أثار إعلان الهيئة الحكومية المسئولة عن مشروع سد النهضة اكتمال 90 % من عمليات البناء، جدلاً واسعاً خلال اليومين الماضيين، خاصة أن التصريحات الإثيوبية جاءت بعد ساعات من تحذير مصر من الأخطار الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للتحركات الأحادية على أحواض الأنهار المشتركة، في إشارة إلى سد النهضة، حيث أكد دكتور هانى سويلم، وزير الموارد المائية والرى خلال كلمته بمقر الأممالمتحدة في نيويورك، إن عملية البناء والملء والشروع في تشغيل سد النهضة تستمر من جانب أحادي بما يشكل خرقا للقانون الدولي، ويمكن أن تشكل خطرا وجوديا وكارثيا على نحو 150 مليون شخص، الأمر الذى أعتبرته أديس أبابا تحذيراً وقابلته بتعنت وتصريحات استفزازية لدولتى المصب. فيما أكد وزير الخارجية، سامح شكري، أن كل الخيارات والبدائل متاحة أمام مصر للتعامل مع أي تهديدات لإمداداتها المائية والدفاع عن مقدراتها ومصالح شعبها، مشيراً الى أن مصر لديها "إمكانياتها وعلاقاتها الخارجية وقدراتها"، مشدداً على أهمية التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم لتشغيل السد الإثيوبي وملئه، وهو نفس الموقف السودانى من الخطوات الأحادية للجانب الإثيوبى فى ملف يمثل تهديداً للأمن المائى، حيث أكد السودان تمسكه بالعملية التفاوضية برعاية الاتحاد الإفريقي إعمالاً لمبدأ الحلول الأفريقية للمشكلات الأفريقية على أن يلعب الخبراء دوراً أكثر فعالية في تسهيل التفاوض. فيما تواصل أديس أبابا مراوغتها، حيث أعلنت الخارجية الإثيوبية عن تجديدها للدعوة إلى حل بشأن السد عبر التفاوض، ومؤكدة التزامها بتسوية "في مصلحة الجميع"، وهى نفس الوعود الزائفة التى تلجأ اليها لاستنزاف مزيد من الوقت على مدار سنوات طويلة، منذ بداية المفاوضات بين الدول الثلاث عام 2011، ووقوع خلافات مفاهيمية وقانونية بينهم، حيث يتمسك كل من السودان ومصر بضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم وفقا لقواعد القانون الدولي وتشكيل آلية تنسيق تمنع أي اضرار تقول مصر إنها قد تلحق بأمنها المائي، في حين يتخوف السودان من تأثيره على سد الروصيرص القريب من السد الإثيوبي، وذلك نظرًا للفارق الكبير في الطاقة التخزينية بين السدين حيث تبلغ سعة الأخير 74 مليار متر مكعب مقبل 6 مليارات للأول. تسعى إثيوبيا إلى حصر المسألة في الاتفاق على موجهات استرشادية لتشغيل وملء السد، فيما تتمسك الأطراف الأخرى وهي السودان ومصر بالتوصل إلى، إضافة إلى اختلاف الرؤى حول آلية فض النزاعات، حيث ترى إثيوبيا الاكتفاء برفع الجوانب الخلافية إلى رؤساء الدول الثلاث حال الفشل في حسمها، وترى مصر ضرورة تضمين الاتفاق بندا يتيح رفع القضايا الخلافية إلى طرف ثالث لحسمها في حين ترى إثيوبيا أن دور الطرف الثالث يجب أن ينحصر في تقديم المشورة فقط. من جانبه، استنكر دكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي، الأمين العام للجنة الدولية للدفاع عن الموارد المائية، إعلان الهيئة الحكومية الإثيوبية المسؤولة عن مشروع سد النهضة اكتمال 90% من عمليات بناء السد الإثيوبي، دون الوصول لاتفاق قانوني ملزم بين الأطراف المشتركة في الحوض الدولي، مؤكداً أن كافة التصرفات الأحادية التي تنتهجها الحكومة الإثيوبية تضر بمصر والسودان، وتهدد استقرار الشعوب والمجتمعات، مشدداً على تعمد الجانب الإثيوبي الاستمرار في انتهاك القانون الدولي والضرب بكافة الاتفاقيات والمعاهدات الدولية عرض الحائط. وحذر "مهران" من التصرفات الإثيوبية الأحادية، قائلاً إن ما يحدث من انتهاكات جسيمة ضد الشعبين المصري والسوداني ينذر بنتائج وخيمة وسيترتب عليه إجراءات مصرية شديدة ستدافع بها عن حقوقها المائية التي تحميها قواعد القانون الدولي، مشدداً على أن استكمال عمليات بناء السد، ستؤدي لكثير من الأخطار الاقتصادية والاجتماعية والبيئية على أحواض الأنهار المشتركة، مضيفاً أن هذا يعد اعتداء صريحًا على حقوق ملايين من البشر، وحرمانهم من حقوقهم الإنسانية في الحصول على مياه للشرب. وأوضح مهران، أن كافة القواعد التي وضعتها الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة لعام 1997 بشأن الاستخدامات غير الملاحية للأنهار الدولية، لحل مثل هذه النزاعات لم تنتقص من حق الجانب الإثيوبي في التوسع في عملية التنمية أو البناء، ولكن في الوقت ذاته أكدت هذه القواعد مراعاة تأثير هذه السدود على الشعوب الأخرى، لا سيما وأن الدولة المصرية تعتمد اعتمادًا كليًّا على نهر النيل كمصدر للمياه، وتقليل حصتها سيعرضها لاضطراب اجتماعي واقتصادي كبير. وأضاف أستاذ القانون، أن موقف مصر ثابت فى ملف سد النهضة بوجوب الوصول لاتفاق قانوني ملزم بين الأطراف المتنازعة، محذرا من تفاقم الأزمة التي تضر باستقرار المنطقة، نظراً لأن أزمة سد النهضة تعتبر قضية وجودية بالنسبة لمصر والسودان، وأن أمنها المائي جزء لا يتجزأ من الأمن المائي العربي، مناشداً المجتمع الدولي بضرورة دعم الموقف المصري والتدخل بشكل عاجل لحماية حقوق مصر واستخداماتها المائية من مياه النيل.