سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية، تحية لك من مواطن مصرى غيور على مصلحة بلده، قلق على مستقبلها أشد القلق، و لا يبتغى مما يقول إلا وجه الله و الوطن. من هذا المنطلق، لدى سبع رسائل أود أن أوجهها لسيادتك راجيًا أن تنال اهتمامك فى هذا الظرف الدقيق الذى تمر به مصرنا الحبيبة. و هى مجرد صدى لما يشعر به الناس. الرسالة الأولى: لقد أصبحت الرغبة فى الاستهلاك فى مجتمعنا أقوى ألف مرة من السعى إلى الإنتاج. الحكومة نفسها تحولت إلى مطور عقارى و تركت وظيفتها الأساسية ألا وهى تأمين معاش الناس. و أصبحنا نستدين لنأكل، و نسمى ذلك تمويلات. فتراكمت علينا الديون وأصبحنا أصحاب اليد السفلى، نمدها لكل رائح و غادٍ. الحكومة تتحدث عن الإصلاح وتتخذ إجراءات هى فى حقيقتها إفساد إقتصادى. و ما آل إليه حال الجنيه المصرى و تردى أحوال معظم المصريين لا يحتاج إلى بيان. سيادة الرئيس، استلهم تراث طلعت حرب وعَدِّل مسار سفينة اقتصادنا قبل أن يجرفنا الطوفان. سيادة الريس: الإنتاج أو الموت. الرسالة الثانية: الناس يعانون فى صمت من اختفاء السلع و ارتفاع الأسعار و عربدة التجار. و إذا كنا فعلا فى حالة حرب مع الإرهاب، فلماذا لا نطبق قواعد اقتصاد الحرب؟ و لماذا تكتفى الحكومة بالتصريحات. لقد شكرتم الشعب المصرى الذى تصورتم أنه يتفهم ضرورة الإصلاح الاقتصادى و يضحى. و الحقيقة أن الشعب يعانى معاناة شديدة، و يتألم فى صبر و صمت. لكن علينا أن ندرك جيدًا أن للصبر و للصمت حدودًا. إذا بلغناها، و أتمنى مخلصًا ألا نبلغها، فسيكون هناك رد فعل قد لا تُحْمَد عقباه و يحسن بنا أن نتحاشاه. و اسمح لى أن أنقل لسيادتك سؤالا يلاحقنى به الناس أينما ذهبت. يقولون فى لهفة و قلق: البلد رايحة على فين؟ الرسالة الثالثة: هناك فراغ سياسى واضح فى مصر حاليًا. لقد أصبح الفضاء العام مُوحِشاً للغاية. فبعد الزَّخَم الكبير لثورة الشعب المصرى فى موجتيها، الأولى فى يناير 2011 و الثانية فى يونيو 2013، تشهد الساحة السياسية الآن فراغًا مخيفًا. فلماذا هذا الفراغ؟ و أين ذهبت الجماهير والقوى السياسية التى ملأت الفضاء العام آنذاك فى مشهد مَهيب؟ و ما هى أسباب هذا الفراغ؟ هل لذلك علاقة بالقانون رقم 107 لسنة 2013 (بتنظيم الحق فى الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية) الذى حُكِمَ مؤخرا بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة العاشرة منه؟ أم أنه من قبيل الهدوء الذى يسبق العاصفة؟ وهل تكفى الجهود الأخيرة مثل مؤتمر الشباب لسد هذا الفراغ؟ الرسالة الرابعة: كانت العدالة الإجتماعية كما تعلم سيادتك من أهم المطالب و الصيحات المدوية لجماهير ثورتنا. و بعد أن سِرْنا بضع خطوات على طريق العدالة الإجتماعية، يبدو أننا بدأنا نتراجع و نسير عكس الاتجاه. معدلات الفقر تتزايد وعاصفة الغلاء تلقى بالطبقة المتوسطة إلى أسفل السلم الاجتماعى و تجعل الفقراء يزدادون فقرًا. وشبكات الحماية مهما امتدت، فلن تصلح ما أفسدته الإجراءات الاقتصادية الأخيرة مثل فرض ضريبة المبيعات و تعويم الجنيه و ما ترتب عليه من ارتفاع شديد فى أسعار السلع و الخدمات. إنها تقتطع من محدود الدخل و متوسطى الحال لتعطى الأغنياء و تأخذ من المصريين لتعطى الأجانب. الرسالة الخامسة: لا يكاد يمر يوم إلا وسيادتك تؤكد ضرورة مكافحة الفساد. فأين وصلنا فى ملف مكافحة الفساد؟ و هل يخدم قضية مكافحة الفساد أن رئيس جهاز المحاسبات الذى ربما بالغ وهو يحاول التحذير من خطورة المشكلة عوقب بالإقالة من منصبه لنشره أرقامًا مبالغًا فيها عن حجم الفساد؟ ألم يكن من الأفضل معالجة الأمر بالتصحيح المناسب للمعاومات بدلا من الإطاحة بالمسئول الكبير؟ وهل مثل هذا الإجراء يكافح الفساد أم يشجع على المزيد منه؟ و لنأخذ كمثال موضوع "فساد القمح". هل كان فى سكوتنا على فساد القمح فى موسم 2014/2015 تشجيعاً لاستشراء فساد القمح فى 2015/2016 (والذى يقدر بحوالى 5 مليارات جنيه)؟ و ماذا بعد تقرير لجنة تقصى الحقائق عن فساد القمح؟ الناس يتساءلون: هل قيدت القضية ضد مجهول؟ الرسالة السادسة: لدينا مثل يقول إن ما حك جلدك مثل ظفرك، و آخر يقول إن أهل مكة أدرى بشعابها. إلا أننا دائما نبحث لمشاكل الداخل عن حلول فى الخارج مما يوقعنا فى مشكلات خطيرة. الأمثلة كثيرة. و آخرها الأطلس الذى قدمته هيئة المعونة الأمريكية والمخصص لمدارس التعليم الأساسي والموجود بالفعل فى المدارس بعنوان «أطلس الناشئة وأطلس الحيوان»، والذي يحتوي على خريطة مغلوطة لمصر تضم منطقتي حلايب وشلاتين ضمن حدود دولة السودان. الرسالة السابعة: هناك اهتمام ببناء الحجر أكبر كثيرا من الاهتمام بنماء البشر. نرى تركيزا شديدا على المشروعات القومية، و بالذات مشروع العاصمة الإدارية الجديدة الذى بلغ حجم الأعمال فيه وحده – 10 مليارات جنيه- طبقا لتصريحات المسئولين. و لا نسمع شيئا جادا عن تطوير التعليم أو محو الأمية. فأين هذا و ذاك من أولوياتنا الوطنية؟