ضوء في نهاية النفق؟ *د.جودة عبد الخالق السؤال هنا يشير إلى ما قرره رئيس الجمهورية في حفل إفطار الأسرة المصرية يوم 26 أبريل. فقد جاءت القرارات في ثلاثة عشر بندا تتعلق بالعديد من مجالات العمل الوطنى سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. ولكنى أتوقف هنا عند ما جاء في البند الثامن "بتكليف ادارة المؤتمر الوطنى للشباب بالتنسيق مع كل التيارات السياسية الحزبية والشبابية لإدارة حوار سياسى حول أولويات العمل الوطنى خلال المرحلة الراهنة". واتصالا بشئون الإصلاح السياسى والاقتصادي، فإننى أستدعى هنا مقالا بعنوان "خطاب مفتوح الى السيد الرئيس" نشرته منذ عامين تقريبا، وتحديدا بتاريخ 7 أكتوبر 2020. ونظرا للارتباط الشديد بين ما جاء في ذلك المقال والقرارات التي أعلنها الرئيس في حفل الإفطار، أستأذن القراء الأعزاء في إعادة نشر المقال بكامله، تمهيدا لمناقشة قرارات الرئيس الأخيرة في مقالات قادمة. وإلى نص المقال. انطلاقا من أرضية مصرية خالصة، وفي مناسبة وطنية خالدة، واستشعارا لحرج اللحظة التاريخية، أتوجه بهذا الخطاب المفتوح إلى رئيس الجمهورية. سيادة الرئيس أولا: أتوجه إليكم وإلى الشعب المصرى العظيم وكل شعوب الأمة العربية ، وإلى الجيش المصرى الباسل، بخالص التهنئة بمناسبة الذكرى السابعة والأربعين لانتصار أكتوبر المجيد. ثانيا: لقد تحملت فئات عريضة من المجتمع ضغوطا متزايدة، نتيجة ما يسمى الإصلاح الاقتصادى ومفعول جائحة كورونا. ثم جاءت قرارات تخفيض وزن الرغيف ومضاعفة رسوم الدراسة وغرامات مخالفات البناء لتضيف أعباء جديدة على كاهل الناس. إن الفقراء والطبقة الوسطى يكابدون ويتألمون فى صبر وصمت. وعلينا أن نتحاشى اللحظة التى ينفد فيها صبرهم وينتهى صمتهم. لذلك نكرر دعوتنا لعقد مؤتمر وطنى للإصلاح الاقتصادى تناقش فيه كل القضايا بمشاركة الجميع، بحيث يتحول بلدنا من اقتصاد ريعى إلى اقتصاد إنتاجى. ثالثا: رغم الجهود المبذولة للحماية الاجتماعية، فإن ميزان العدالة الإجتماعية قد مال ميلا شديدا. وتضاعفت أعداد الفقراء واتسعت الفوارق بين فئات الشعب. وأصبحت ميزانية الدولة موظفة لصالح الأغنياء وعلى حساب الفقراء ومتوسطى الحال. فمثلا في موازنة الدولة 2020/2021 نجد أن البند الأول في المصروفات هو التزامات فوائد الدين العام (566 مليارات جنيه بنسبة تبلغ رُبْع المصرفات) وليس الأجور أو الدعم (335 مليارات و 326 مليارات جنيه على التوالي). وإذا أضفنا استحقاقات أقساط الدين (556 مليارات جنيه) نجد أن حوالى نصف الموازنة العامة يذهب لخدمة الدين العام. فما الذى يبقى للخدمات الاجتماعية التي هي أساس قوة الدولة مثل التعليم و الصحة؟ رابعا: هناك إحساس حقيقى متزايد بأن سقف الحقوق والحريات العامة قد انخفض كثيرا ويحتاج إلى رفع كبير. وما زال الشباب هم الرقم الأصعب فى معادلة الحكم فى مصر. ومن الواضح أننا نحتاج إلى صيغة جدبدة لمعالجة هذا الملف الحساس ولإدماج الشباب فى حياة المجتمع. ورغم أنكم قلتم أن الولاية الثانية ستشهد تنشيط الحياة السياسية و بناء الإنسان، لكننا حتى الآن لا نلمس مؤشرات تدل على ذلك أو خطوات تؤدى إليه. وقد طالبنا مرارا بعقد مؤتمر تشارك فيه كل القوى الوطنية المؤمنة بالدولة المدنية الديمقراطية لمناقشة قضايا الحكم في مصر لإنعاش الحياة السياسية وتنشيط الأحزاب. خامسا: أقول إن الوضع الحالي مؤلم وقاس، وهو غير قابل للاستمرار. الأمر جد خطير. وإذا لم نتدارك كارثة الغلاء وتراكم الأعباء التي تعصف بالفقراء والمعدومين، وما لم يتم فتح المجال السياسى و تعزيز حرية الرأي والتعبير، فسوف تستمر المعاناة. وختاما: أرجو مخلصا يا سيادة الرئيس ألا تستمع لبطانة السوء. وأن نقوم بما يلزم لرفع المعاناة عن شعبنا، وخاصة الفقراء والطبقة الوسطى. مع تمنياتى بالتوفيق لصالح البلاد والعباد. انتهى نص المقال. ولعل القراء الأعزاء يتذكرون كيف أننى في حينه فَوَّتُّ الفرصة على الإعلام المُعادى لاستغلال المقال في تحقيق أغراضه الخبيثة. فنحن نسعى للبناء لا للهدم، ونعمل على تطبيق أهم شعارات ثورة يناير "عيش .. حرية .. عدالة اجتماعية .. كرامة انسانية"، ونطمح لأن نكون شعبا سيدا في وطن سيد. ولذلك آمل أن يؤدى التفاعل مع كلام الرئيس الى ضوء كاشف في نهاية النفق. ونتابع في مقالات قادمة.