مهرجان الاسماعيلية وخرائط أحلام البشر ماجدة موريس كان الحلم الامريكي هو الهدف، وحوله جاءت شهاداتهم من كل البلاد، من كولومبيا الي البرازيل، ومن الارچنتين الي اكوادور وهندوراس، كل بلاد القارة تقريبا ذهب اليها مخرج هذا الفيلم الوثائقي «خريطة احلام امريكا اللاتينية» ليسأل عن أحوال الناس فيها، ويسمع شهاداتهم عن حياتهم، واحلامهم، واوجاعهم، ومن رجل لامرأة، ومن شاب لطفلة، بدا واضحا ان الاوجاع هي الاكثر انتشارا عند الجميع، وان الغلب والفقر لا يقارنان بمكان آخر في العالم، وبالتالي كان الحلم بالذهاب الي امريكا هو الحل، بعبور الحائط الاسمنتي، او باي طريقة اخري، وللدرجة التي اصبحت فيها المدن القريبة من الحدود الامريكية هدفا لمن يحلمون، سواء عبروا، او لا، كما قال رجل وأمرأته في النهاية، فقد نفدت نقودهم قبل العبور ومصاريفه، فبقوا في المدينة الحدودية يستقبلون الذين عبروا، ثم عادوا لقضاء اجازاتهم، وصرف مدخراتهم قبل العودة من جديد، فيلم ملئ بالتفاصيل المدهشة عن الحياة والناس، والتفاصيل المرعبة عن جماعات العنف واغتيال البشر، الذين هم اجمل ما فيه، اي الناس، واعترافاتهم المختلفة والموجعة والتي تدفعك كمشاهد الي تأمل المشترك بينك وبينهم، وايضا المختلف معهم في امور عديدة، لكن، تبقي العدالة والانسانية هي حلم الجميع، وغير هذا الفيلم المهم لمخرجه الارچنتيني مارتن ويبر تأتينا تسعة افلام تسجيلية طويلة في مهرجان الاسماعيلية الدولي للافلام التسجيلية والقصيرة الذي اعلنت جوائزه مساء أمس الثلاثاء في حفل الختام بعد دورة حافلة بالافلام والمناقشات والمسابقات، وأيضا بالتجديدات في البرامج، فبجانب مسابقات الافلام التسجيلية الطويلة، والقصيرة، ومسابقة الافلام الروائية القصيرة، ومسابقة افلام التحريك، «15 فيلما»، جاءت مسابقة افلام الطلبة لتضيف الي المهرجان مساحة ضرورية لفناني المستقبل من طلبة وطالبات معهد السينما واقسامها في الجامعات والمؤسسات المهتمة بالسينما في مصر، وغير افلام هذه المسابقات الخمسة التي عرضت بقصر ثقافة الاسماعيلية بعد تجديده واستعادته لنشاط قديم وممتد منذ سنوات طويلة تتجاوز عدد دورات المهرجان نفسه الثانية والعشرين، فقد أضاف المركز القومي للسينما ورئيسه الجديد السيناريست محمد الباسوسي، ورئيس المهرجان الناقد عصام زكريا، أضافا الي هذه الانشطة الفيلمية برنامجا جديدا يخص الافلام القصيرة التي قام ببطولتها نجوم ونجمات السينما الروائية الطويلة في مبادرة لدعم السينما الشابة، حيث ان صناع السينما القصيرة غالبا ما يكونون من الشباب القادم حديثا الي عالم الفن السابع، وبالتالي يبحثون عن الدعم المعنوي من خلال شهرة النجوم الكبار، «او مخرجين محبين للفيلم القصير اساسا»، ومن هنا رأينا افلام روائية جميلة عبر هذا البرنامج قامت ببطولتها صفية العمري، وبسمة، وسلوي محمد علي، واحمد بدير، واحمد كمال، وجاء حضورهم والمناقشة معهم في قضايا متعددة تخص الفن و السينما ودور الممثل مفيد في فتح آفاق الحوار حول قضايا معاصرة ومتجددة في صناعة الفن ودورها الثقافي. من«قفص السكر» الي «ادعوك لاعدامي» مابين «قفص السكر » و«بيت أتنين تلاتة» طرحت الافلام الطويلة القضايا السورية واللبنانية ضمن قضايا العالم التي بدأنا بها، وحيث تقدم المخرجة زينة القهوجي في «قفص السكر» الحياة اليومية لوالديها المسنين، والعزلة المنزلية التي تحول جدران شقتهما الي كل العالم، وتحول الكلمات الي همسات ونظرات في بلاغة موجعة، اما المخرجة ربي عطية فتقدم عبر فيلمها«بيت اتنين تلاتة» قصة حياتها وحياة اللبنانيين من خلال محاولة استعادة ذاكرة امها التي كانت شخصية عامة قوية اضطرت لترك بلدها بعد الحرب اللبنانية، ومن بلد لآخر فقدت الابنة بوصلتها وحين حاولت استعادتها كان للام رأي آخر، الملفت هنا ان مصر مشاركة في انتاج الفيلمين بينما لا يوجد فيلم مصري في المسابقة نفسها، وهي نفس المعادلة في فيلم إيطالي شاركت في انتاجه سويسرا ولبنان بعنوان «قفزة أخري» للمخرج إيمانويل جيروسا عن فلسطين وفرقة باركور التي يعيش شبابها في قطاع غزة ويقومون بأنشطة رياضية وفنية وترفيهية في مقاومة عنف الاحتلال الاسرائيلي وتوحش قواته، وفي الافلام التسجيلية القصيرة يفاجئنا فيلم المخرج نيكولاس خوري «مدينة وامرأة» عن تأثيرات انفجار مرفأ بيروت المروعة، وافلام من السودان والمغرب والكويت والامارات، ومصر، ويفاجئنا الفيلم الفرنسي «ادعوك لاعدامي» لمخرجته نينيو كيرتادزا بقصة تهريب الكاتب الروسي بوريس باسترناك لقصته الشهيرة «دكتور زيفاجو» حتي ينقذها من الاعدام لانتقادها للثورة الروسية آنذاك .واخيرا الفيلم مصري في هذه المسابقة للمخرج عمرو بيومي هو«خلف حاجز اسمنتي شفاف» يقدم فيه قصة رائعة عن علاقة الانسان بالحياة والبيئة من خلال شجرة صغيرة، قوية الحضور، في شارعه تقاوم كل التغيرات في المكان، ومنها اقتلاع اشجار اخري واقامة حاجز اسمنتي قوي، ولكنها تستمر .وهناك افلام اخري رائعة تستحق الكتابة عنها، وهو ما سيحدث لاحقا بإذن الله، ، خاصة وان المهرجان عرض افلام دورتين في دورته هذه، كما اعلن عن اضافة ورش عمل لشباب الاسماعيلية المحب للسينما في الدورة القادمة وهذا امر مهم، خاصة مع حضور بارز للشباب لعروض المهرجان ووجود فريق من المتطوعين من هذا البلد الجميل لخدمة ضيوف المهرجان.