لقد أظهر الله في زمن الرسول من شجرة العلم النبوي الفروع والأوراق. ثم أظهر في زمن التابعين الزهر الأبيض. ثم في زمن تالي الثمرة والعصير والمربي والدواء الذي نعالج به البرد. ولو سمعنا كلام من يقولون إنهم يتمسكون بما كان في عصر الصحابة لضاعت علينا كل هذه الفائدة. يقول النبي صلي الله عليه وسلم: ¢خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ¢وفي قرن الرسول كانت الشجرة, وفي القرن الذي يليه كانت الزهرة. وفي القرن الذي يليه كانت الثمرة. بهذا التفتح علينا أن نفهم ونفسر كل ما يخرج من ثمار من شجرة العلم النبوي. وأن نفهم ما نسمعه من أحاديثها بعمق وروية.لقد سأل النبي صلي الله عليه وسلم سيدنا أبا بكر الصديق: ¢ماذا حُبِّبَ إليك من دنيا الناس يا أبا بكر ؟ ¢قال سيدنا أبو بكر رضي الله عنه: حُبِّبَ إليَّ النظر إليك وجلوسي بين يديك وإنفاق مالي لديك"لم يقل-من شدة الأدب-: إنفاق مالي عليك" وسأل الرسول سيدنا علي كرم الله وجهه: ¢ماذا حُبِّبَ من دنيا الناس إليك يا علي؟¢ قال سيدنا علي رضي الله عنه: الصيام بالصيف والقتال بالسيف وقري الضيف "إكرام الضيف.. ومن قري جاءت كلمة قرية أي المكان الذي يتسم بالكرم " وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ¢حُبِّبَ إليَّ من دنياكم هذه ثلاث : النساء والطيب وجُعِلَت قرة عيني في الصلاة¢. واعتبر كثير من الناس أن وضع النساء في البداية دليل علي أن الإسلام دين شهوات مجنون بالجنس. وهو تصور لا يصدر إلا عن عقول مريضة. لا تري في المرأة سوي الجنس. لا تري فيها قيمة سوي إطفاء نيران الشهوة. لا تري أنها مخلوق تستحق التقدير والاحترام ووضعه في المقدمة.ويلاحظ أن الرسول قد قال ¢ حُبِّبَ إليَّ ¢ ولم يقل "أحببت" ومعني حُبِّبَ أن الله حَبَّبَ إليه النساء كقيمة. فالمرأة نصف المجتمع. وكان يُعامَل كَكَم مُهمَل في الجاهلية.حين كان الرجل يدفن بناته أحياء ولا يُدخِلهن في الميراث. يقول سبحانه وتعالي عنهم: ¢وإذا بُشِّر أحدهم بالأنثي ظل وجهه مسوداً وهو كظيم يتواري من القوم من سوء ما بُشِّر به أيمسكه علي هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون¢. ولكن الإسلام نظر إلي المرأة علي أنها الوعاء الذي لولاه لانتهي الدين في زمن الصحابة.فهي التي تحمل في بطنها جنيناً يكون فيما بعد عالماً أو فارساً أو تاجراً أو مزارعاً مسلماً.إنها هي التي تحمل وتُرضع وتربي وتخلق الامتداد الطبيعي للإسلام.وهو ما جعل الرسول يقر أن ¢الجنة تحت أقدام الأمهات ¢وقال صلي الله عليه وسلم: ¢استوصوا بالنساء خيراً ¢ وقال: ¢اتقوا الله في الضعيفين المرأة واليتيم¢ .لقد حَبَّبَ الله الإيمان إلي قلب النبي صلي الله عليه وسلم وبغَّض الإيمان إلي قلوب الكفار. وحَبَّبَ الله العدل إلي قلب النبي صلي الله عليه وسلم وبغَّضَ العدل إلي قلوب الكفار. وحَبَّبَ الله الرحمة إلي قلب النبي وبغَّضَ الرحمة إلي قلوب الكفار. كذلك حَبَّبَ الله النساء إلي قلب النبي من باب احترام المرأة واعتبارها الوعاء الذي يخرج منه المسلمون الذين يدافعون عن دينهم. وللحديث بقية إن شاء الله.