تشغل الحركات الإسلامية حيّزا كبيراً من اهتمام المراكز والمؤسسات البحثية العالمية وزاد من ذلك حدوث ثورات الربيع العربي مؤخراً واهمية البحث في دور تلك التيارت وما يمكن ان تُمثّله من تأثير في العلاقات الدولية. وإن كان هناك تشابه في تلك الثورات والحركات بداية من الثورة الإيرانية ثم التركية وبعدهما ما حدث في دول المغرب العربي ومصر وسوريا واليمن ومؤخرا دولة مالي فالتساؤل الذي يطرح نفسه بقوة: هل يمكن استنساخ تلك الثورات في بلاد أخري؟ من اجل هذا عقد مركز حوار الحضارات بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة بالتعاون مع جامعة أدنبرة البريطانية مؤتمراً موسعاً شارك فيه أكثر من ثلاثمائة باحث ومفكر وسياسي من مصر والدول العربية والأجنبية تباحثوا وتناقشوا علي مدي يومين تحت عنوان¢ الإسلاميون والثورات العهربية.. ديناميات التغيير¢ من جانبها حرصت ¢عقيدتي¢ علي حضور كل المناقشات والتي نقدمها فيما يلي: في الجلسة الأولي أشار الكاتب الصحفي أيمن الصياد- المستشار السابق رئيس الجمهورية- إلي أن جماعة الإخوان المسلمين هي من اكثر الخاسرين لإدارة البلاد كما كان الحال بالنسبة للمجلس العسكري خلال ال17 شهرا التي أعقبت الثورة ويدل علي ذلك نزول الجماهير الي الشوارع احتجاجا علي الأوضاع بدلا من الاحتفال بذكري الثورة في يناير 2013 وعلي الإخوان أن يسألوا أنفسهم: لماذا حدث هذا؟ ولماذا انفض عنهم حلفاء الأمس؟ . والإخوان بعد انتقالهم للعلانية أحوج ما يكونوا للمعارضة المنصفة لكن عندما يتصوروا أن كل من هو خارجهم عدوهم فهذا أمر خطير ومن يدّعي أن كل من يعترض علي الإخوان هو بالضرورة لا يريد نجاح المشروع الإسلامي عليه أن يراجع نفسه لأن الفائز الآن هو من يريد إعادة إحياء النظام القديم وهناك مخطط معلن بهذا يقول: أنا أو الفوضي!! مظل شاملة من جانبه طالب الكاتب والمفكر فهمي هويدي بالتروي في إصدار الأحكام علي الحكام الحاليين لأن فترة 7أشهر غير كافية للحكم عليهم مشيرا الي انه إذا كان الحديث منتشرا عن ¢أخونة¢ الدولة فإنه يري ان الذي تم هو ¢دولنة¢ الإخوان وليس العكس! وما يُثار عن استنساخ التجربة التركية في الثورة اكد أنه لا يمكن استنساخها وإنما الاستفادة منها فقط لأن كل مجتمع له طبيعته وإن كانت الديمقراطية هي التي انضجت التجربة التركية التي نجحت في تحويل التعليم الي سياسات في المقابل لم يتمكن الإخوان من ذلك كما ان الأتراك تحولوا الي حركة تخدم الناس بينما الإخوان ظلوا يعظونهم والفرق كبير بين الخدمة والعظة والأهم هو التصالح مع جميع أطياف المجتمع بكل مقوماته وهذا ما جعل حزب العدالة والتنمية مظلة للمجتمع التركي كله وليس مظلة إسلامية فقط. جزء من النظام ورغم كونه بريطانيا إلا أنه أورد العديد من الألفاظ والعبارات المصرية في بحثه عن¢الإخوان المسلمون في السلطة¢ حيث فتح الدكتور جيناروا- الاستاذ بالجامعة البريطانية بالقاهرة- النار علي جماعة الإخوان بقوله:"بوّظوا الدنيا" هذا هو التعبير الشائع في مصر عنهم فالأمر ليس سهلا علي الإطلاق خاصة في ظل هذه الظروف مشير الي أنه بدأ بحثه منذ حكم المجلس العسكري وصولا لحكم الإخوان نافيا عن نفسه تهمة ¢الأجندة