ماجدة موريس هل تكتب السوشيال ميديا لنا تاريخا جديدا ؟ هل تكتب لنا مواقع السوشيال ميديا، التي تزداد كل يوم، تاريخا جديدا ؟ أم تقدم التاريخ المخفي لمن يرحلون ؟ أم تضيف إلي هذا التاريخ ؟ الإجابة تستحق البحث، خاصة حين يرتبط الماضي بالحاضر بمناسبة، غالبا حزينة مثل رحيل المغنية الكبيرة شريفة فاضل منذ أيام قليلة ووداعها يوم الاثنين الماضي، وذلك الفيضان من الإخبار والتعقيبات والتفسيرات علي مسيرتها الفنية الكبيرة، والتي تجاوزت النصف قرن منذ بدأت تغني، واستطاعت أن تدخل القلوب بصوت قوي، حنون، وأحاسيس صادقة، وقدرة علي تقديم كل الموضوعات التي تخص الحياة، وليس الحب والعاطفة فقط، فغنت للناس في دعم أفراحهم (مبروك عليك يا معجباني يا غالي ) وغيرها، وغنت لشهر رمضان (والله لسه بدري يا شهر الصيام ) وغنت للفلاحين (فلاح كان فايت ) وللعمال(يا حلاوة الايد الشغالة ) وللوطن (دور لف الدنيا بحالها، راح ترجع هنا )،وللمستقبل (أمانة يا بكرة ) وأيضا لليل والصباح والكاذبون والصادقون، كانت نموذجا فريدا للفنانة التي تغني للحياة، وتنشر البهجة حين تتواجد في أي حفل للغناء فلديها ما يلمس قلوب الجمهور،غير أن تجربتها الخاصة مع الحياة أهدتنا أغنية لا يمكن نسيانها هي (أم البطل ). أنا أم البطل جاءت أغنية (أم البطل )لتصنع معها، ومعنا ،علاقة خاصة بين الفن وتعبيره عن الواقع وبطولاته، فقد استشهد ابنها الأكبر الضابط (سيد سيد بدير ) في حرب أكتوبر المجيدة، ولم تتوقف دموعها إلا بعد أن كتبت لها صديقتها الشاعرة فاطمة قنديل كلمات لحنها الموسيقار علي إسماعيل وأصبحت الأغنية أيقونة العزاء لكل أمهات شهداء مصر الأبرار، بل وعزائها هي مجددا بعد رحيل ابنها الأصغر (سعيد سيد بدير )عالم الفضاء في ظروف غامضة عام1989وبعدها استمرت، بل حاولت الاستمرار، ولكن تغير الأجواء والظروف، قلل من توهجها، وتراجع اهتمام الدولة بالفن ونشره وانتشاره غيب جيل كامل عن الحضور الفني، وهي من بينهم، وبعدها ظهرت مواقع التواصل الاجتماعي ، وصعدت لتأخذ المبادرة الإعلامية من الصحف وقنوات التليفزيون، والإذاعة، وتبحث عن( اللوك ) قبل الموهبة، وعن ( التريند ) قبل المصداقية، ومن هنا توارت أخبار المطربة الكبيرة التي وجدت عنها، بعد الرحيل كلام مهم للغاية مثل مشاركتها في الاعتصام الشهير للفنانين بنقابتهم عام 1987 والندوات التي أقامها الفنانون أيامها اعتراضا علي قانون جديد يقيد النقابات الفنية والمهنية، واكتشاف زملاء المهن الفنية أصالتها وهي تغني معهم اسلمي يا مصر وبلادي بلادي، وأيضا اكتشفوا تمتعها بملامح بنت البلد وصدقها وإنسانيتها، أنها كلمات لم تدون عن تاريخها ولكنها شهادة كاتبة كبيرة عنها بعد الرحيل . لماذا يتجاهلونني تغضبنا (إذاعة الأغاني) أحيانا بقدر ما يسعدنا متابعتها، والسبب هو تجاهلها للكثير من مبدعي الغناء المصري ،ومنهم شريفة فاضل التي لم نعد نسمعها منذ زمن، وغيرها من نجوم الغناء ، وكنت اعتقد أن أغنية مثل (أم البطل )ستكون دائما حاضرة أثناء احتفالاتنا بأبطالنا الشهداء ،وتكريم الرئيس لأمهاتهم، ولكنها لا تذاع لا علي موجات الإذاعة ولا التليفزيون، وفي رحلة البحث عن الفنانة الراحلة عثرت علي ڤيديو مهم عرفت منه السر في عدم إذاعة الأغنية والذي أدلت به إلي الفنان سمير صبري من خلال احدي حلقات برنامج (النادي الدولي )الذي كان يقدمه علي شاشة الأولي في التسعينات، حين سألها عن الأغنية قالت له، إنها علمت أنها مسحت من تسجيلات الإذاعة،أعاد السؤال بدهشة فأكدت له الجواب، أربعة تسجيلات مسحت (وبقي تسجيل وحيد للنادي الدولي) ! ،وفي ڤيديو آخر، اشتكت من تجاهلها من الإذاعة، ومن الحفلات الغنائية التي تقام في كل مصر من خلال الإذاعة والتليفزيون، قائلة(إنا مش عارفة ليه متجاهليني في حفلات الإذاعة والتليفزيون )، وداعا شريفة فاضل .