ضد التيار الجمهور هو البطل أمينة النقاش قبل عدة سنوات، خرج ممثل مصرى شهير ممن شاركوا فى لجان التحكيم فى إحدى دورات مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، ليعلن فى تصريحات صحفية ،أنه بذل مجهودا كبيرا داخل لجنة التحكيم، لكى تحصل السينما المصرية على عدد من الجوائز . وأنه نجح بضغوطه وحيلته وذكائه، أن يجذب أعضاء لجنة التحكيم إلى جانبه بما فى ذلك التهديد بالانسحاب من اللجنة ، إذا لم تحصل الأفلام المصرية المشاركة فى المسابقة على الجوائز . وحين نبهه آخرون أن تصريحاته، تطعن فى مصداقية لجان التحكيم ، وتنتقص من مكانة المهرجان الذى يكافح كفاح الأبطال منذ دورته الأولى فى العام 1976 لتثبيت مكانته بما يليق بعراقة السينما المصرية وريادتها فى المنطقة ، وأنه كان يمكن له أن يقول مايشاء داخل لجان التحكيم ، دون أن يكشف مداولاتها لوسائل الإعلام ، دافع عن موقفه بقول جملته الشهيرة : أنا بدافع عن بلدى مصر داخل لجنة التحكيم وخارجها ! تذكرت تلك الحكاية الخائبة التى تكشف نوع الجرائم التى يتم ارتكابها باسم مصر ، وباسم الدفاع عنها والحفاظ على سمعتها ، وأنا اتابع مع ملايين غيرى، بفرح غامر ختام الدورة 43 لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى ، وحفل توزيع الجوائز للأفلام المشاركة ، التى قدمته باقتدار ونعومة وذكاء وحضور خلاب الإعلامية البارعة "جاسمين طه " . وعلى مدار عشرة أيام من العروض والندوات والمناقشات والمحاضرات، والمتابعات اليومية النابضة بالحيوية والحياة لقناة dmc،إحدى الجهات الراعية للمهرجان ، لم يستطع الكتاب والنقاد والصحفيون ممن يتابعون أفلامه، التوصل لأى توقع بشأن الجوائز المحتملة للأفلام المشاركة للتنافس عليها . وللمرة الأولى فى تاريخ المهرجان بلغ عدد الأفلام المشاركة 98 فيلما من 63 دولة ، بينها 48 فيلما تعرض لأول مرة فى منطقتنا وفى أفريقيا. ومعنى ذلك أن الجدية والصرامة والموضوعية ،كانت هى معايير تشكيل لجان التحكيم فى الأقسام المتنوعة للتسابق على جوائز المهرجان . وربما شكلت الأفلام التى حصدت الجوائز من مختلف أنحاء العالم مفاجأة للجميع ،على رأسها الفيلم المكسيكى الحائز على أرفع جوائز المهرجان، جائزة الهرم الذهبى ، والفيلم الأردنى الحائز على جائزة الجمهور المصرى، لتؤكد مصداقية تلك اللجان وأحكامها الاحترافية والمهنية والفنية، التى ترسخ مكانة مهرجان القاهرة، وتضعه بقوة على خريطة المنافسة فى المهرجانات الإقليمية والدولية . الظاهرة المهمة التى تستدعى اهتمام كل المنشغلين بقضايا الفنون والوطن ،هى ذلك التزاحم غير المسبوق لجمهور معظمه من الشباب ، لمشاهدة الأفلام والمشاركة فى المناقشات والندوات واللقاءات الفنية، وهى فرصة غنية بالمعرفة بما تعكسه بأدوات سحر السينما وفتنتها من أذواق وعادات وثقافات شعوب العالم ، وبما تساهم به فى تشكيل الذوق العام ، وبما يمكن أن تلعبه من دور محورى فى تشكيل وعى الشعوب ، وهو دور لايمكن أن يكتمل ، مع هذا التراجع المخيف فى الانتاج السينمائى المصرى ، وقد تمثل هذه المرة بمشاركة فيلم روائى مصرى يتيم من الانتاج الخاص، فى أعمال المهرجان . وكانت القدرة على الوصول إلى 42 ألف تذكرة محل فخر رئيس المهرجان "محمد حفظى " لتحقيق رقم جديد فى الاقبال عليه ، فضلا عما قدمه من عروض تعكس مختلف الثقافات والاتجاهات السينمائية، بما يتيح ساحة للتعلم للسينمائيين وتبادل الخبرات ، بالاضافة إلى الفرص التى يتيحها لتمويل افلام جديدة. لرئيس المهرجان "محمد حفظى " والفريق المعاون الذى أحسن اختياره ، دور يدعو للاحترام والاعجاب والتقدير، فى نجاح المهرجان وتقدمه سنة وراء أخرى .فهذا الشاب الأربعينى دارس الهندسة فى الجامعات البريطانية، عشق السينما وهام بها، فوظف لها مهاراته المهنية، وما فى حوزته من مال، للارتقاء بها كمنتج وسيناريست يدقق فى المعنى والمحتوى والرسالة قبل جنى الأرباح . وحين قبل اختيار الفنانة وزيرة الثقافة الدكتورة "إيناس عبد الدايم " له لقيادة مهرجان القاهرة ،جمع إلى كل ذلك ، علاقاته المتنوعة بالأوساط السينمائية العربية والدولية ، من أجل خدمة عامة ، قد تكون على حساب مشاريعه الخاصة ، وعكف على تطوير المهرجان والنهوض به .وقدم خلال 4 دورات نموذجا للمثقف الملتزم صاحب التفكير الراقى الخلاق ، والروح السامية التى تسعد بأداء خدمة عامة .ولعل ذلك ان يكون حافزا يستدعى دعم كل الأطراف حكومية وخاصة ، لمسيرة مهرجان القاهرة ،ومساندة كل محبى السينما والحريصين على مستقبل واعد لهذا الوطن، بما ينطوى عليه ذلك من مساهمة فعالة ، للارتقاء بالوعى العام لمواطنيه، وعودة قطاع الانتاج السينمائى للازدهار.