المعادية¢ أو الإسلاموفوبيا لما تعلمه من منهجية خاصة في مجال الحكم علي المواقف وهو لا يعادي فكرة الخلافة الإسلامية بل يصفه بالمشروع المختلف أو مشروع النهضة. وقال: كان الإخوان في عهدي السادات ومبارك جزءاً من النظام بشكل عام أي من الفاعلين المحيطين بالنظام خاصة في السنوات الأخيرة بعد الفوز ب 88 مقعدا في البرلمان ولم يكن هناك أي أمر خارج النظام بل إنهم لم يكونوا جزءاً من تطورات المظاهرات والاحتجاجات ولا السعي للإطاحة برجال مبارك الذين يسيطرون علي الاقتصاد منذ 2004 وهم رجال جمال مبارك فقد ركزوا فقط علي الأمور الأخلاقية في البرلمان وليس مكافحة الفساد أو أي امور جوهرية واستشهد بسؤاله ممثل العمال من الإخوان المسلمين عن الإضرابات وحركة 6 أبريل فلم يجبهحتي ان د. عصام العريان نفي مشاركتهم في مظاهرات الطلبة عام 2010 بل الإخوان لم يكن لهم رد فعل علي تزوير الانتخابات! قواعد اللعبة وتحدثت د. إيمانويلا- بجامعة لشبونة- عن¢ الإسلاميين في المغرب العربي¢ مشيرة الي ان هناك قواعد ثابتة للعبة السياسية وهي قبول المبادئ الديمقراطية بنسبة من الليبرالية مع الحفاظ علي مكانة الملك كقائد لهذه التطورات وإذا لم تقبل هذا فلا مكان لك في السياسة فهو شرط أساسي ولكن بعد الربيع العربي صار هذا مقبولا وليس خطاً أحمر وفي تونس حدث هناك حوار مجتمعي مع المثقفين أعقبه وقوع أحداث الربيع. تجربة حماس واستعرض عماد الصوص- من أصل فلسطيني- لتجربة ¢حماس¢ في غزة مشيرا الي أنها أُعلنت في عام 87 عن طريق الإخوان المسلمين خلال الانتفاضة الأولي ثم دخلت الصراع مع الاحتلال ثم الصراع الثاني خلال عامي 2006 2007 ثم دخلت الانتخابات والحكومة مما أدي للإنقسام بين فتح وحماس وبالتالي انقسام القضية الفلسطينية غير أن وجودها في السلطة قلل من وجودها في المقاومة والتقليل من وجود كتائب القسّام وهبطت شعبيتها وتحولت من مستقلة الي إدماجية وتحول خطابها من المركزية والعسكرية الي فكرة الوجود خاصة بعد صفقة شاليط لذلك فتحولها الي حزب سياسي يهدد وجودها كمشروع ديني وبالتالي صارت تتحدث عن مشروعيتها في الانتخابات أي المشروعية السياسية وليست الدينية مما ظهر معه محاولة انقسام¢جلجلة¢ وإعلان الإمارة الإسلامية في جنوب رفح. وأشار ¢الصوص¢ الي أن التنظيم الدولي الإخواني يدعم حماس بقوة رغم إنكارها ذلك وبعد وصول الإخوا للحكم في مصر زاد التبادل التجاري وكذا قيمة ما تتحصل عليه من جمارك وصلت 20% وبدأت في تنفيذ مشروع تكافلي فيما بين الفلسطينيين لدعم أسر الشهداء من خلال التبرع بنسبة 5% من دخل كل فرد شهرياً باعتباره واجبا دينيا ومن ناحية أخري لعودة الحصول علي الدعم الشعبي والسياسي لحماس هذا بجانب جهود المصالحة وإبقاء الصلة والعلاقة مع الجمهور من خلال العائلات الكبري. النموذج التركي وقال د. ميشيل أندرو- بجامعة الفاتح التركية-: هناك عدد كبير من الحركات الإسلامية ربما تختلف عن بعضها لكن السؤال: هل يمكن أن تكون نموذجا للثورات العربية؟ فالتجربة التركية منذ 2000 يُنظر لها باعتبارها نموذجا ديمقراطيا وحيدا في العالم الإسلامي لذلك حرص الكثيرون علي المشاركة والاطلاع عليها عن قرب كما حدث من د. محمد مرسي وخالد مشعل وراشد الغنوشي بحضورهم أخر مؤتمر لحزب العدالة والتنمية. وهل يقبل الإسلاميون النموذج الذي يُقدم من خلال المسلسلات التركية التي يشاهدها أكثر من 65% من العرب حاليا والتي تقدم تركيا المتقدمة المتحررة جنسيا؟! وربما كان الجيش المصري يريد تطبيق نموذج الجيش التركي بعد دستور 82 ام أن الأتراك يريدون تسويق نموذج النمو الاقتصادي الذي جاء بعد 2002 وإذا كان الكثيرون يقولون بأنه نموذج جيد وفعال ومنضبط وناجح إلا أنني أؤكد أنه لا يصلح كنموذج للثورات العربية لعدة أسباب منها: وجود العديد من أوجه الاختلاف في تركيا عنها في العرب من ناحية التقدمية العالية بسبب البيئة التي نشأت فيها الحركة الإسلامية التركية فهي إسلامية وغير إسلامية في ذات الوقت بل إنهم ينظرون للنماذج العربية علي انها قدوة لهم وليس العكس فهناك¢دين¢ كبير للحركة الإسلامية تجاه العربية حيث الثقافة التي لها الأثر الكبير علي هؤلاء وكذا السينما وخاصة المصرية والموسيقي العربية وأيضا تأثير الطرق الصوفية مثل النقشبندية والفجوة الكبري حدثت خلال الثلاثينيات بعدم وجود تعليم ديني تركي فكانوا يذهبون للتعلم في مصر وسوريا والعراق فانتشرت كتب الإخوان المسلمين ومنها تحديدا كتابي ¢معالم علي الطريق¢ و ¢ في ظلال القرآن¢ لسيد قطب وقد مثّلا القراءة الأساسية لكثير من الإسلاميين الأتراك. أضاف ميشيل أندرو: وأكثر من هذا فالأتراك ينظرون للعرب والهنود علي انهم ¢خانوا¢ الخلافة العثمانية وهم يركزون علي النزعة العثمانية الجديدة لقيادة العالم الإسلامي وهذا يُحبط القارئ غير التركي أضف الي ذلك فإن نظام السلطة ¢الكمالية¢.. نسبة الي كمال أتاتورك.. قمعي جدا ويهتم بالشكل الرسمي القانوني ومحاكمة المعارضين وإن كان هذا يُقلّص من الحركة الإسلامية في إطار قيود معينة إلا أنه أعطي للإسلاميين الأتراك فرصة للتعامل مع الطبقة الوسطي من رجال الأعمال الذين قاموا بدور كبير في تمويل الحركة الإسلامية وخلقت نوعا من الوسطية لذلك فالنموذج التركي هو غير إسلامي وخطابه لا يملك أية مرجعية للمصادر الإسلامية الدينية كالكتاب والسنة حتي النظام التعليمي هو يدفعهم للتركيز علي الأفكار الغربية وليست الإسلامية حتي أن بعض الإسلاميين المصريين تساءلوا عن الإسلام في الخطاب التركي وحركته الإسلامية؟ رمز الإخوان الروحي وقدّم د. ديفيد وارن- بجامعة مانشستر البريطانية- تحليلا ذاتيا لمواقف وفتاوي وآراء كل من د. يوسف القرضاوي وراشد الغنوشي مشيرا الي ان القرضاوي يعتبر الرمز الروحي للإخوان المسلمين صاحب مدرسة وسطية وأن في حياتهما الماضية منهجيات استبدادية أنتجت فتاوي معينة ود. القرضاوي يسعي لتقديم الإسلام بصورة اكثر حداثة مما جعله عرضة للإسلاميين المحافظين نفس الوضع بالنسبة للغنوشي الذي جعل حزب النهضة التونسي يلتزم بمبادئ الشريعة بشكل ضمني وليس شرطا أن يتضمن هذا في الدستور بشكل واضح وصريح باعتبار ان المجتمع ليس جاهزا لتطبيق الشريعة حالا وبالتالي ركزوا علي القضايا الاجتماعية ووصف ¢د.ديفيد¢ هذا الطرح بالبراجماتي. وهنا علّق البعض بأنه مفهوم للتدرج واتباع منهج الأولويات وليس البراجماتية بالمفهوم الغربي الوصولي.