يأخذنا فيلم «وش في وش» للمخرج والكاتب وليد الحلفاوي، إلي حدوتة مصرية طويلة العمر، وهي حدوتة الخلاف الزوجي بين زوجين جديدين، يتضح أنهما تزوجا عن حب، ولكنهما لم يتعلما كيفية الحياة مع وجود الحب، وهي حكاية شائعة في بلدنا، تجاوزت أجيالا بدون تغييرات كبيرة فيها وإلا ما أصبحت شائعة لهذه الدرجة «وأصبحت نسب الطلاق من الأعلي في العالم»، وهو ما نراه عبر عائلتى الزوج شريف «محمد ممدوح»، والزوجة داليا«أمينة خليل» اللتين تتواجدان معا في شقة الزوجية بعد خلاف بين الزوجين طوال الفيلم في مباراة كلامية، وسلوكية تتفاوت حدتها وفقا للحدث الأساسي، أي الخلاف، وما يثيره في نفوس الآباء والامهات، والإخوة، وحتي الأصدقاء، وصولا إلي العاملين لدي أطراف الخلاف، أي سائق أسرة الزوجة وشغالة المنزل، ليضعنا المخرج والكاتب «ويشاركه في السيناريو كل من شادي الرملي وحسين نيازي» في الشقة التي صممت ديكوراتها ياسمين عاطف وأدار التصوير فيها مروان صابر، وجدل مشاهدها المونتير مينا فهيم وأضاف إليها خالد الكمار لمساته الموسيقية المعبرة، نحن أمام فيلم عادي في قصته التي تحدث كل ساعة في كل مكان، ولكنه غير عاد في معالجته، يضع الاجيال أمام بعضها، والطبقات أيضا وحيث تبدو عائلة الزوجة «الاب سامي مغاوري والام أنوشكا والابن احمد خالد صالح» معتزة بقوتها وبمكانتها الاجتماعية، وثرائها من اللحظة الاولي، امام عائلة الزوج «الاب بيومي فؤاد والام سلوي محمد علي» الأقل اجتماعيا، والأقوي تماسكا وهو ما عرفناه في النهاية بعدما رفض والد الزوج استمالة أم الزوجة له بمدحها في عقلانيته، ومحاولتها الحديث معه وحده «لانه. عكلاني علي حد تعبيرها » قبل أن تقع الكارثة بينها وبين زوجها الذي يكشف عن سلوكها وتسلطها عليه وعلي كل شيء في الأسرة. من المتهم؟ من الجاني، ومن المجني عليه في هذه القضية؟ وهل أصبحت التقاليد والأعراف القديمة هي كل ما نمتلكه في حياتنا الاجتماعية؟ يشير الفيلم هنا إلي الآباء كمتهمين في حقوق الأبناء في محاكمة يجريها صناع الفيلم للآباء والأمهات ودورهم في افساد حياة ابنائهم بدلا من إصلاحها، واكتشاف الابناء أنهم لا يريدون ما يريده الآباء، فالابن الذي حضر مع والديه معتزا بقوته يتركهما ويدخل حجرة التليفزيون مع أصدقاء زوج أخته لأجل مباراة كرة قدم، والمطالب المالية من الزوج لأجل الطلاق يتباري محاميا الطرفان في الحديث عنها عبر الزووم، والحديث عن الرجولة، في مقابل الانوثة يصل بكل فرد إلي عرض آرائه الخاصة «عشان انت راجل، لازم تتحمل كل حاجة»، أما عن المرأة «مشكلة الست انها توافقك وترجع في كلامها، عشان كده بنقول كلام رجالة» وهكذا تتوالي الكلمات من أفراد الأسرتين معبرة عن كل ما يحمله تراثنا الشفهي من أحكام ومواصفات للرجل والمرأة، وليكتشف الجميع وهم في حالة من المواجهة أو الوش في الوش «خاصة بعد اكتشافهم أن باب الشقة لا يفتح» أن هناك اختلافا بين الكلام والواقع، ولا يعترفون بالاختلاف، ويكتشفون أخطاء الماضي والفارق بينها وبين الواقع، ويبحث كل منهم عن طريقة للخلاص من الموقف بعد إعادة الاكتشاف، الباشا زوج الهانم، والابن، والرجل وزوجته والدا البطل الذي يرفض تدخل اصدقائه، وكذلك ترفض الزوجة تدخل الصديقة ويكتشفان معا أنهما لا زالا يريدان بعضهما، وأن استدعاء أولياء أمورهما كان ورطة كبري، لكنها ضرورة قبل الاكتشاف الأخير.