آخر تحديث لسعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الأربعاء 24 أبريل 2024    الصوامع والشون بالمحافظات تواصل استقبال القمح من المزارعين    أسعار اللحوم اليوم الأربعاء 24 أبريل 2024 في أسواق الأقصر    ثانى أيام المقاطعة.. انخفاض سعر بعض أنواع السمك بدمياط    البنك المركزي: سداد 8.16 مليار دولار فوائد وأقساط ديون خارجية خلال الربع الأول من 2023/2024    اليوم.. «خطة النواب» تناقش موازنة مصلحة الجمارك المصرية للعام المالي 2024/ 2025    سويلم يلتقي المدير التنفيذي للشبكة الإسلامية لتنمية وإدارة مصادر المياه    الرئيس الإيراني يصل سريلانكا    جوزيب بوريل يدعو إلى خفض التوترات وتهدئة التصعيد بين إيران وإسرائيل    متحدث "البنتاجون": سنباشر قريبا بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة    بينهم نتنياهو.. تخوفات بإسرائيل من صدور مذكرات اعتقال دولية بحق مسؤولين كبار    رابطة العالم الإسلامي تدين مج.ازر الاحتلال الإسرائيلي في مجمع ناصر الطبي بغزة    مفوض حقوق الإنسان أكد وحدة قادة العالم لحماية المحاصرين في رفح.. «الاستعلامات»: تحذيرات مصر المتكررة وصلت إسرائيل من كافة القنوات    احتفالات مصر بذكرى تحرير سيناء.. تكريم الشهداء وافتتاح المشروعات التنموية والثقافية    لازم ياخد كارت أحمر .. ميدو يهاجم التحكيم في مباراة العين والهلال    مرشح لخلافة علي معلول.. مفاجأة جديدة لجماهير الأهلي    التشكيل المتوقع لباريس سان جيرمان ضد لوريان في الدوري الفرنسي    جدول ترتيب الدوري المصري قبل مباريات يوم الاربعاء 2024/4/24    اليوم.. طقس شديد الحرارة على جميع الأنحاء والعظمي بالقاهرة 41 درجة    شروط تقديم الأعذار المرضية قبل بدء امتحانات نهاية العام 2024.. التفاصيل والضوابط    تفاصيل الحالة المرورية في القاهرة والمحافظات.. كثافات أعلى كوبري أكتوبر    علاقة مُحرّمة.. فصل جديد في قضية مقت.ل طبيب بالتجمع الخامس.. بعد قليل    تاريخ مميز 24-4-2024.. تعرف على حظك اليوم والأبراج الأكثر ربحًا للمال    الكونجرس يقر نهائيا قانونا يستهدف تغيير ملكية تطبيق التواصل الاجتماعي تيك توك    الشيوخ الأمريكي يوافق على 95 مليار دولار مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا    الكرم العربي أعاق وصولها للعالمية، "بيتزا المنسف" تثير الجدل في الأردن (فيديو)    تعرف على مدرب ورشة فن الإلقاء في الدورة ال17 للمهرجان القومي للمسرح؟    عتريس السينما المصرية.. محمود مرسي تزوج مرة واحدة وتوفى أثناء التصوير    دعاء العواصف والرياح.. الأزهر الشريف ينشر الكلمات المستحبة    الصين تعارض إدراج تايوان في مشروع قانون مساعدات أقره الكونجرس الأمريكي    الكونجرس يقر مشروع قانون يحظر «تيك توك» بالولايات المتحدة    يقترب من بيراميدز.. تفاصيل رحيل محمد صبحي عن الزمالك    مصطفى الفقي: مصر ضلع مباشر قي القضية الفلسطينية    بعد وصفه بالزعيم الصغير .. من هم أحفاد عادل إمام؟ (تفاصيل)    رئيس البنك الأهلي: «الكيمياء مع اللاعبين السر وراء مغادرة حلمي طولان»    إصابة العروس ووفاة صديقتها.. زفة عروسين تتحول لجنازة في كفر الشيخ    خطر تحت أقدامنا    بقيادة عمرو سلامة.. المتحدة تطلق أكبر تجارب أداء لاكتشاف الوجوه الجديدة (تفاصيل)    نتائج مباريات ربع نهائي بطولة الجونة الدولية للاسكواش البلاتينية PSA 2024    فريد زهران: دعوة الرئيس للحوار الوطني ساهمت في حدوث انفراجة بالعمل السياسي    بالأسماء.. محافظ كفر الشيخ يصدر حركة تنقلات بين رؤساء القرى في بيلا    تعيين أحمد بدرة مساعدًا لرئيس حزب العدل لتنمية الصعيد    الأزهر يجري تعديلات في مواعيد امتحانات صفوف النقل بالمرحلة الثانوية    من أمام مكتب (UN) بالمعادي.. اعتقال 16 ناشطا طالبوا بحماية نساء فلسطين والسودان    تونس.. قرار بإطلاق اسم غزة على جامع بكل ولاية    ما حكم تحميل كتاب له حقوق ملكية من الانترنت بدون مقابل؟ الأزهر يجيب    ‏هل الطلاق الشفهي يقع.. أزهري يجيب    هل يجوز طلب الرقية الشرعية من الصالحين؟.. الإفتاء تحسم الجدل    رغم فوائدها.. تناول الخضروات يكون مضرا في هذه الحالات    أجمل مسجات تهنئة شم النسيم 2024 للاصدقاء والعائلة    تنخفض 360 جنيهًا بالصاغة.. أسعار الذهب في مصر اليوم الأربعاء 24 إبريل 2024    عاجل - درجات الحرارة ستصل ل 40..متنزلش من البيت    قد تشكل تهديدًا للبشرية.. اكتشاف بكتيريا جديدة على متن محطة الفضاء الدولية    طريقة عمل الجبنة القديمة في المنزل.. اعرفي سر الطعم    كم مرة يمكن إعادة استخدام زجاجة المياه البلاستيكية؟.. تساعد على نمو البكتيريا    شربنا قهوة مع بعض.. أحمد عبدالعزيز يستقبل صاحب واقعة عزاء شيرين سيف النصر في منزله    مع ارتفاع درجات الحرارة.. دعاء الحر للاستعاذة من جهنم (ردده الآن)    عاجل- هؤلاء ممنوعون من النزول..نصائح هامة لمواجهة موجة الحر الشديدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. جودة عبدالخالق يكتب :مصر وكورونا.. ثالوث التحديات الوجودية
نشر في الأهالي يوم 08 - 07 - 2020

التمويل الخارجى لمواجهة تداعيات كورونا يفاقم الوضع الاقتصادى على المدى الطويل
مصر بحاجة إلى وضع قضية الأمن الغذائي في مكانها الصحيح بين أولوياتنا الوطنية
ضرورة إتخاذ إجراءات فى توقيتات وآجال محددة لمواجهة كورونا والتغيرات المناخية وسد النهضة
كيف نواجه كورونا مواجهة شاملة و فعالة؟ إن الإجابة عن هذا السؤال تفرض علينا الانتباه إلى ثالوث التحديات الوجودية لمصر. فتحدى كورونا في حالتنا يضاف إلى تحديين آخرين هما سد النهضة وتغيرات المناخ، لتشكل معا "ثالوث التحديات الوجودية" لمصر. وفى هذا المقال نركز على تحدى كورونا، على أن نتناول التحديين الآخرين لاحقا. لقد جاءت جائحة كورونا كاشفة لمدى هشاشة نموذج الاقتصاد الريعى الذى اتبعته مصر على امتداد نصف قرن. فنتيجة لهذا النموذج، تم رهن مقدرات بلادنا بأربعة مصادر ريعية؛ ريع الموارد الطبيعية (نفط وغاز وسياحة)، وريع الموارد البشرية (تحويلات المصريين المغتربين)، وريع الموقع (قناة السويس)، و الريع الاستراتيجي (المساعدات والمنح المالية، خصوصا من الولايات المتحدة الأمريكية ودول الخليج). و أهدرنا الزراعة (حتى ما ورثناه من محمد على) و الصناعة (حتى ما تركه لنا طلعت حرب)، و أهملنا التعليم و الصحة.
