عائلة مصرية تشرفت بالخدمة في البيت الحرام وحمل مفاتيح زمزم. لتعيد لنا أمجاد "كسوة المحمل" التي كانت ترسل سنويا علي ظهور الإبل لتجديد كسوة الكعبة المشرفة. فلم يكن يدري الحاج محمد إبراهيم الزناتي المقيم بعزبة الحكيم التابعة لقرية شمس مركز السنبلاوين دقهلية أنه علي موعد مع السعادة الأبدية له ولأسرته. حين توجه في السبعينيات لأداء فريضة الحج. وكان واضحا عليه تعلقه الشديد بالبيت الحرام لدرجة أنه نسي مقر إقامته وظل ملازما الحرم ولم يشعر بذلك إلا عند انتهاء موسم الحاج. حتي بعد عودته ظل قلبه متعلقا بالكعبة المشرفة إلي أن جاءه نداء ربه العظيم بعد 10 سنوات لتكرار الحج وبجوار الكعبة خر ساجدا يدعو ربه أن يقضي بقية حياته في رحاب الحرم المكي الشريف. فاستجاب الله تعالي دعاءه فأصبح موظفا بالجهاز الإداري للحرم الشريف. ليس هذا فحسب بل نجح فيما بعد في استقدام ولديه ليكونا بجواره في خدمة ضيوف الرحمن. حرصت "عقيدتي" ونحن نعيش أجواء الحج علي زيارة تلك الأسرة المكرمة بعملها في رحاب الكعبة المشرفة.. في مسقط رأسها فكان هذا اللقاء الإيماني: سعداء الدنيا والآخرة يقول محمد الزناتي: أنا من مواليد 1954 واعتبر نفسي بحمد الله من السعداء في الدنيا وإن شاء الله في الآخرة لما حباني به ربي سبحانه وتعالي من هذا الفضل والشرف العظيم. يتذكر الزناتي بداية سفره إلي الأراضي الحجازية فيقول: عندما سافرت عام 77 لأداء فريضة الحج لأول مرة وجدت نفسي وأنا أشاهد الكعبة المشرفة النور وقد دخلني وانتباني شعور لا يوصف فسجدت لله تعالي شكرا علي هذه النعمة ودار بخلدي دعاء سيدنا رسول الله: اللهم زد هذا البيت تعظيما وتشريفا ومهابة للناس وأمنا وظللت أردده ومع مرور الوقت وأداء الفرئض بالحرم وجدت نفسي قد نسيت المسكن الذي أنزل فيه بجوار الحرم ولك أن تقول تناسيته لأظل طوال الوقت بجوار الكعبة المشرفة حيث كنت أتقرب إلي ربي سبحانه بالصلاة وقراءة القرآن. وعقب انتهاء شعائر ومناسك الحج كان لزاما علي أن أعود إلي أرض الوطن مصر علي اعتبار أن موسم الحج قد انتهي هنا حزنت حزنا شديدا لأنني سأحرم من هذه الفيوضات الربانية ومن رؤيتي للكعبة المشرفة التي تعلق قلبي بها وكنت كلما جاء موسم الحج والعمرة وأنا في مصر أجد نفسي تشتاق إلي عبق الحرم الشريف.. وكان حزني يزداد لأنني لم أكن مع الحجيج هناك وقتها. وفي فترة التسعينيات مكن الله لي العودة إلي بيته الحرام وعندما دخلت الحرم وملئت عيناي وقلبي بجمال الحرم والكعبة المشرفة.. هنا بكيت بكاء شديدا ودعوت الله في سجودي وتضرعت إليه أن يمكن لي أن أقضي بقية حياتي في هذه البقعة المباركة. يستطرد الزناتي قائلا: وسبحان الله تجلت مشيئته تعالي وتحقق حلم حياتي بأن أصبحت بقدرة رب العزة والقدر موظفا بالحرم المكي بواسطة مهندس مصري من محافظة الشرقية كنت قد عملت معه في مهنة راعي غنم في منتصف الثمانينيات وأصبحت أشرف بحمل مفاتيح زمزم ومفاتيح ثلاثة أدوار بالحرم وهي التي تعلو الصفا والمروة بما فيها سطح الكعبة وكتب الله لي حضور غسيل الكعبة المشرفة بحضور جلالة الملك عبدالله والشيخ عبدالرحمن السديس الذي تعرفت عليه في توسعة الحرم ومن وقتها وهو دائم الدعاء لي ولأولادي كلما التقينا ولأنني أصبحت ضمن الجهاز الإداري للعاملين بالحرم فقد نجحت بتوفيق من ربي في استقدام ولداي إبراهيم وكمال حيث أصبح إبراهيم مسئولا عن دفتر الحضور والانصراف بنظام الوردية كل 12 ساعة كما أصبح كمال مهندسا بغرفة التحكم الرئيسية للكهرباء والهندسة الإذاعية بالحرم. ويؤكد الزناتي أنه وأولاده يشعرون بقمة السعادة كلما قاموا بأداء خدمات لضيوف الرحمن وتزداد سعادتهم كلما تقابلوا مع المصريين ليقدموا لهم المساعدة وحسن الضيافة والاستقبال. من جانبه يروي الابن علاء الزناتي مؤذن مسجد الرحمن الحليم الذي قامت الأسرة ببنائه في عزبتهم أنه قام بأداء العمرة في رمضان الماضي وأثناء سعيه بين الصفا والمروة فوجيء بالرئيس محمد مرسي يمر بجواره دون حراسة فسلم عليه ودعا له بالتوفيق وأعرب عن سعادته بعمل والده وأخويه في الحرم.