بعد مرور 43عاما على نصر اكتوبر المجيد والذى يمثل حتى الآن اهم الانتصارات العربية على العدو الصهيونى من خلال ملحمة رائعه للجيش المصرى وحلفائه من الجيوش العربية الا ان السينما مازالت ليست على مستوى ذلك الحدث الاهم.. ورغم انتاج عدد من الافلام السينمائية عن اكتوبر لكن معظمها كان مجرد تسجيل للمشاركة فى حدث عسكرى وسياسى مهم.. وتظل تجربة على عبد الخالق فى فيلم "أغنية على الممر " الذى أنتج عام 1974 وتجربة إنعام محمد على فى فيلمها " حكايات الغريب " عام 1992 وهو من انتاج التلفزيون المصرى،ويعد العملان من اكثر المحاولات عمقا وقربا من الحالة وامتلاكهما لأدوات سينمائية شديدة التميز.. وقد شهدت العقود الاربعة الماضية محاولات متعددة لكنها اقرب الى السينما الوثائقية باستثناءات قليلة وتعاملت مع الحدث بشكل به قدر كبير من المباشرة ولم تغص فى أعماق الشخصية المصرية قبل واثناء الحرب المجيدة. والمؤكد ان غياب الدولة عن انتاج عمل ضخم يليق ويوثق حرب اكتوبر – رغم الاعلان عن ذلك مرارا – جعل الأمر شديد الصعوبة على المنتجين اصحاب الشركات الخاصة لأن إنتاج الأفلام الحربية يحتاج الى ميزانيات ضخمة جدا اضافة الى ان تسويقه أمر ليس سهلا ولا توجد ضمانات لان يحقق أرباحًا أو على الأقل يغطى من تكلفة انتاجه. وعبر تلك العقود فقد شهدت السينما أول محاولة لانتاج فيلم على يد المخرج على عبدالخالق وهو فيلم "أغنية على الممر" عام 1972 والمأخوذ عن مسرحية بنفس الاسم للكاتب على سالم سيناريو وحوار مصطفى محرم وبطولة محمود مرسي وصلاح قابيل ومحمود ياسين وأحمد مرعي وصلاح السعدني وكتب اشعاره عبدالرحمن الابنودى. ويمزج الفيلم فى حالة شديدة السحر بين حياة هؤلاء الجنود وأحلامهم قبل فترة الحصار وبين واقع مخيف وموت يحاصرهم اثناء الحصار وتألق محمود مرسى كممثل عملاق الى جانب أحمد مرعى يعد هذا الفيلم من أهم أعماله بعد رائعة شادى عبد السلام المومياء. بينما قدم المخرج الرائع محمد راضى احد أبرز الأفلام التي تناولت حرب أكتوبر "أبناء الصمت" عام 1974، بطولة نور الشريف ومحمود مرسي وميرفت أمين ومحمد صبحي ويرصد حجم الانفصال الذى تعيشه القاهرة عن جبهة القتال خلال أتون المعركة الدائرة على قناة السويس. وتتناول الأحداث تفجير المصريين المدمرة إيلات الإسرائيلية وقذف العدو السويس، وتبلغ حرب الاستنزاف ذروتها مع العدو الإسرائيلى، والجنود على حافة القناة، يهبطون خلف خطوط العدو فى سيناء،بما يشكل ملحمة من ملاحم النضال تستمر هذه العمليات إلى يوم العبور. كما قدمت السينما فيلم "الوفاء العظيم" إنتاج عام 1974، تأليف فيصل ندا للمخرج حلمي رفلة ومن بطولة نجلاء فتحي ومحمود ياسين وكمال الشناوي.. وفى نفس العام يقدم المخرج نادر جلال فيلم "بدور" بطولة نجلاء فتحي ومحمود ياسين ومجدي وهبة. وفى عام 1974 كان فيلم الرصاصة لاتزال فى جيبى عن قصة إحسان عبدالقدوس وإخراج حسام الدين مصطفى و بطولة محمود ياسين وحسين فهمي ويوسف شعبان وصلاح السعدني ونجوى إبراهيم. وتهدأ الآلة السينمائية حتى تقدم الفنانة ماجدة على انتاج فيلم العمر لحظة عام 1978 للكاتب يوسف السباعي وسيناريو وجيه نجيب وحوار عطية محمد،وبطولة ماجدة وأحمد مظهر وناهد شريف ونبيلة عبيد، وتدور قصة الفيلم فى أعقاب هزيمة 5 يونيو 1967حتى انتصار اكتوبر.. وكان للمبدعة انعام محمد على نصيب اكبر حيث قدمت اثنان من أهم الاعمال التى تناولت اكتوبر الاول 1992- وهو حكايات الغريب عن رائعة جمال الغيطانى والذى تطرق الى منطقة جديدة فى تناول اكتوبر حينما رصد حال البشر قبل الحرب وخلق حالة رمزية رائعة من خلال شخصية بطل الفليم محمود الجندى الذى عانى الانكسار الاجتماعى فذهب للجبهة متطوعا ليحقق شيئا حتى يصبح جديرًا بالحياة وينضم الى صفوف المقاومة الشعبية فى السويس. ويتحول " عبد الرحمن " بطل الفيلم الى إحدي ايقونات المقاومة بعد اختفائه وقد خلقت المخرجة حالة حالمة وموجعة فى آن واحد وهى ترصد مصادر الظلم الاجتماعى فى مجتمع يعانى احتلال جزء من أرضه. كما قدمت فى عام 1993فيلمها الثانى " الطريق إلى إيلات " والذى يتناول مرحلة حرب الاستنزاف وبطولات الجيش المصرى التى مهدت لنصر اكتوبر. يبدو تمامًا ان الانتاج الفنى عن ملحمة اكتوبر لا يرقى للحدث سواء فى كم الأعمال المقدمة أو فى مستوى معظمها فنيًا وربما لو ان الدولة كانت راغبة فى إنتاج ملحمة فنيه كان من الممكن ان تجد مكانا يليق فى مهرجانات السينما العالمية لكن ذلك لم يتم حتى الآن.