*قتلت الشرطة البرازيلية 6220 شخصًا 75% منهم من السود عام 2018 كتب فادي حسين: أعاد مقتل جورج فلويد، وبريونا تيلور، وأحمد أربيري وهم ثلاثة من السود الأمريكان للأذهان مصطلح العنصرية. تعتبر العنصرية من أبشع الجرائم التي ترتكب في حق البشر، فالعنصرية تتمثل في اضطهاد الغير، والتعامل معه بدونية مع إظهار مشاعر الكره والعدوانية، وكثيراً ما يصل الأمر إلى الإيذاء النفسي أو الجسماني مما يؤدي إلي أضرار جسيمة علي الفرد و المجتمع, و للعنصرية جذور تاريخية بدأت منذ ظهور تجارة الرقيق والتي لازالت قائمة إلى الآن ويتم ممارستها مع أصحاب البشرة السوداء من الأفارقة وذلك لمجرد أن لون بشرتهم سوداء. ذَكَّرت واقعة القتل المتعمد العالم بأن عنصرية النظام لا تزال حقيقة جلية في الولاياتالمتحدة رغم ادعائها بأنها بلد الحريات, فكانت الاحتجاجات التي أعقبت تلك الواقعة ليست نتيجة مقتل الثلاثي فقط و إنما تعبير عن غضب ويأس أعمق بسبب العنصرية التي ابتلي بها هذا البلد منذ تأسيسه . تقوم العنصرية علي مجموعة من المعتقدات والأفكار والقناعات الذي تترسخ في أذهان الناس، والتي يمكن أن تتكون تلك الأفكار نتيجة لانتمائهم لجماعة معينة، أو عرق معين، أو حصولهم على ميزات وراثية معينة مثل (الصفات الاجتماعية، والثقافية)، مما يجعلهم يشعرون بأنهم أكثر تميزاً عن الآخرين، وأنهم ذات قيمة أعلى مما يعطي لهم مبرر بممارسة بعض الأفعال الذي تقلل من الآخر، وتعمل على تهميشه مما ينبئ بنتائج كارثية. الاحتجاجات فى مختلف الدول انتقلت تلك الاحتجاجات إلي مختلف بلدان العالم، حيث أظهرت الظلم العنصري الذي يتعرض له الكثير داخل بلدانهم. أداما تراوريه، وجواو بيدرو ماتوس بينتو، وديفيد دانغي جونيور، أسماء مختلفة من بلدان مختلفة، لكنهم مع ذلك ضحايا لقوا حتفهم، فاضطر العالم إلى النظر مجددا في وجود عنصرية النظام على مستوى العالم، فمواصلة إنكار وجود العنصرية، ورفض مواجهتها، سيؤديان إلى عالم أقل حيوية. العنصرية برعاية الدولة فالولاياتالمتحدة منذ استقلالها وهي أمة متعددة الأعراق، إلا أنها ترفض تلك الفكرة وحتي إن لم تعلن عن ذلك، وكافحت للتغلب على ما أشار إليه كثيرون بأنه الخطيئة الأصلية، وهي الرِق و ما أعقبها إلا أن العنصرية مازالت متفشية فيها وتثقل كاهلها لكن الأمريكيون السود هم من تحملوا العبء الأكبر من هذا الإرث. فالعنصرية متأصلة في الكثير من إداراتها فحسب تحليل أجرته الصحيفتان واشنطن بوست وجارديان، فإن احتمالات تعرض الأمريكيين السود العُزَّل للقتل على يد أفراد الشرطة تصل إلى ضعف ما يتعرض له البيض. إلا أن مشكلة العنصرية أعمق من ذلك بكثير، فلم تتوقف عند اعتداءات الشرطة فقط وإنما انتشرت في مجال الطب أيضا ففي عام2016 ، وجدت الأكاديمية الأمريكية الوطنية للعلوم أن % 29 من الطب الأمريكيين البيض في السنة الأولى من دراسة الطب كانوا يظنون أن دم السود يتخثر بسرعة أكبر من دم البيض، بجانب أن%21 منهم كانوا يعتقدون أن نظم مناعة أصحاب البشرة السوداء أقوى بكثير. وغالبا ما يؤدي هذا النوع من سوء الفهم إلى تقديم رعاية وقائية غير كافية وتوفير مستوى ادني من العلاج، مما يسفر عن نتائج صحية أسوأ للسود مقارنة بأصحاب البشرة البيضاء بوجه عام,كما نشرت جمعية القلب الأمريكية دراسة توصلت إلي أن الأفكار الطبية العنصرية ساهمت في جعل المرأة الأمريكية السوداء أكثر عرضة لاحتمالات الوفاة بمرض القلب بمقدار الثلث من المرأة