عضو لجنة دراسة الإقليمي: تقليل عدد وأطوال التحويلات بدءا من 2 أغسطس    أنقرة تفند مزاعم استهداف تركيا للدروز في سوريا    عندما يصبح القائد واحدًا من الجائعين.. ما دلالات التغير في جسد أبوعبيدة بين الظهور الأول والأخير؟    عقبة وحيدة تمنع الأهلي من ضم مصطفى محمد (تفاصيل)    سيدات "مسار" يخضن 3 وديات في المغرب استعدادًا لتصفيات شمال إفريقيا    القبض على هدير عبدالرازق وطليقها بعد تداول فيديو الاعتداء على البلوجر في الشقة    تشييع شقيقتين غرقا في النيل والبحث مستمر عن جثمان الثالثة    أستاذ علوم سياسية: العلاقات المصرية السعودية ركيزة للأمن القومي العربي    سفير أمريكا لدى إسرائيل: الهجوم على كنيسة فلسطينية بالضفة عمل إرهابي    أخبار الاقتصاد اليوم: موعد صرف مرتبات شهر يوليو 2025 للعاملين بالدولة.. توقعات بارتفاع أسعار الذهب 40% خلال النصف الثانى من 2025.. وأسعار القهوة العالمية تسجل أعلى مستوى لها على الإطلاق    تنظيم الاتصالات: التعويض الإضافي عن حريق سنترال رمسيس موجه للمتضررين فقط    قائمة منتخب مصر لكرة السلة في بطولة بيروت الدولية    ذهبية وفضية لألعاب القوى فى البطولة الأفريقية بنيجيريا    تنويه عاجل بشأن امتحان المتقدمين لشغل وظائف بالهيئة القومية للبريد    ضوابط الإنفاق على الدعاية الانتخابية للنظام الفردي والقوائم بانتخابات الشيوخ    هدير عبد الرازق في قبضة الأمن بعد فيديو اعتداء طليقها عليها بالضرب    كشف غموض واقعة "رضيع المقابر" بعد إدعاء العثور عليه بقنا    عمرو أديب: لست موقوفا وأقضي أجازتي الصيفية    من مهرجان العلمين الجديدة.. ساحة U-Arena تفتح أبوابها للعالم    رقص على صوت نانسي عجرم.. إلهام شاهين تنشر لقطات عفوية مع ابنة شقيقتها (فيديو)    محمد رمضان يطرح أحدث كليباته من ضهر راجل    فستان جريء بفتحة ساق.. إليسا تستعيد تألقها في حفل زفاف نجل إيلي صعب    سلمى أبو ضيف بفستان ساحر.. ما سر ارتدائها اللون الأسود؟    أمين الفتوى: الرضاعة تجعل الشخص أخًا لأبناء المرضعة وليس خالًا لهم    بلغة الإشارة.. الجامع الأزهر يوضح أسباب الهجرة النبوية    رئيس جامعة الأزهر: الحج ورد في آيتين من سورة آل عمران لخصوصية التوحيد فيها    حسام حسن ل فيتو: أتمنى تطبيق تجربة مستشفى العجمي بجميع المراكز العلاجية في الجمهورية (فيديو)    متحدث «الصحة»: 2.8 مليون عملية جراحية مجانية ضمن مبادرة القضاء على قوائم الانتظار    توزيع 600 كرتونة غذائية و7 أطنان من السلع الأساسية للأسر الأولى بالرعاية بسنهور المدينة في كفر الشيخ    خل التفاح مفيد لصحة الكبد- إليك السبب    «المعلمين»: مشروع علاج لأعضاء النقابة بخصومات تصل 60%.. تفاصيل    مرتبات شهر يوليو 2025.. موعد وأماكن الصرف وجدول الحد الأدنى للأجور بعد الزيادة الجديدة    انتشال سيارة ميكروباص سقطت في رشاح شبرا هارس بالقليوبية    ألسن عين شمس تعلن فتح باب القبول ببرامج الدراسات العليا    أسامة نبيه يدفع بتشكيل جديد لمنتخب الشباب فى الودية الثانية أمام الكويت    جهاز المحاسبة الألماني يحذر من عجز محتمل في صندوق المناخ والتحول التابع للحكومة    تنويه عاجل من «التنظيم والإدارة» بشأن مستندات المتقدمين لوظائف هيئة البريد    التفاصيل المالية لصفقة انتقال راشفورد إلى برشلونة    قوات العشائر