أثبتت التجربة أن هذا النموذج لا يحقق التنمية المستدامة. بل إنه أدخل البلاد في دوامة من اتساع دائرة الفقر و تتابع موجات التضخم العاتية و التآكل المستمر لقيمة الجنيه المصرى و تراكم الدين الداخلى و الخارجي و تفاقم مشكلة البطالة. أصبحنا لا ننتج شيئا، بل نكتفى بعرض مواردنا الريعية للبيع في أسواق لا سيطرة لنا عليها. و بالتوازى، كان اللجوء المتكرر لمؤسسات بريتون وودز (البنك الدولى و صندوق النقد الدولى) بحثا عن مخرج من الأزمات تحت مسمى برامج الإصلاح الاقتصادى. و لنقارن حالنا بدولة مثل كوريا الجنوبية اتبعت نموذج الاقتصاد الانتاجى. فحتى منتصف الستينيات من القرن الماضى، كانت مصر تتفوق على كوريا الجنوبية في كل المؤشرات الاقتصادية و الاجتماعية. و الآن اصبحنا أقرب الى القاع و صاروا هم أقرب إلى القمة. ولعل فى هذه المقارنة الكثير من الدروس البليغة.
لقد وجهت جائحة كورونا ضربة شديدة لمصادرنا الريعية جميعا، و إن بدرجات متفاوتة. و أصبح الوضع الاقتصادى شديد الصعوبة بالنسبة للجميع: الحكومة و الأسر و العمال ورجال الأعمال. فقد أدت الجائحة إلى تخفيض إلايرادات العامة وزيادة النفقات العامة في وقت واحد، مما يعنى زيادة عجز الموازنة العامة للدولة. كما تهاوت إيراداتنا من النقد الأجنبي و انخفض الاحتياطى لدى البنك المركزى و ارتفعت البطالة و زادت الأسعار. و لابد أن ندرك أنه لو كان النموذج الاقتصادى الذى اتبعناه هو النموذج الإنتاجى بدلا من النموذج الريعى، لكان تأثير جائحة كورونا على اقتصادنا و مجتمعنا أقل حدة بكثير مما هو الآن. هذه نقطة جوهرية. و لذلك، فالحكمة تقضى بأن نتخلى عن المسار الاقتصادى على طريق النموذج الريعى. و هذا يستدعى مراجعة جذرية للسياسات في مختلف المجالات.
ما هو سبيلنا إذن لمواجهة تداعيات جائحة كورونا؟ أمامنا على الأقل بديلان. الأول، وهو ما اختاره المسئولون بالفعل، هو إتخاذ إجراءات إحترازية لدرء خطر فيروس كورونا على الاقتصاد وحياة الناس، و تقديم مدفوعات تعويضية للمتضررين ثم التعايش معه انتظارا لعودة الأمور إلى سابق عهدها (أي استئناف النشاط الاقتصادى و الاجتماعى على مسار النموذج الريعى). و بالفعل حصلت الحكومة على تمويل من صندوق النقد الدولى في إطار "أداة التمويل السريع- RFI" بقيمة 2.77 مليار دولار لمواجهة الاحتياجات العاجلة لميزان المدفوعات و كذلك مواجهة الانفاق الضرورى لمساندة بعض القطاعات الاقتصادية و الفئات الاجتماعية المتضررة من الجائحة. وحصلت مؤخرا على 5.2 مليارات دولار أخرى من الصندوق في إطار ترتيبات المساندة مقابل الالتزام بإجراء إصلاحات هيكلية لم تعلن تفاصيلها. كما قامت مؤخرا بطرح سندات في الخارج بآجال متفاوتة بلغ مجموعها 5 مليارات دولار. وهذا معناه زيادة الدين الخارجي عن مستواه الحالي المرتفع أصلا.
وفي تقديرى أن اللجوء إلى التمويل خارجى لمواجهة تداعيات كورونا لا يتناسب مع خطورة الوضع. فهو ربما يحل مشكلة السيولة على المدى القصير، لكنه يفاقم الوضع الاقتصادى برمته على المدى الطويل. والمطلوب هو إتخاذ ما يلزم من إجراءات فى توقيتات وآجال محددة لمواجهة ثالوث التحديات الوجودية المتمثلة في كورونا و التغيرات المناخية و سد النهضة. و هذا يقودنا إلى البديل الثانى، أي التخلي عن نموذج الاقتصاد الريعى والقيام بتعديلات جذرية على النسق الاجتماعى الاقتصادى السياسى بما يجعل هذا النسق أكثر صلابة في مواجهة الصدمات الخارجية أيا كانت. وللأسف، فإن المساحة المتاحة لنا هنا تحول دون الدخول في التفاصيل، ولذلك سنكتفى بأمهات المسائل.
