بقلم: د. هبة جمال الدين /مدرس العلوم السياسية- معهد التخطيط القومي- عضو المجلس المصري للشئون الخارجية:جاءت الصلاة المشتركة للانسانية التي دعت اليها امانة مؤتمر الاخوة الانسانية من أجل انقشاع وباء الكورونا وتم اختيار يوم 14 مايو كيوم سيكون عيدا للانسانية كل عام نصلي فيه جميعا من اجل الوحدة والخير وصدق النوايا كما اشار فضيلة الامام الاكبر في خطابه بهذا اليوم. وانتظرت انقضاء الجائحة او على الاقل انحسارها ولكننا للاسف نشهد تزايدا في اعداد المرضي والمصابين والموتي. وسأنظر لهذا الأمر وكأنه اختبار من الله تعالي الذي تضرع إليه اتباع الاديان الابراهيمية الثلاثة وغير الموحدين أيضا.ورغم استنكاري من قبل لاختيار هذا التاريخ الذي يوافق يوم النكبة الفلسطيني وحرب 48، وتسميه اسرائيل ب “عيد استقلال اسرائيل” الذي يحتفل فيه الكيان الصهيوني رسميا عبر كل مؤسساته وسفاراته بالخارج كيوم وطني لإنشاء الدولة المزعومة، وتحذيري ان يصبح هذا اليوم بفعل الصلاة المشتركة الأولى عيدا يحتفل به كل عام، تمنيت ان اكون مخطأة. ولكن ادهشني خطاب فضيلة الامام الأكبر في حديثه التليفزيوني للعالم ككل وبداية حديثه ووصفه ليوم 14 مايو ب “اليوم التاريخي” وتأكيده اكثر من ستة مرات خلال حديث لم يتجاوز عشرة دقائق انه يوم تاريخي وتاريخ يجب الاحتفال به كما يتضح في الفقرة المبينة بالاسفل…”أتوجه اليكم في هذا اليوم التاريخي…..، علينا ان نجعل في هذا اليوم ذكرى محفوظة في تاريخ البشرية نسترجعه كل عام…..، ليكن هذا التاريخ الخطوة الاولي على الاتجاه السريع للتعاون الانساني ….، ليكن تاريخا شاهدا على عزمنا وتصممينا على وقف الحروب ونشر السلام….، ليكن تاريخا لتخفيف اللام اللاجئين والمحرومين والمغتصبة اراضيهم…، ليكن الرابع عشر من مايو تاريخ لعالم جديد تعلو فيه صناعة السلام على صناعة السلاح لخلق بيئة مشتركة….”…سؤالي هنا للقارئ الكريم ألم تندهش مثلي عن الاصرار ان يصبح يوم 14 مايو يوم تاريخي!!!! هل المقصود هو إعادة كتابة التاريخ ليصبح يوم اغتصاب الارض يوم لللاجئين والمعذبين وحفل من اجل السلام …..ثم نجد الأزهر الشريف كعادته الداعمة كل عام للقضية الفلسطينية يندد بيوم النكبة ولكن ليس يوم 14 مايو ولكن يوم 15 مايو، فهل هذا خطاء عفوى غير مقصود أم إعادة كتابة للتاريخ، لن اقول انه مقصود ولكن يجب التحقيق في هذا الخطأ والا يمر مرور الكرام حماية لسمعة وكرامة الأزهر الشريف.واعود مرة أخرى لصلاة الأخوة الإنسانية ورغم تأكيد فضيلة الأمام على الاحتفاظ بخصوصية كل دين خلال الصلاة المشتركة ولكني إذ بي أجد دعاء مشترك لأول مرة بين الاديان الثلاثة يختتم بعبارة كالتالي:”ربنا أصرف عنا هذا الوباء، برحمتك يا أرحم الراحمين بما أنك على كل شئ قدير.. أمين”…نعم بما أنك وليس وأنت على كل شئ قدير كما ندعوا نحن المسلمون خلال تضرعنا إلى الله عز وجل. فنحن لا نحاسب الله أو نتجرأ عليه واعوذ بالله من ذلك فنحن أمام لعب بالالفاظ غير اسلامي بالمرة لانه دعاء مشترك فهل هي عبارة مشتقة من أحبار اليهود أم ممن يا علمائنا الأجلاء؟ نحتاج لتوضيح رسمي من الأزهر الشريف….إن مثل هذا الدعاء لهو باقورة الشعائر المشتركة التي سبق لي أن نوهت عنها بمقال سابق، حيث سيتبعها شعائر موحدة مثل تدريب الشباب على الصلاة الواحدة للاديان الثلاثة، مراجعة للطقوس الدينية التي تسميها الصفحة الغريبة على الفيسبوك – “الثورة الدينية في مصر- استجابة لدعوة الرئيس السيسي” التي اثق ان سيادة الرئيس لن يقبل بما يدور فيها- بالطقوس الدينية الضارة للصحة كالامتناع عن تناول المياه خلال صيام المسلمين، وتقبيل الحجر الاسود.. ، مراجعة نصوص الدين واعداد ميثاق ديني مشترك يكون له القدسية وليس الكتب السماوية وبالطبع المقصود الاسلام والمسيحية، وما يتبعه من إيجار الارحام الابراهيمية، والزواج الإبراهيمي المشترك…للأسف مخاوفي بدأت تتحقق ولا أعلم هل هذا التجديد الذي تستهدفه مؤسساتنا الدينية. لقد كنت من اشد مؤيدي فضيلة الامام الاكبر خلال حواره العلمي مع ا.