شكشكة ذاكرة الجدران 1 بقلم إقبال بركة ومنذ بداية عملى الصحفي شغلتنى كثيرا قضية «الوحدة الوطنية» بين المسلمين والمسحيين في مصر إلى جانب قضية المرأة، وكتبت في القضيتين مقالات عديدة فى المجلات التى عملت بها «صباح الخير» و«روزاليوسف» و«حواء» و«الأهالى». وبعد 45 عاماً على صدور روايتى الأولى «ولنظل أصدقاء إلى الأبد»، وانشغالى بالصحافة والمقالات الاجتماعية، نشرت روايتى «ذاكرة الجدران» عن الهيئة المصرية العامة للكتاب «عام 2015م»، وقد حظيت الرواية بعدد كبير من التعليقات واعتبرها بعض النقاد سجلاً أدبياً لمصر طوال مائة عام، ولكن بالنسبة لي كانت هذه الرواية استكمالاً لانشغالي بقضيتين هما قضية المرأة، وقضية الوحدة الوطنية. والقضيتان، فى رأيي، هما أخطر ما يعوق مسيرة المجتمع العربى. وحيث إنهما لم تحسما بشكل نهائى حتى اليوم، فقد رأيت أن اذكر قرائي بما كتبته حولهما فى روايتى، وما كتبه آخرون عنها. وقد كتب الكثيرون عن هذه الرواية سوف استعرض بعض كتاباتهم دون ذكر أسمائهم. ورواية «ذاكرة الجدران» تستعرض تفاصيل البيوت التي أقامت بطلة الرواية بين جدرانها، وما تضمه من علاقات إنسانية وما مرت به من أحداث كثيرة. البعض استقبل فيها الحياة والبعض الآخر ودعها، وما شهدته من زواج وطلاق وحب وخيانات زوجية ومعارك وجلسات صلح وصفقات تجارية.. الخ. تقول بطلة الرواية: «تتراكم الأحداث في رأسي رغم أني لم أعايش أغلبها، وقرأت بعضها في أجندات جدي التي وجدتها وسمعت البعض الآخر من أبي». تبدأ الرواية بغربة نفسية عميقة، ووحدة يشعر بها «مكرم» بطل الرواية، وهو «محام فاشل» اعتزل مهنته، وقطع صلاته بمن حوله بعد موت زوجته «فيولا» وهجرة أقرب أصدقائه، ولم يعد يجد عزاء إلا في استدعاء التحولات الاجتماعية والسياسية لمصر، منذ جاء جده «عوض جيد عبدالمسيح» من محافظة أسيوط الجنوبية إلى العاصمة «القاهرة» فى بداية القرن العشرين، لإتمام صفقة بيع محصول القطن الخاص به. سحرت القاهرة عوض، فقرر أن يشترى أرضا بها واختار حي الزمالك الراقي لكى يبنى به بيته. وعندما حضرت زوجته «دميانة» إلى القاهرة افتتنت هى أيضاً بالقاهرة وقررت ان تستقر بها إلى جانب زوجها. ولا شك أن الفرق بين المدينتين، القاهرة واسيوط كان شاسعا فى ذلك الوقت. وكذلك بين قاهرة أوائل القرن الماضى واليوم. وقد رأى بعض النقاد أنى «تحديت المسلمات وحطمت الحواجز والموانع التي تفرق بين أبناء الوطن الواحد. فهى لم تعش الأحداث ولكنها تتخيلها». كذلك رأى البعض أن الرواية توغلت في المسكوت عنه وتعمقت في علاقة الثنائيات مثل علاقة الماضي والحاضر والمسلمين والأقباط والمرأة والرجل، بأسلوب سلس وبجرأة، إننى قمت بطرح تساؤلات عدة حول مستقبل مصر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير. واستكمل الأسبوع القادم بإذن الله تعالى.