يحق لنا أن نسمي الأسبوع الحالي أسبوع أكتوبر بامتياز، ليس بسبب احتفالنا بمرور خمسين عاما علي حرب أكتوبر المجيدة فقط، ولكن لأسباب أخري أهمها كم المادة المرئية التي رأيناها علي كل شاشاتنا، القديمة «التليفزيون المصري»، والحديثة CBC وDMC وON وAlhayat وأخيراً القناة الوثائقية، في كل هذه الشاشات رأينا برامج مهمة، وحوارات مع قيادات عسكرية، وأفلاما وثائقية لم يسبق لنا رؤيتها، وأفلاما سبق لنا رؤيتها، وأفلاما قدمت لنا أراء خبراء ومحللين أجانب من امريكا وفرنسا ودول أخري عن مفاجأة مصر العالم بالحرب، وعن خطة الخداع الاستراتيجي التي وضعها السادات والقيادات العسكرية المصرية وساعة الصفر وغيرها من المعلومات التي قدمت لنا صورة متكاملة عن الجهد والاجتهاد الكبير الذي صنع الانتصار الكبير والذي بدأ بعد الهزيمة أو النكسة عام 1967، وليفرض هذا الاحتفال الكبير أسئلة مهمة منها ما يخص الحكاية الأساسية في الحرب، فلماذا لم نتوقف إعلاميا عند مرحلة إعادة بناء الجيش بعد النكسة مباشرة، ولماذا لم نر برنامجا أو فيلما يوثق هذه الفترة الشديدة الاهمية في حياة مصر في آخر سنوات الرئيس عبد الناصر، ولماذا لم نر الان، بعد نصف قرن، فيلما يوثق المرحلة كلها من النكسة لحرب الاستنزاف، ثم العبور والانتصار؟ فيلم كامل من الألف للياء عن أمجد أحداثنا الوطنية. أننا كمواطنين نحتاج حقيقة لفيلم توثيقي قوي عن هذه المرحلة القصيرة وقتا «ست سنوات» والعظيمة جهدا وتنظيما وإعادة لبناء الجيش من كل الجوانب، لقد رأينا هذا العام أعدادا كبيرة من برامج الذاكرة وحوارات القادة، ووثائق فيلمية عن بداية العبور، واستخدام القوارب والكباري المتحركة للعبور، وعن معارك علي الجانب الاخر المحتل، ورفع العلم المصري، وطوابير الاسري الإسرائيليين، وكلها أجزاء من المعركة، لكن، ماذا سنقدم في العام القادم؟. هدية كل عام خمسة عشرة فيلما، ومثلهم تقريبا هو عدد المسلسلات التي صنعت عن حروبنا ضد إسرائيل، وأكثرها عن حرب اكتوبر والتي بدأت صناعتها عام 1974 بفيلم «الرصاصة لا تزال في جيبي»، ولكن« جماعة السينما الجديدة» قدمت قبلها فيلمها المهم «أغنية علي الممر» في العام 1972، وبعدها «أبناء الصمت»، خمسين عاما وخمسة عشر فيلما فقط آخرها «الممر»عام 2019 فهل هذا معقول؟ خصوصا وقد رأينا من خلال قنوات التليفزيون قصصا لبطولات عظيمة رحل أبطالها، وأخري مازال أبطالها احياء يرزقون «وهناك سيناريوهات مكتوبة ايضا» فلماذا لا نقدم فيلما جديدا كل عام يعرض في أكتوبر كهدية من الوطن لأبطاله، وللشعب وأغلبه الان من الشباب الذي لم يكن موجودا أثناء الحرب؟ ولماذا لا تتكفل الدولة بإنتاج هذه الأفلام لأن غيرها لن يستطيع هذا؟ إننا بهذا نرفع رصيدنا من الأفلام المهمة بدلا من استنفاد الموجود بتكراره المستمر، إضافة إلي أن الافلام الجديدة لابد وأنها ستتمتع بالجديد من قصص البطولات والمعارك، والجودة العالية بفعل التكنولوجيا الحديثة، وهو ما يقدر عليه مبدعون كثيرون قدامي وجدد في عالم السينما المصرية، أن هذا المشروع السينمائي هو ضرورة قومية وليس مجرد إنتاج فيلم سنويا، وضرورة وطنية في زمن مختلف تلعب فيه وسائط الاتصال الحديثة دورا مهما في خلق مناخ لا يحتفي بالترابط في أي صورة، وعلينا هنا أن نجدد صورتنا، وأن نقدم لأجيالنا رصيدا جديدا من الأعمال الفنية التي تضيف إليهم، وتربطهم بالوطن.