* يسأل م. س. ع - من الإسكندرية: ما حكم الشرع في تأدية الزكاة المفروضة علي أموال حفيدي القاصر؟ ** أجاب الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر الأسبق: ولقد حددت السنة أنصبة الزكاة ومقاديرها والأموال التي تجب فيها وهي ثالثة دعائم الإسلام كما جاءت في الحديث المشهور المتفق عليه عن ابن عمر رضي الله عنهما: "بني الإسلام علي خمس". وأحاديث كثيرة مبينة ومؤكدة أركان الإسلام الخمسة. ولقد حذر القرآن الكريم في آيات عديدة من منع الزكاة. وجاءت الأحاديث من السنة مؤكدة لهذا التحذير الشديد كما جاءت بالوعد والوعيد وبالترهيب والترغيب في أداء الزكاة وصارت فرضيتها مما هو معلوم من الدين بالضرورة. وأجمعت الأمة علي ذلك تتناقل هذا جيلا بعد جيل. شروط المزكي وتجب الزكاة في مال كل مسلم ومسلمة بالغ عاقل. واختلف الفقهاء في وجوبها في مال الصبي والمجنون والمعتوه علي قولين. أحدهما وجوب الزكاة في أموالهم. وهو قول جمهور الفقهاء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم وهو الأقوي دليلا. فقد استندوا إلي عموم الآيات والأحاديث الصحيحة التي دلت علي وجوب الزكاة في مال الاغنياء وجوباً مطلقا دون أن تستثني صبيا ولا مجنونا ولا معتوها وبما جاء في السنة من الأمر بالاتجار بمال اليتيم حتي لا تستهلكها الصدقة وبما صح عن الصحابة من إيجاب الزكاة في مال اليتيم وهذه الأدلة مبسوطة في مواضعها من كتب الفقه المتنوعة. ومن ثم وجب علي ولي اليتيم أو المجنون أو المعتوه إخراج الزكاة من مال في ولايته من هؤلاء. وتعتبر نية الولي.. في الإخراج كنية صاحب المال البالغ العاقل. وينبغي للولي أن يستأذن القاضي في إخراج الزكاة من مال اليتيم متي بلغ نصاباً نامياً. إن الزكاة في اللغة: النماء والطهارة والصلاح والبركة. والزكاة في الشرع: تطلق علي الحصة المقدرة من المال التي فرضها الله للمستحقين كما تطلق علي نفس فعل إخراج هذه الصدقة. فهذا اللقط من الأسماء المشتركة التي تطلق علي عين "فهي الطائفة من المال المزكي بها" كما تطلق علي معني: "وهو الفعل الذي هو التزكية" ومن قبيل هذا الامر قول الله سبحانه وتعالي في سورة المؤمنون: "والذين هم للزكاة فاعلون" "المؤمنون:4" إن المراد - والله أعلم - الفعل الذي هو التزكية. ليس مال الزكاة. وسميت هذه الحصة من المال المخرجة من أي نوع من أنواع الأموال زكاة لأنها تزيد في المال الذي أخرجت منه. وتوفره معني وتقيه الأفات. وليس النماء والطهارة مقصورين علي المال فحسب. وإنما يمتدان ليشملا نفس المزكي صاحب المال سواء أدي بنفسه. أو بوكيل. أو ولي عنه علي ما يشير إليه قول الله سبحانه في سورة التوبة: "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها" "التوبة: 103". وقد تكررت كلمة الزكاة معرفة في القرآن الكريم ثلاثين مرة. ثمان منها في السور المكية وباقيها في السور المدنية. وقد جاءت الزكاة مقرونة بالصلاة في آية واحدة في سبع وعشرين موضعاً من هذه الثلاثين وفي موضع منها ذكرت في سياق واحد مع الصلاة. وإن لم تكن في آياتها. ولقد أوجب القرآن الكريم الزكاة وفرضها في الأموال بصيغ متنوعة كلها أمر كما بين القرآن مستحقي الزكاة في أية التوبة: "إنما الصدقات" "التوبة: 60". وقد أكدت السنة وبينت ما أجمله القرآن. باعتبارها البيان القولي. والتطبيق العملي للقرآن وفقا لم تلقي الرسول صلي الله عليه وسلم عن ربه. وبإذنه ووحيه علي ما يدل عليه قول الله سبحانه في سورة النحل: "وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليه ولعلهم يتفكرون" "النحل: 44".