مع كامل تضامني مع مطالبات الأطقم الطبية بتوفير مستلزمات الرعاية والحماية خلال مواجهة فيروس كورونا باعتبارها ( حق أصيل ) لضمان قدرتهم على القيام بأدوارهم على أكمل وجه الا أنني أرفض القبول بما يدور من أحاديث ومزايدات بضرورة تخصيص مستشفى كامل أو تخصيص دور بكل مستشفى لصالح عزل لصالح الأطباء حال ( لا قدر الله ) إصابتهم بالوباء وأيضا اعترض على أي قرار قد يصدر بهذا الشأن . فالأصل في الرعاية الصحية ( كما في العديد من الخدمات والحقوق ) أن تكون عامة ومتاحة لكافة المواطنين على قدم المساواة ودون تفرقة أو تمييز بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون أو اللغة أو الإعاقة أو المستوى الإجتماعي أو الإنتماء السياسي أو الجغرافي أو لأي سبب أخر ( المادة ( 53 ) من الدستور ) فكيف بنا أن نقبل تمايزا يخالف نص الدستور أو تمييزا تطالب به فئة من الفئات بالضغط واستغلال ما يواجهه الوطن من كارثة ( تلبية ومغازلة ) لفصيل غير وطني في إطار عمليات المكايدة السياسية . منذ فترة تعالت النعرات العشائرية والفئوية في أوساط النخبة الوظيفية المصرية التي تطالب ( بعض جماعاتها ) بانتزاع مكاسب تمييزية بل وبدأ البعض في مواسم الانتخابات يزكون تلك الروح ( المتعالية بالمهنة ) لضمان الفوز أو تلغيم الأرض تحت أقدام الفائزين ( والأمثلة على ذلك متعددة وكثيرة صاحبتها في بعض المواقف حشود قطاعية تستعرض وتتباهي بقدرتها على الحشد الرادع ) لكن عندما ترتبط العمليات التمييزية بالحق في الصحة أو الحق في التعليم أو الحق في الأمن ( أو حتي الحق في الحياة ) وان يهدد عناصر تلك المنظومة بالاستقالة أو التوقف عن تقديم خدماتهم لحين الاذعان لهم يصبح من الواجب والضرورة الرد على تلك التهويمات قبل أن تصبح ( نموذجا ملهما ) لقطاعات أخرى تستغل طبيعة أعدادها أو واقع الأزمات التي يواجهها المجتمع لانتزاع مكاسب خاصة ولو على حساب وحدة وتماسك الوطن . – ماذا سنفعل مع ( المعلمون ) ونحن مقبول على الامتحانات النهائية للشهادة الثانوية وسيكون هناك قرابة ( المليون ) معلم ومشارك في تلك العملية وهم يقومون بمهمة وطنية وعرضة للإصابة بالفيروس متى طالبوا بمستشفى خاص او دور بكل مستشفى لصالحهم ؟ – ماذا سنفعل مع ( رجال وأبطال جهاز الشرطة ) ونحن نكلفهم بضبط الشارع وتعقب المخالفين لضوابط التباعد الاجتماعي والحظر وفي ذات الوقت ردع الخارجين على القانون وقوى الإرهاب المنظم ؟ هل ستخصص لهم مستشفى أو دور بكل مستشفى لصالحهم ؟ – ماذا سنفعل مع ( رجال وأبطال القوات المسلحة ) الذين يقفون عيونا ساهرة لحماية أمن البلاد ومواجهة أعدائها ؟ هل ستخصص لهم مستشفى أو دور بكل مستشفى لصالحهم ؟ – ماذا سنفعل مع ( المحامون ) وهم عدد يقارب المليون يقفون كحراس للعدالة ومدافعين عن حقوق المواطنين ؟ هل ستخصص لهم مستشفى أو دور بكل مستشفى لصالحهم ؟ ( تتعالى بالفعل بينهم أصوات تطالب بهذا الحق ) – ماذا سنفعل مع ( الصحفيون ) الذين يجوبون ربوع الوطن بحثا عن الخبر والمعلومة لصالح المواطنين بما يعرضهم للإصابة بالفيروس ؟ هل ستخصص لهم مستشفى أو دور بكل مستشفى لصالحهم ؟ – ماذا سنفعل مع ( موظفي الجهاز الإداري للدولة ) وهم رقم هائل يقدمون خدماتهم للمواطنين وأصحاب الأعمال بما يجعلهم عرضة للإصابة بالفيروس ؟ هل ستخصص لهم مستشفى أو دور بكل مستشفى لصالحهم ؟ وإن فعلناها لكل هؤلاء فهل سنكررها لصالح ( المهندسون والقضاة وأساتذة الجامعات والتجاريين والعلميين … وغيرهم ) وإن فعلناها لصالح هؤلاء ( أيضا ) فهل سنكررها لصالح عمال المصانع والشركات والعمالة الموسمية وغير الدائمة وحتى لو استطعنا ذلك فهل سنضمنها لصالح الفلاحين والطلاب وكبار السن . ورغم الاستحالات المؤكدة لقدرة الدولة ( أي دولة ) على الوفاء بتلك المطالبات فهل لو فعلناها لصالح تلك الكميونات سيبقى لنا ( وطن ) أم سنتشرذم ونتفتت لصالح تلك التكوينات البديلة التي سيصبح الانتماء لها والالتصاق بها أساس للتمايز واستحقاق المكاسب . عندما تقدمت الدولة ( في ضوء تكليف رئاسي ) بحزمة من تعديلات القواعد المالية للأجور والحوافز والبدلات لصالح مستحقات العاملين بالقطاع الطبي ( وتحقق لصالحهم ما يفوق أقصى مطالبات المزايدة التي رفع لواؤها بعض المنتمين للمهنة من أنصار تيارات مسيسة ) لم نتغاضب أو حتى نرفض ما تم لأننا رأيناه نموذجا ( يصلح ) القياس عليه لضمان عدالة منظومة الأجور والرواتب لصالح عديد من الفئات المهضومة حقوقها . أما عندما تنتقل المزايدة والمطالب لحجز الحق في الصحة وحجبه عن مستحقين له من أبناء الوطن لصالح عاملين بالجهاز الطبي لمجرد احتمالية إصابة أحدهم بالعدوى ليصبح موت المواطن المصاب ( المؤكد ) لصالح ضمان الرعاية لطبيب مصاب ( محتمل ) هل سنقبل بأن تفقد هوية المواطن ك ( مصري ) قيمتها وحقوقها المنصوص عليها دستوريا لصالح نعرات تعيد تعرفنا باعتبارات ( مصري وطبيب ) أو ( مصري وضابط ) أو ( مصري ومحام ) أو ( مصري ومدرس ) أو ( مصري وعامل ) ولو صمتنا على الأطباء وهم يطلبون مستشفيات لصالحهم فهل سنصمت عندما يطالب المعلمون بمدارس لصالحهم أو المحامون بمحاكم لصالحهم أو عمال بمنتجات لصالحهم أو ضباط بأمن قاصر عليهم . في يوم من الأيام خرج ( رويبضة ) لينافق جماعته بقوله ( ألهم أمتني على الإخوان ) فهل سنصمت على تلك المطالبات والدعوات الفئوية التي تفقد الأوطان تماسكها وترابطها حتى يخرج علينا من يكررها فيقول ( ألهم أعشني كطبيب ) أو يتمناها أخر ( ألهم احشرني مع رجال السلك الدبلوماسي )