تسيطر على بلدة شهبا بريف السويداء    غلق 47 منشأة طبية مخالفة بالبحيرة وإنذار 24 أخرى    براتب 900 يورو.. آخر فرصة للتقديم على فرص عمل في البوسنة ومقدونيا    ليالي المسرح الحر تختتم الدورة ال20 وتعلن نتائج المسابقات    باحث: موسكو لا تسعى لصراع مع واشنطن والمفاوضات في إسطنبول مؤشر إيجابي    دعاء أواخر شهر محرم.. اغتنم الفرصة وردده الآن    دون إبداء أسباب.. روسيا تعلن إرجاء منتدى الجيش 2025 إلى موعد لاحق    ضبط 20 سائقًا يتعاطون المخدرات في حملة مفاجئة بأسوان (صور)    رئيس جامعة قناة السويس يوجه بسرعة الانتهاء من إعلان نتائج الامتحانات    هل يجوز للمرأة أن تدفع زكاتها إلى زوجها الفقير؟.. محمد علي يوضح    وزير الصحة يوجه بتعزيز الخدمات الطبية بمستشفى جوستاف روسي    ليلى علوي نجم الدورة 41 لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط    وزير الكهرباء والطاقة المتجددة يتابع مستجدات الموقف التنفيذي لأعمال توفير التغذية الكهربائية لمشروعات الدلتا الجديدة    محافظ المنيا يتفقد محطة رفع صرف صحى بردنوها لخدمة 30 ألف مواطن بمركز مطاى    "بائعة طيور تستغيث والداخلية تستجيب".. ماذا حدث في المعادي؟    توقيع اتفاقيات تعاون بين 12 جامعة مصرية ولويفيل الأمريكية    خبر في الجول - جلسة بين جون إدوارد ومسؤولي زد لحسم انتقال محمد إسماعيل للزمالك    أسعار اللحوم اليوم السبت 19-7-2025 بأسواق محافظة مطروح    خالد جلال: معالي يشبه الغندور وحفني.. وسيصنع الفارق مع الزمالك    سوريا وإسرائيل تتفقان على إنهاء الصراع برعاية أمريكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذا الزمان بقلم: محمد فهمي
نشر في الأهالي يوم 27 - 07 - 2011


شهداء.. گرتونة رمضان!
نحن في حاجة لصحوة.. وإلي إيقاظ الضمير الوطني.. قبل أن يأتي اليوم الذي نري فيه خروج مليونية.. لا تطالب بمحاكمة حسني مبارك.. وإنما للمطالبة بكرتونة رمضان.. وهي تهتف..الشعب يريد.. كرتونة رمضان!ودارت الأيام.. ومرت الأيام.. وجاء شهر رمضان المعظم.. بعد ستة شهور من اندلاع الحالة الثورية.. ونحن نتحرك كثيرا.. ولا نحقق تقدما.. والأحوال لم تتغير..
والحالة الثورية لم تصل للأهداف العشرة التي أعلنتها في 25 يناير الماضي.. والسبب ببساطة شديدة.. أننا في حالة «فاصل ذراع كامل اتحرك»!
وحالة «فاصل ذراع كامل اتحرك» هي واحدة من تدريبات «البيادة» في معسكرات التدريب الأساسي.. وتقول:
عند صدور النداء.. فاصل ذراع كامل اتحرك.. علي الدليل أن يقف ثابتا.. وعلي الجماعة أن تتجه نحو الدليل برأسها وهي تتحرك للأمام والخلف واليمين واليسار بخطوات قصيرة وسريعة.. وعند صدور النداء «ثابت» علي الجماعة أن تكف عن الحركة.. وتقف «ثابت»، والذراع ملتصق بالجسد.
الآن.. نحن في حالة «ذراع كامل اتحرك».. لا نحن حققنا الأهداف العشرة للحالة الثورية.. وتفرغنا لإعادة البناء والتعمير.. والإنتاج.. والإبداع.. وإزالة آثار الدمار التي لحق بالبلاد طوال الثلاثين سنة الماضية.. ولا نحن عدنا لحالة الاستقرار التي تسمح لكل مواطن بالاطمئنان علي حياة أولاده وبناته ومستقبل البلد.
لقد تحولنا لمجموعة هائلة من النمل الفارسي.. الذي لا يكف عن الحركة في كل اتجاه.. دون أن نعرف له هدفا.. لا يعلمه إلا الله - سبحانه وتعالي - وأصبحنا نسمع ضجيجا.. ولا نري طحنا!
