سيادة الرئيس، أسمح لى كمواطن مصرى أن أتفاعل مع بعض ما صرحتم به يعد فوزكم بالولاية الثانية بخصوص الاقتصاد والسياسة. عن الاقتصاد، قلتم أن مصر تواجه مشكلة اقتصادية كبيرة، وأن برنامج الإصلاح الاقتصادى كان حتميا، وأن علينا أن نقدم تضحيات وأن نتحمل ونصبر. من حيث المبدأ، طبعا كل التضحيات تهون فى سبيل الوطن المفدى، بالنفس قبل النفيس. أؤكد، فى سبيل الوطن وليس لصالح مجموعات معينة. لكن الواقع أن السياسات والإجراءات التى طبقتموها بإ سم الإصلاح الاقتصادى تصب بالدرجة الأولى فى صالح الأغنياء «مصريين وأجانب» بينما تُحَمِّل الفقراء والطبقة الوسطى العبء الأكبر. نعم سيادة الرئيس، باسم الإصلاح استدنا لتمويل مشروعات لمصلحة الاغنياء ونحمل الفاتورة للفقراء؛ ثم نطالبهم بالصبر! صدقنى سيادة الرئيس، الفقراء والطبقة الوسطى يكابدون ويتألمون فى صبر وصمت. ولكن علينا أن نتحاشى اللحظة التى ينفد فيها صبرهم وينتهى صمتهم فيتحول الأمر إلى غليان يؤدى إلى انفجار- لا قَدَّرَ الله. سيادة الرئيس، الوضع يحتاج إلى حكمتك لضبط ميزان العدالة الاجتماعية الذى مال ميلا شديدا وخطيرا. يستفاد من مجمل كلامكم عن الاقتصاد أن الدعم هو أس البلاء. وزير المالية يصرح بأن الدعم هو سبب عجز الموازنة. ولتقليل الدعم، أعلن وزير الكهرباء عن زيادة جديدة فى الأسعار، وشركات المياه أعلنت رفع أسعارها أيضا. وزير البترول يؤكد أن دعم الطاقة سيتم التخلص منه نهائيا خلال 2019. وزير التموين يعلن أن وزارته ستعيد هيكلة الدعم بصورة شاملة. وزيرة التضامن تصرح بأنه سيتم توسيع مظلة الحماية الاجتماعية بحيث يدخل ضمنها معاشات الضمان ومخصصات التموين، وستغطى 4 ملايين أسرة. يفهم من هذا أن الحكومة تنوى تحويل ما بقى من الدعم العينى، وهو قليل، إلى نقدى. وإذا كان هذا صحيحا، فاسمح لى أن أحذر من خطأ هذه السياسة فى ظروف مصر الحالية. فلا معنى لافقار المواطنين من خلال الغلاء والضرائب بأنواعها، ثم معالجة الأمر بمد مظلة الحماية الإجتماعية التى مهما اتسعت فلن تكفى لاغاثة الملهوفين كما أثبتت التجربة. ولماذا تركيز خبرائكم دائما على الدعم الذى تجمد فى 2018/2019 عند 332 مليار جنيه رغم ارتفاع الأسعار، والتغاضى عن البند الأكبر فى الموازنة وهو خدمة الدين «من فوائد و أقساط» التى بلغت حوالى مرتين ونصف قيمة الدعم «817 مليارات جنيه»؟ ولماذا السكوت على دعم «صناعة» السيارات؟ فشركات تجميع السيارات فى مصر تستورد مكونات السيارات وتدفع عليها ضريبة جمركية حوالى 5% فى المتوسط، مقارنة بحوالى 40% على السيارة المستوردة تامة الصنع. لكنها تبيع السيارة المحلية بسعر يقترب من السيارة المستوردة. والفرق يذهب إلى جيوب أصحابها بدلا من خزينة الدولة أو المستهلك. وهو دعم يقدر بعشرات المليارات بلا مردود يبرره. ولماذا يظل مسكوتا عنه. وبمناسبة دعوتكم لكل من لديه بديل أن يتقدم به، فإننا على أتم استعداد لتقديم برنامج بديل يصب فى مصلحة الوطن والمواطن. وعلى استعداد لمناقشة تفاصيله مع من تشاءون. ولذلك نكرر هنا دعوتنا لعقد مؤتمر وطنى للإصلاح الاقتصادى تناقش فيه كل القضايا بمشاركة الجميع. ونأتى إلى الوضع السياسى. سيادة الرئيس، أمامنا استحقاقات انتخابية لمجلس النواب بعد أقل من عامين وللرئاسة فى أقل من ثلاث سنوات. وقد أعلنتم أن الولاية الثانية ستشهد تنشيط الحياة السياسية وبناء الإنسان. لكننا حتى الآن لا نرى مؤشرات تدل على ذلك أو خطوات تؤدى إليه. وقد طالبنا مرارا بعقد مؤتمر تشارك فيه كل القوى الوطنية المؤمنة بالدولة المدنية الديمقراطية لمناقشة قضايا الإصلاح السياسى لإنعاش الحياة السياسية وتنشيط الأحزاب. واقترحنا تعديل قانون مجلس النواب ليأخذ بنظام القائمة النسبية بدلا من المطلقة المغلقة، وتعديل قانون تقسيم الدوائر الإنتخابية ليُضَيِّق من نطاق الدوائر ويزيد عددها، وكذلك تعديل قانون تنظيم حق التظاهر. كما طالبنا بفتح ساحة الإعلام الوطنى للجميع، وتأمين درجة أعلى من حرية التعبير والاختلاف، بدلا من سيادة الصوت الواحد. سيادة الرئيس، هناك إحساس حقيقى متزايد بأن سقف الحقوق والحريات العامة قد انخفض كثيرا ويحتاج إلى رفع كبير. أخيرا. فإن الشباب ما زالوا هم الرقم الأصعب فى معادلة الحكم فى مصر. وتدلنا دروس التاريخ البعيد والقريب أن الضغط الاقتصادى والكبت السياسى يؤديان حتما إلى انفجار. حمى الله مصرنا من كل سوء.