البيضاء. بجانب السياسات التي تتبعها للتضييق علي أصحاب البشرة السوداء، إما عن طريق محاولات أعضاء الكونجرس الأمريكي المستميتة للفصل العنصري أو عن طريق نظام الخطوط الحمراء من جانب إدارة الإسكان الفيدرالية التي رفضت إعطاء قروض عقارية في أحياء أصحاب البشرة السمراء لتحرمهم من أكثر الطرق الشائعة لتكوين الثروة وهي ملكية المساكن, ونتيجة لتلك العوامل جاء في تقرير ماكنزي عام 2019 إن متوسط ثروات العائلات السوداء أقل بمقدار عشرة أضعاف من متوسط ثروات العائلات البيضاء. فالعنصرية وباء يتفشي في جميع دول العالم، فهي ليست موجودة فقط في الولاياتالمتحدةالأمريكية، إنما منتشرة في دول أخري مثل فرنسا، فرغم أن حالات القتل التي تقترفها الشرطة في فرنسا أقل من الولاياتالمتحدةالأمريكية، لكن أعمال العنف والتميز موجهة نحو الأقليات العرقية مقارنة بالفرنسيين البيض. والدليل الواضح علي ذلك أن احتمالات التحقق من هويات الشباب الذين يبدو من مظهرهم أنهم من أصول سوداء أو عربية اعلي بمقدار عشرين مرة ,وتشير التقارير إلى أن % 20 من السكان الفرنسيين الشباب السود أو العرب وقعوا ضحايا للأعمال الوحشية من قبل الشرطة مقارنة ب 8% من نظرائهم البيض. تميز فى العمل وعلي غرار الولاياتالمتحدةالأمريكية، فإن العنصرية تتفشي في قطاعات كثيرة حيث تقل فرص استدعاء الرجال لمقابلات التوظيف عندما يظن أصحاب العمل أنهم مسلمون بما يصل إلى أربعة أضعاف مقارنة بالمرشحين الذين يظنون أنهم مسيحيون، بناء علي العلاقة التي يروها بين الدين والعرق. وتوصلت دراسة أجرتها جامعة باريس في شرق كريتيل عام 2018 إلى أن المتقدمين لوظائف من أصحاب الأسماء التي تبدو عربية يتلقون ردودا أقل بنسبة% 25 من أصحاب الأسماء التي تبدو فرنسية. البرازيل والعنصرية وتسير البرازيل في نفس الطريق نحو التميز العنصري،ففي بلد معظم سكانه من جذور إفريقية كليا أو جزيئا يتأخر اللون الأسود في مؤشرات جودة المعيشة،و يعاني ففي عام 2012 كانت نسبة الأفارقة الذين وصلوا للتعليم ما بعد الثانوي لا تتجاوز 13% والبرازيليون السمر كان له النصيب الأكبر من حيث القتل علي يد الشرطة البرازيلية، ففي عام 2018 قتلت الشرطة 6220 شخصا 75% منهم من السود. ففي دراسة قام بها المعهد البرازيلي للجغرافيا والإحصاء أظهرت وجود فجوة بين مرتبات العاملين الذي يتم التميز بينهم علي أساس اللون, ليسجل متوسط دخول اللون الأبيض عن نظيره الأسود 74% زيادة وظلت الفجوة ثابتة لسنوات, ورغم تساوي المستوي التعليمي في الرجال إلا أنهم لا يحققون 70% من دخول من هم في مستواهم من البيض. أثار اقتصادية فتشير دراسة جوزيف لوسافيو بعنوان (تكلفة العنصرية علي الجميع) إلى أن العنصرية تؤثر اقتصاديا علي جميع الدول, ويظهر ذلك أيضا في الدول الثلاث السابقة، ففي أمريكا علي سبيل المثال يتوقع أن تصل خسائرها في الاستهلاك والاستثمار نتيجة للفجوة بين ثروات البيض والسود بمقدار يتراوح بين تريليون دولار أو أكثر في الفترة من 2019 و حتي 2028 ويترجم ذلك إلي تراجع متوقع في الناتج المحلي بين 4% إلى 6% في عام 2028. ويمكن لفرنسا أن تسجل قفزة في الناتج المحلي تصل إلي 1.5% في العشرين العام القادمة إذا أرادت توفير فرص عمل للجميع وفي التعليم لتقص الفجوات العنصرية. لذلك يجب علي الدول نبذ العنصرية ليس فقط من اجل التحسن الاقتصادي وإنما يجب أن تعترف بحقوق جميع البشر دون التميز العنصري، فالتنوع في صالح المجتمع.