جددت أديس أبابا تأكيدها المستمر على المضي قدما في الملء الثاني لسد النهضة، حيث شرعت في الإجراءات الفنية بفتح البوابات العليا للسد، تمهيدا للملء الثاني في موسم الأمطار المقبل، حيث أظهرت الصور الفضائية، اول امس، توقف عبور المياه من أعلى الممر الأوسط للسد، واندفاعها من البوابتين العلويتين فقط، وهذا معناه بدء جفاف الممر الأوسط تمهيدا لرمى الخرسانة وتعليته الى مستوى 595 مترا فوق سطح البحر (30 مترا جديدة) لتخزين اجمالى 18.5 مليار متر مكعب فى يوليو القادم. في وقت تسارع فيه مصر والسودان لقطع الطريق عليها بتحركات إقليمية ودولية ورفع خطابات لمجلس الأمن في مسلك قانوني لتأمينهما في حال أخذت القضية منحى آخر، كما اعلنت القاهرة تحفظها ورفضها الكامل للإجراءات الإثيوبية الأخيرة المتعلقة بفتح المخارج المنخفضة بالسد تمهيدًا لتجفيف الجزء الأوسط، مشيرة الى أن القادة فى إثيوبيا يريدون تحقيق مكسب سياسى من الملء الثاني، وليس تحقيق تنمية أو توليد الكهرباء مثلما يقال، كما ان الحديث على أن إثيوبيا ستولد الكهرباء من السد فى الملء الثاني لن يحدث، بسبب أن التوربينات غير جاهزة، واصرار دولة المنبع على إقامة سد دون التوافق مع دولتى المصب يلحق أضرارا واضحة بدول المصب، ولذلك تلجأ مصر والخرطوم إلى المجتمع الدولي لإظهار التعنت فى المفاوضات، وانها غير جادة فى اتفاقياتها الدولية، وأوضحت وزارة الرى أن مصر ليست ضد التنمية في اثيوبيا ولكن دون الإضرار بمصر، خاصة أنه سيتم تخفيض المياه من 22 مليارا إلى 2 مليار متر مكعب، بسبب هذه الاجراءات الاحادية في ملء السد. جاء ذلك فى الوقت الذى يقوم فيه وزير الخارجية، سامح شكرى، بجولة الى بعض الدول الافريقية، بشكل محدد للغاية، خاصة أنها تجمع دولا أعضاء بجامعة الدول العربية مثل جزر القمر وتونس، ودول لها وزنها بالاتحاد الإفريقي مثل الكونغو الديمقراطية التي تتولى الرئاسة الحالية للاتحاد، وكينيا التي تشغل العضوية غير الدائمة بمجلس الأمن ممثلة عن القارة الإفريقية، حاملًا رسائل خاصة من الرئيس عبدالفتاح السيسي، لشرح تطورات ملف السد والموقف المصري حياله ووصف دبلوماسيون ومحللون، هذه الزيارة ب"المهمة والاستراتيجية" من حيث توقيتها وأهدافها، والتي تعبر عن تحرك مصري متعدد تجاه الدول الأفريقية، يهدف لبناء موقف مصري إفريقي من تطورات السد قبل الملء، وحشد مواقف إفريقية مباشرة قبل المضي قدمًا في تدويل الملف ونقله إلى الساحة الدولية، خاصة أن التحرك يشمل دولا متنوعة على الصعيد الإفريقي والعربي. على جانب آخر، عقدت وزيرة الخارجية مريم الصادق المهدي، اجتماعا لسفراء الدول الأعضاء بالإتحاد الأفريقي المعتمدين لدى الخرطوم، وقدمت الوزيرة شرحا مفصلا عن مخرجات مفاوضات سد النهضة التي جرت مؤخرا في كينشاسا، موضحة موقف السودان الثابت بضرورة التوصل لإتفاق ملزم قبل المضي في الملء الثاني للسد من الجانب الاثيوبي، وأعربت عن تطلعها لدعم الدول الأفريقية للتوصل لحلول شاملة ومرضية لجميع الأطراف، مشيرة إلى أن السودان تقدم بمقترح الوساطة الرباعية سعيا للتوصل لإتفاق عاجل، مؤكدة ضرورة توفر الإرادة السياسية لتحقيق المكاسب المرجوة من السد للأطراف الثلاثة. فيما يرى مراقبون ان بدء اثيوبيا فى هذه الاجراءات، يلغي جدوى المفاوضات مع دول المصب التي ترفض الملء الثاني بشكل منفرد ، والذي قد يتسبب في مخاطر كبيرة. وعن أضرار الملء الثاني للسد، يقول دكتور أحمد فوزى دياب، خبير الموارد المائية والرى بالامم المتحدة، إن مصر استعدت خلال السنوات السابقة بتجهيز السد العالى صمام الأمان لمصر وحاميها من الفيضان والجفاف، وعند تشغيل سد النهضة لا شك فى ذلك، مؤكدا أن الأضرار ليست مائية فقط، بل أن تنفيذ سد النهضة بهذه الطريقة سوف يفتح الباب لإثيوبيا وغيرها لإقامة السدود الأخرى بنفس الطريقة، وفي خطة إثيوبيا المستقبلية بناء 3 سدود كبرى أخرى وعدة سدود متوسطة على النيل الأزرق ومجموعة سدود أخرى على نهري السوباط وعطبرة، وأوضح دياب، أن إثيوبيا إنتهكت الإتفاقيات السابقة، وإستمرت فى بناء السد أثناء التفاوض، ولم تعطِ الفرصة لعمل الدراسات التي أوصت بها لجنة الخبراء الدوليين، وإنفردت بقرار التخزين العام الماضي، وفى طريقها الآن للتخزين الثانى هذا العام، وقال إن إثيوبيا زادت من خصائص السد من 11.1 الى 74 مليار متر مكعب بما يعد قنبلة مائية على السودان، التى تقع أسفل السد بحوالى 350 مترا، الذى قد يتسبب في طوفان على السودان وممكن ان يصل الضرر إلى السد العالى فى مصر.