ساعات العمل والإنتاج والإبداع ضائعة في مظاهرات واعتصامات لا أول لها ولا آخر.. رافعة نفس الشعارات التي أعلنتها الأمة واتفقت عليها منذ اللحظة الأولي لاندلاع الحالة الثورية.. وكان من الطبيعي وفي ظل غياب الأهداف الوطنية الكبري أن تطل علي السطح أحداث شراذم التخلف العقلي والثقافي.. صارخة بالأفكار التي تمزق صفوف الأمة.. وتصرفها عن مواكبة العصر.. واللحاق بالأمم التي حققت التقدم والرقي بالعلم وبالعمل.. وليس باللحي.. ولا بالجلابيب التي تضيق عند المؤخرة من باب إثارة الفجور.. وكأنهم يسيرون نحو حانات الرقص والخلاعة.. وليس نحو دور عبادة.. يقضي التحرك نحوها.. الاحتشام.. وذكر الله.. وحده لا شريك له.
البلطجة.. ليست مقصورة علي من يحملون الأسلحة البيضاء ويروعون البسطاء.. ويمارسون السرقة بالإكراه.. والإتجار بالمخدرات.. والاعتداء علي رجال الأمن.. وإزهاق الأرواح.. وإنما هناك البلطجة الفكرية.. التي امتدت إلي المساجد.. ودفعت البعض لإقامة أكثر من صلاة في المسجد الواحد.. لأن أصحاب المذاهب.. لا يعترفون إلا بالإمام.. الذي يتبني دعوتهم.. ويدين بالنمط الذي يعتقدون بصحته.. في محاولة لاحتكار المجتمع بأسره.. وفرض رؤية محددة للاعتقاد الديني.. الذي يعد في حد ذاته نوعا من الاستبداد.. وهو الوجه الآخر لعملة الإلحاد.
إنهم الملحدون الجدد.. الذين انتشروا بيننا هذه الأيام.. وشوهوا الثورة المجيدة.. بعد أن شوهوا صورة الإسلام الذي يدعونا للاعتدال.. ورفض التطرف أو التهجم علي المعتقدات الأخري التي يؤمن بها الناس في أعماقهم.
وجاء شهر رمضان المعظم.. وسط انتشار غير مسبوق للفضائيات الدينية التي احتكرت المشهد.. واستقطبت أرباب العمائم من كل حدب وصوب.. في محاولة لإثارة الخلافات والنعرات التي تفرق الأمة.. ولا تعمل علي توحيد صفوفها.. وهي مشحونة بالإعلانات التجارية.. التي تروج للمصالح المادية لأصحاب القنوات الفضائية.. وتثير الارتباك بين أمة الإسلام التي تحاول التحرر من قبضة حكامنا من اللصوص والخونة الذين تعفنوا فوق الكراسي التي يحميها أذنابهم.. بالروح وبالدم.. تارة.. وبالتآمر لصالحهم.. تارة أخري.
ولا يفوتني في هذه المناسبة الإشادة بالوثيقة التي أصدرها الأزهر الشريف منذ أيام.. والتي تستهدف في جوهرها.. الدفاع عن صحيح الإسلام.. في مواجهة التيارات الشاردة.. والتي جاءت في توقيت يشير لقلق الأزهر الشريف من تيارات التطرف التي تحاول استثمار حالة «فاصل ذراع كامل اتحرك» لتحقيق مكاسب دنيوية.. تسيء للدين الإسلامي وللمسلمين في ربوع الأرض.. وتصرف أمة الإسلام عن قضاياها الأساسية.. وفي مقدمتها توفير لقمة الخبز للبسطاء الذين تزهق أرواحهم وهم يتنافسون للحصول علي «كارتونة القوات المسلحة» التي تحتوي علي القليل من الأرز والزيت.. والسكر.. إلخ.
أمة الإسلام.. لن تكون أمة قوية.. قادرة علي مواكبة العصر.. إلا استطاعت بجهودها الذاتية أن توفر طعامها.. وأن تعتمد علي مواردها وسواعد أبنائها في توفير الغذاء والكساء والدواء.. ولا تعتمد علي ما يأتيها من مساعدات من الدول التي لا تنص دساتيرها علي أن الإسلام هو دين الدولة.. وأن الشريعة الإسلامية هي مصدر القوانين.
