخابية للوزير المرشح الي مالديه من اعباء وزارية ثم الالتفات الي الاعلام المسموع والمرئي والمقروء الذي غالبا ما يستنفر بترشيح الوزير للبرلمان وتبدا مرحلة فتح الملفات من منافسي الوزير يضاف الي كل ما سبق قيام الوزير بالاستجابة لدعوات حضور الحفلات والندوات ناهيك عن ساعات الانتظار بالمطار في استقبال وتوديع الضيوف الرسميين للدولة وبذلك يكون معالي الوزير قد استكمل بنفسه طوعا او كرها جزءاً كبيراً من الفخ الوزراي! اما الجزء الاخير من هذا الفخ فيستعجل بعض الوزارء بناءه حتي لا يكونوا في حالة من الفخ واللافخ اي يستجعل الاستقرار حتي يرسي علي بر ويكون ذلك عندما ينقضي بعض الوقت يختلف من وزير لآخر ويصبح الوزير اسيرا تماما للكرسي ومستعدا لتقديم الغالي والرخيص من اجله وتستمر حالة التعاطي حتي الثمالة!! والسؤال هل يمكن الافلات من هذا الفخ المعقد؟ في اغلب الاحيان نجد ان ذلك صعبا للغاية ان لم يكن مستحيلا في بلد تدار بها الامور علي النحو السابق عرضه! ولكن يبقي للانصاف حالات نادرة استطاعت الافلات من الفخ وحفرت لنفسها مكانة متميزة في قلوب المواطنين. ونحن هنا لا نقصد الهجوم علي الوزراء بل العكس تماما هو المقصود ... فالمقصود حمايتهم من هذا الفخ ليس لمصلحتهم فقط بل لمصلحة الاداء الحكومي وفائدة الشعب بالدرجة الاولي. ومهما يكن من شيء فان مجلس الوزراء هي الجهة المنوط اليها بكامل قيادتها واجهزتها تنفيذ خطط الدولة وبرامجها وبالتالي تحقيق امال وحقه في الحياة الكريمة حاليا ومستقبلا .. وبالتالي فلا يمكن قبول ان يدخل هذا المجلس او اعضاؤه الي هذا الفخ بإرادته او بغير ارادته!! فليس من المبالغة القول بان افراز مجلس وزراء ضعيف او وزيرغير كفء او يعمل في ظروف غير مواتية معناه تاجيل انجازات تسعي اليها اجيال وبالتالي يكون من الضروري عمل مراجعة شاملة لكل الاسباب والسلبيات التي تجهز البيئة المواتية ل