أثار عمود الأسبوع الماضى بعنوان «مطلوب مؤتمر للإصلاح السياسى» ردود فعل كثيرة و متباينة. بل إن بعض هذه الردود كانت كاشفة عن جزء من المزاج العام فى مجتمعنا. و أود أولا أن أشكر كل القراء على اهتمامهم بالتعليق، سواء من اتفقوا معى أو من اختلفوا. فاختلاف الرأى رحمة؛ و هو لا يفسد للود قضية. وفى كل الأحوال كان هناك مردود طيب، لا شك أنه يسهم فى إثراء الحوار حول هذا الموضوع الحيوى. و يسعدنى أن ردود الأفعال على المقال تؤكد أن كلامى لم يكن نفخًا فى قربة مقطوعة، ولا كان أذانا فى مالطة. والملاحظ أن أغلب الردود جاءت مؤيدة لما طرحته فى المقال، لكن بعضها كان مخالفا بشدة، والبعض الآخر انطوى على نزعة تشاؤمية شديدة. لنأخذ عينة من الاتجاه الأول الأستاذ حمد المالكى قال: أحسنت يا دكتور. القارئ محمود طنطاوى رد: فعلا حضرتك وصفت الوضع الحالى ببراعة وقدمت الحل. قارئ مجهول كتب نموذجا رائعا وقويا و مهذبا من النصائح… يكمن فيها هدف واحد هو حب الوطن أولا وأخيرا. محمد النشار قال: مقالة هايلة جريئة جدا. القارئ حسام صالح كتب رأيا صادقا صريحا من محب لوطنه، نطمع أن يلاقى آذانًا صاغية محبة لوطنها هى الأخرى. القارئ أسامة أحمد كتب بنبرة لا تخلو من سخرية لاذعة: تبنى الأمم وتتقدم عندما يوجد وفاق (يقصد توافق) مجتمعى يشمل الجميع، لا سجين رأي أو فكر فيها. أما والخوف هو سيد الموقف، فلا أمل ولا سعاد ولا فتكات ولا حتى جملات. وقال القارئ أحمد قنديل تحليلا ممتازا، ومخاوف مشروعة. لكننى لا أتوقع أن يستمع أحد… أنا غير سعيد وغير مستبشر خيرا. وقد توقفت كثيرا عند رد أحد القراء (باسم مستعار) قال فيه: نحن فى حالة حرب حقيقية على كافة الأصعدة. ما تتحدث عنه يعتبر رفاهية فى هذا الوقت. أعلم ان الحكومة قد تصيب و تخطئ. لكن عندنا فى مصر، بخلاف دول العالم، الشعب بلا استثناء خبراء اقتصاد و سياسة و علوم فضاء و خبراء حرب إلكترونية و طائرات حربية و خبراء تنمية. الكل أصبحوا حكماء. لو الحكومة فتحت باب المشورة سنغرق أكثر مما نحن فيه. أنا أشك فى كل النوايا الآن. و أضاف: حضرتك لك رأى، لكن رايك ليس قرآنًا منزلًا…. و قد تكون وجهة نظرك سليمة و قد تكون خاطئة. نحن فى حاجة إلى ديكتاتور يتخذ القرار. نعم، ديكتاتورية. نرى و نسمع فى البرامج الحوارية إثنين أو ثلاثة خبراء فى نفس المجال وكل واحد يدافع عن وجهة نظره على أنها صحيحة. نحن فى مصر لم نصل إلى مرحلة رأيى صحيح يحتمل الخطأ… و رأيك خطأ يحتمل الصواب. أؤكد للقارئ الذى استخدم اسما مستعارا أن رأيى ليس قرآنا منزلا إنه مجرد اجتهاد متواضع لوجه الله و الوطن. وبالطبع قد أصيب وقد أخطئ. لكنى أختلف مع القارئ فى تبريره للحكم الديكتاتورى. فقد جربنا، وجربت مجتمعات أخرى غيرنا، الحكم الديكتاتورى فى مراحل تاريخية مختلفة. وكانت النتيجة مأساوية بكل معنى الكلمة. ولا يجوز الاستشهاد ببرامج المكلمة (التوك شو كما تسمى و ليس الحوارية) التى تستضيف زعيط ومعيط ونطاط الحيط وتقدمهم على انهم خبراء وهم فى الحقيقة غوغاء. أخيرا، فقد أكدت فى المقال تأييدنا لجيشنا و شرطتنا فى الحرب ضد الإرهاب، لكنى اختلف مع القارئ المحترم فى أن ما أتحدث عنه يعتبر رفاهية، بل هو ضرورة بقاء الدولة و المجتمع. حكمة اليوم: الجمال فى عين الرائى