عندما نعلن في المادة الثانية من الدستور أن الإسلام هو دين الدولة.. فعلي كل منا أن يدرك أن هذا النص يلقي عليه بمسئولية إضافية، تتلخص في أن تكون مصر هي الدولة التي تضرب بها الأمثال بين الأمم.. في الرقي والأخلاق الحميدة.. وفي قدرتها علي ألا يكون بينها جائع.. يتسول لقمة الخبز.. من كل من هب ودب.
المواطن الجائع.. لا يستطيع اختيار أفضل أحكامه.
المواطن الجائع.. يسعي إلي «لفافة اللحم» التي يقدمها المرشح.. قبل أن يسعي لاختيار الأفضل والأنسب والأقدر علي حل المشكلات والمعضلات.
المواطن الجائع.. هو المواطن الذي أهدر حكامه أبسط حقوقه.. لأن أبسط حقوق الإنسان.. هي حقه في أن يحصل علي طعامه بشرف.. وبكرامة.
يجب أن تكون مصر وسوريا واليمن وليبيا.. في مقدمة دول العالم التي تدافع عن حقوق الإنسان.. كي يكون الشكل الإسلامي مرتبطا بالجوهر.. وأن يشعر كل مواطن بأنه حاله اليوم.. أفضل مما كان عليه بالأمس.. وأن غده أفضل بإذن الله عما هو عليه الآن.
أسوق هذا الكلام.. ونحن نتطلع إلي حالنا ونحن نستقبل شهر رمضان المعظم.
اتطلع إلي المجازر في المدن السورية والليبية.. وإلي الأحوال في اليمن.. وإلي حالة «فاصل ذراع كامل اتحرك» التي نعيشها في مصر منذ ستة شهور.. والصراع بين تيارات النصب والاحتيال التي ترفع الشعارات الدينية.. بين أصولية.. وسلفية.. وتكالب علي المناصب الدنيوية.. إلخ.. فأشعر بالقلق.. علي وطني.. وعلي أمتي.. وعلي الدين الذي يتحرك في دمي.
لقد شغلتنا الصراعات التي تمزق وحدتنا.. عن العمل والاجتهاد.. والزرع والحرث والإبداع.. وأوشكت أن تقودنا لمجاعات.. وإلي نقص كبير فيما نحتاجه من غذاء.. فهل نحن مقدمون علي مجاعة؟
أكرر السؤال:
هل نحن مقدمون علي مجاعة؟
إنني لا ألقي بالمسئولية.. علي المجلس الأعلي للقوات المسلحة.. ولا علي حكومة شرف.. ولا.. حتي علي التيارات الأصولية والسلفية وأرباب اللحي والعمائم.. فكلنا مسئول.. وعلينا جميعا.. ونحن نستقبل الشهر الكريم.. أن نتنبه إلي الخطر الداهم الذي يتربص بنا.. وبأولادنا.. وأحفادنا، وأعني علي وجه التحديد.. النقص الكبير.. المتوقع في المواد الغذائية.
ففي الوقت الذي انشغل فيه الرأي العام في مصر.. بالمطالب التي لا تتحقق.. وبالصراعات حول القفز علي الحالة الثورية التي اندلعت في 25 يناير الماضي.. وبحالة «فاصل ذراع كامل.. اتحرك».. التي تجعلنا نتحرك في مكاننا ولا نتقدم.. نجد أنفسنا أمام تهديد حقيقي يتمثل في ارتفاع أسعار المواد الغذائية.. الناجم عن الندرة.
ويضاعف من جدية هذه المخاطر.. أننا ورثنا عن النظام الإجرامي البائد عددا من السياسات التي اعتمدت في مجملها علي استيراد المواد الغذائية الضرورية من الخارج لصالح مجموعة من المستوردين.. الذين يحققون الأرباح من جراء الاستيراد.. ومن جراء القضاء علي الإنتاج المحلي الذي ينهار سنة بعد سنة.
لقد قضي النظام الإجرامي البائد علي الأرض الزراعية وعلي المراعي التي تحولت لمنتجعات.. كما قضي علي الفلاحين والرعاة من البدو.. ولم يقدم أي دعم لبسطاء الفلاحين الذي هجروا الزراعة.. وهاجروا للبحث عن لقمة خبز في داخل مصر وخارجها.