وبمراجعة الوثائق الأساسية التي تعكس سياسات الحكومة في المجالات المختلفة (مثل مشروع الموازنة العامة للدولة وخطة التنمية) نلاحظ أنها تتجاهل ثالوث التحديات الوجودية تماما. ولا بد أن يعاد النظر فيها. فمشروع الموازنة العامة للدولة 2020/21 المقدم إلى مجلس النواب لم يرد به أي ذكر لتداعيات كورونا و تأثيره على الوضع المالى للبلاد، رغم الإجراءات التي إتخذت بالفعل تنفيذا لتوجيهات رئاسية. كما أن الخطة متوسطة المدى للتنمية المستدامة 2018/19-2021/22 التي من المفترض أنها تحدد التوجهات الأساسية لاقتصاد البلاد قد وُضِعت قبل اندلاع كورونا ولا تتضمن شيئا للتعامل مع الطرفين الآخرين في ثالوث التحديات الوجودية، وتحتاج إلى مراجعة شاملة في ضوء هذا الثالوث. و سنتناول هنا الخطوط العريضة للسياسات المطلوبة للمواجهة الفعالة لتداعيات فيروس كورونا المستجد على مصر.
أولا: اتضح من جائحة كورونا الأهمية البالغة لتغيير النظرة إلى قطاع الصحة. فالخدمات الصحية ليست سلعة خاصة يتم تقديمها من خلال قوى السوق طبقا لمنطق المكسب و الخسارة. بل هى في المفهوم الاقتصادى الصحيح سلعة عامة، ويجب توفيرها للجميع وعلى قدم المساواة كجزء أساسى من دور الدولة. و يحدد دستور 2014 معايير تقديم هذه الخدمة وحدود التمويل اللازم لها.
ثانيا: يبلغ معدل الأمية الأبجدية في مصر 26%، و هو معدل شديد الارتفاع مقارنة بنظرائنا في المستوى الاقتصادى، ناهيك عن الأمية الوظيفية و تراجع مستوى التعليم ( تؤكد التقارير الدولية ذات العلاقة أن مصر ترتيبها 101 من بين 144 دولة في مؤشر التعليم). وقد تبين من تداعيات كورونا الخطورة البالغة لانتشار الأمية في المجتمع؛ حيث يصعب توجيه الرسائل المتعلقة بالإجراءات الاحترازية الى المواطنين وضمان التزامهم بها بدقة. أضف إلى ذلك تدنى مستوى النظافة الشخصية و النزعة التواكلية في النظر إلى مخاطر العدوى بالفيروس (خليها على الله). و كلها ظواهر مرتبطة بتدنى التعليم وتفشى الأمية. و تبقى نصوص دستور 2014 ذات العلاقة في حاجة إلى تفعيل حقيقى.
ثالثا: كشفت جائحة كورونا عن اضطراب سلاسل الامداد العالمية، فضلا عن اتجاه الدول المصدرة للغذاء لوضع قيود على تصدير السلع الغذائية الاستراتيحية (مثل الحبوب) و جعل الأولوية لاحتياجاتها المحلية. هذا يضع الدول المستوردة للحبوب وفى مقدمتها مصر في موقف حرج، لولا تزامن موسم حصاد القمح عندنا مع إندلاع وباء كورونا. فمصر تعتمد على الخارج لتأمين أكثر من نصف احتياجاتها من الغذاء. و هذا وضع مثير للقلق من زاوية الأمن القومى، خصوصا في ظل التغيرات المناخية ومخاطر سد النهضة. نحن بحاجة إلى وضع قضية الأمن الغذائي في مكانها الصحيح بين أولوياتنا الوطنية.
رابعا: تستلزم صلابة اقتصادنا في مواجهة الصدمات الخارجية تعديل السياسات وزيادة الاستثمارات في قطاعى الزراعة و الصناعة بعد أن تراجع الاهتمام بهما تراجعا شديدا على امتداد نصف القرن الماضى. فهذا التوجه الاستراتيجي يضمن حل مشكلات الفقر والتضخم والأمن الغذائي ويحافظ على قيمة الجنيه- أهم رمز لاستقلالنا الاقتصادى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.