د الخشت وانزعجت ممن وجهوا نقدا لفضيلته لأنني كاكاديمية أعلم أن هذا هو اساس الحوار العلمي المثمر. ولكن ما يتم الأن ليس بحوار علمي ولا مثمر وأنما أمر مخيف يهدد بضياع الإسلام ككل وركائزه وليس تجديده. فما قصده سيادة الرئيس هو تدريب ورفع وعي الائمة عن مخاطر الامن القومي ومهدداته لتصبح الفتاوى مواكبة مع مخاطر العصر، ولم يطلب اعادة قراءة النص الديني والتقارب مع اليهود تحت ستار الابراهيمية…قد يرى القارئ أني متحاملة بعض الشئ ولكن سأطرح بعض المهددات السياسية تحت ستار الابراهيمية والمشترك الابراهميمي الذي يجب على علمائتنا فهمه وادراكه ومحاسبة من اوقعنها في فخ الاخوة الانسانية المزعومة: *مخطط الولاياتالمتحدة الابراهيمية، الذي طرحته جامعة فلوريدا عام 2015 بأن المشترك الابراهيمي والاخوة الانسانية سيجعل سكان الشرق الاوسط يقبولون باسرائيل وتركيا لادارة الدول العربية وايران كاخوة واسرة واحدة لا مجال فيها للاحقاد بل للتفكير للمستقبل بسبب ندرة الموارد والكوارث والاوبئة التي تحتاج لتكنولوجيا حديثة للتخطيط للمستقبل. وتمتلكها اسرائيل بالطبع…*مسار ابراهيم : مسار سياحي ثقافي يعيد فيه اعادة كتابة التاريخ يمر بكل الدول العربية وايران وتركيا واسرائيل تم اكتمال 2000 كم3 منه ومخطط له ان يصل الي 5000 كم3 اذا وضعته متكاملا على الخريطة السياسية ستجد أمامك خريطة ارض اسرائيل الكبرى. وتقوده بالمنطقة جامعة هارفارد الامريكية وتعلن في وثائقها ان ارض المسار ليست ملك الدول التي يمر المسار باراضيها وانما هى ارض ابراهيمية مشتركةعالمية كما وصفها باراك اوباما عام 2013…..هذين المشروعين هما صفقة القرن مكتملة التي بدأت امريكا واسرائيل في الكشف عن الفصل الاول فقط منها فصل تصفية القضية الفلسطينية ثم التوجه للمنطقة ككل وقد بدأت مشروعات الربط مع اسرائيل كقطار السلام من دول الخليج لإيلات، والمشروعات الاقتصادية التي اشارات اليها ورشة المنامة 2019، والان يتم التمهيد لقبول الرأي العام للمخطط عبر المشترك الابراهيمي والاخوة الانسانية والتسامح المزعوم وصدق النوايا الذي لا نعلم من اين وصل إلى فضيلة الامام رغم ان النوايا لا يعلمها إلا الله. بالاضافة إلى المسلسلات التليفزيونية التي تنادي بالتطبيع والمظلومية اليهودية والتي بدأت بحارة اليهود، ثم ام هارون ومخرج 7. ويتقاطع ذلك مع دعوات عودة اليهود إلى الدول العربية كدعوة وزير الشئون الدينية السوداني لليهود إلى السودان رغم أن اصولهم غير سدوانية، ويتقاطع ايضا مع القضايا المرفوعة من قبل اسرائيل على الدول العربية كمصر والسعودية كتعويضات لليهود الذين خربوا اقتصاد الدول العربية ونقلوا اموالهم طواعية لاسرائيل…والأن هل ستستمرون في المسيرة، ما يحدث ليس بصلاة وأنما صفقة القرن وأن أرباء بالأزهر الشريف والكنيسة المصرية، وجامعة الدول العربية أن يقعوا في براثن الفخ. يجب محاسبة المتورط في اختيار تاريخ الصلاة ومن أكد على فضيلة الامام بوصف اليوم بالتاريخي. إن مؤسساتنا الدينية أمانة في اعناقنا جميعا..حمى الله مصر والمنطقة العربية والاسلام والمسيحية من براثن وانياب الافعى المتحولة.