القيادة تبدأ من المنزل وفي هذا يقول روبن شارما صاحب كتاب "دليل العظمة" الثمرة لا تسقط بعيدا عن شجرتها أبدا فأطفالك سيشبهونك حتما أكثر مما تتخيل يمكنك ان تعين أبناءك علي تحقيق العظمة بأن تصبح دليلهم في الطريق إليها. هناك عالم بريطاني متخصص في مجال القيادة ألف كتابا اسمه "قيادة محمد" مع انه ليس مسلما ويدعي جون اداير وقد تناول اداير الجوانب القيادية في شخصية الرسول وحياته بشكل مختلف عن الآخرين. ومن أولها ان أداير يضرب بالرسول مثلا بالقائد المحنك الذي يفهم تماما محيطه الثقافي والحضاري والمبادئ الأخلاقية المجردة المتبعة في القبائل في هذا الوقت ثم بما لديه من مهارات قيادية كما انه اهتم بالحوارات والممارسات القبلية والعادات والتقاليد الثقافية التي شكلت المحيط والثقافة التي اشتغل بها النبي محمد صلي الله عليه وسلم. وإذا كان هدف اداير بيان ان أسلوب القيادة يجب ان يوافق السياق الثقافي الذي يطبق فيه فقد نجح في ذلك بامتياز ليسرد واقعة تلو واقعة موضحا ان فهم الرسول صلي الله عليه وسلم للقواعد السلوكية القبلية للجزيرة العربية مكنته من ان يصبح قائدا ملهما ومسيرا فعالا. الواضح ان لداير وجهات نظر قوية حول ماهية القيادة وكيف يجب ان يتم تطويرها وتوظيفها في شتي مضارب الحياة فهو يؤمن بفضائل القيادة وقيمتها. والنجاح في نظر اداير عائد للقيادة فمحمد الرسول صلي الله عليه وسلم الذي حول الجزيرة العربية ومعظم العالم من خلال تعاليمه وعبره لم يكن ليحقق ذلك النجاح دون ان يكون قائدا جيدا. وإذا تأملنا بعض الملامح البسيطة في بداية حياة النبي حيث تربي في كنف جده عبدالمطلب وهو واحد من أكبر زعماء العرب في هذا الوقت تدلنا الأخبار الثابتة عن حياته صلي الله عليه وسلم قبل البعثة علي الحقائق التالية: انه ولد في أشرف بيت في بيوت العرب فهو من أشراف فروع قريش وهم بنو هاشم وقريش أشرف قبيلة في العرب وأزكاها نسبا وأعلاها مكانة وقد روي عن العباس رضي الله عنه عن رسول الله صلي الله عليه وسلم انه قال: "إن الله خلق الخلق فجعلني من خيرهم من خير فرقهم وخير الفريقين ثم تخير القبائل فجلني من خير قبيلة ثم تخير البيوت فجعلني من خير بيوتهم فأنا خيرهم نفسا وخيرهم بيتا". ولمكانة هذا النسب الكريم في قريش لم نجدها فيما طعنت به علي النبي صلي الله عليه وسلم لاتضاح نسبه بينهم ولقد طعنت فيه بأشياء كثيرة مفتراة إلا هذا الأمر انه نشأ يتيما فقد مات أبوه عبدالله وأمه حامل به لشهرين فحسب ولما أصبح له من العمر ست سنوات ماتت أمه آمنة فذاق صلي الله عليه وسلم في صغره مرارة الحرمان من عطف الأبوين وحنانهما وقد كفله بعد ذلك عمه أبوطالب حتي نشأ واشتد ساعده وإلي يتمه أشار القرآن الكريم بقوله: "ألم يجدك يتميا فآوي" الضحي: .6 كانت تعرف فيه النجابة من صغره وتلوح علي محياه مخابل الذكاء الذي يحببه إلي كل من رآه فكان إذا أتي الرسول وهو غلام جلس علي فراش جده وكان إذا جلس عليه لا يجلس معه علي الفراش أحد من أولاده "أعمام الرسول" فيحاول أعمامه انتزاعه عن الفراش فيقول لهم عبدالمطلب: دعوا بني فوالله إن له لشأنا. ولنتوقف قليلا عند هذا التعبير الذي وجد عند عبدالمطلب من عدة مشاهدات نعرفها جميعا عند مولد الرسول ثم تصرفات الرسول الناضجة الواعية وهو طفل وعدم مشاركته الصبية في لهوهم وعبثهم وإذا نظرنا إلي هذا الأمر بشكل مجرد ان تصرفات عبدالمطلب مع الرسول وهو طفل بدأت تزرع فيه كونه قائدا عظيما وبدأ صلي الله عليه وسلم يتصرف علي هذا الاساس. وللحديث بقية