واعتدنا.. في مثل هذه الأيام من كل سنة.. أن نشهد الصور التي تنشرها الصحف لعشرات الآلاف من المواطنين يتجمعون حول مواقع الحزب الوطني في المحافظات للحصول علي لفافة بها قطعة لحم.. وعليها صورة حسني مبارك.. أو للحصول علي كرتونة.. بها أكياس من الأرز والمكرونة والفول والعدس وزجاجة من الزيت.. ونري صور التكدس والتلاحم والإصابات التي تقع بين البسطاء الذين يتسابقون سباق الضواري.. في الوقت الذي يتحدث فيه الحزب السرمدي البائد.. عن لطف حسني مبارك وعطفه علي رعيته.. وعلي حد قول صفوت الشريف أن مبارك يضع البسطاء في قلبه وعقله آناء الليل وأطراف النهار!
ووسط الضجيج والصياح.. يعود المحظوظ من البسطاء بكرتونة.. تحمل في طياتها الخزي والعار.. وهي في حقيقتها فتات موائد اللصوص الذين باعوا المصانع.. واشتروا القصور بالأسعار الرمزية.
والمثير في الموضوع.. أصوات الضحجيج.. وصيحات الاحتجاج ترتفع وتتفاقم وتنتقل من ميدان التحرير.. وميدان مصطفي محمود إلي العباسية ويسقط القتلي والجرحي.. ولا نري طحنا.
والمظاهرات والاحتجاجات التي اندلعت في العباسية.. لم تظهر فجأة.. وإنما هي نتاج الصمت الرسمي علي الممارسات المذهلة التي تجري في مسجد النور.. كل يوم جمعة.. حيث يجري الصراع علي اعتلاء المنبر.. وتتم الإطاحة بالممثل الشرعي لوزارة الأوقاف الذي يمثل هيبة النظام السياسي وقدرته علي فرض إرادته وسلطته علي الأماكن التي تعكس لدي الرأي العام قدرة «الحاكم» علي الدفاع عن الصالح العام.. وعلي الشرعية.
لقد كان اختيار العباسية.. لتكون منطلقا لاعتداء رجال القوات المسلحة.. هو الاختيار لمسرح عمليات جرت عليه «البروفات» لشهور عديدة.
في كل يوم جمعة.. وطوال الشهور الستة الأخيرة.. كان الشيخ حافظ سلامة.. يظهر بين المئات من أنصاره يلوح باستخدام القوة.. ضد الحكومة.. ويعلن أنه حارب إسرائيل وأنه دافع عن السويس.. ويرفض عروض التهدئة التي قدمها الأزهر الشريف والمجلس العسكري.. ويهدد بالخروج إلي الشارع لإقامة ما سماه «دولة العدل والحق»!
كل ذلك يحدث علي الملأ.. بينما تقف السلطة الرسمية في البلاد موقف المتفرج وهي في حالة «فاصل ذراع كامل اتحرك».
وفي كل يوم نسمع ضجيجا.. ولا نري طحنا.
إن ما جري في العباسية يوم السبت الماضي.. هو محصلة انتهاكات.. استمرت لشهور عديدة.. ولم نسمع أن الجماهير التي أهدرت هيبة بيوت الله.. ومسجد النور علي وجه التحديد.. قد قدمت للمحاكمة.. أو أن قادة هذا الانفلات لقد لقوا العقاب.
ولذلك نري أن الجهات الأجنبية التي دبرت حادث الاعتداء علي رجال القوات المسلحة في العباسية قد اختارت المكان المناسب الذي نجحت تجارب اختراقه منذ شهور عدة.
ويزيد من فداحة الموقف أنه ليس سرا أننا نستقبل شهر رمضان المعظم.. ونحن نواجه أزمة غذائية تبدت ملامحها في تصريحات المسئولين عن عزمهم علي توفير عشرة ملايين رغيف خبز يوميا.. وتوزيع كراتين رمضانية تضم قطعا من لحوم المواشي السودانية تبرع بها الرئيس السوداني عمر البشير بما قيمته 75 ألف جنيه.. أي بمعدل خمس ذبائح لكل محافظة.
كل محافظة من محافظات مصر ستوزع خمس ذبائح في الشهر المعظم.. بما يعني أن نصيب كل مواطن من اللحوم.. لن يتعدي النظر علي رأي محمد عبدالوهاب.
نحن في حاجة لصحوة.. وإلي إيقاظ الضمير الوطني قبل أن يأتي اليوم الذي نري فيه خروج مليونية.. لا تطالب بمحاكمة حسني مبارك وعصابة اللصوص وإنما للمطالبة بكرتونة رمضان.. وسط هافات تنادي..
الشعب يريد.. كرتونة رمضان!
ومن يدري فربما يسقط شهداء سوف نطلق عليهم شهداء.. كراتين رمضان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.