اقتضت حكمة الله البالغة أن يتقلب الإنسان في هذه الحياة بين الشدة والرخاء والعسر واليسر والفرج والكرب وهذه طبيعة الحياة طبعت علي كدر وأنت تريدها. صفوا من الأقدار والأكدار والمؤمن يدور مع قضاء الله وقدره في العسر واليسر ويظفر بإحدي الحسنين فإن أصابته سراء كان من الشاكرين وإن أصابته ضراء كان من الصابرين. وكثيرا ما تتجلي حكمة الله في أنواع البلاء فقد يكون البلاء نعمة للمؤمن لإيقاظه من رقدته أو تنبيهه من غفلته. أو تذكيره بخالقه اختباراً له"لايزال البلاء بالمؤمن حتي يمشي علي الأرض ولسي عليه خطيئة" ولايتكمل إيمان العبد حتي يعد البلاء نعمة. قد ينعم الله بالبلوي وإن عظمت:- ويبتلي الله بعض القوم بالنعم وإذا ما قلب الإنسان بصره لا يجد إلا منكوبا أو مكروبا أو مهموماً أو مغموماً أو مريضاً وهذه طبيعة الدنيا. والمؤمن يتوقع الفرج في أي لحظة ويعلم أن لله في كل نفس أو طرفة عين ألف ألف فرج. فالأمر إذا ضاق اتسع وإذا أظلم الليل سيأتي بعده الفجر الصادق وخلف الغمام بدرا. ومن أهم فوائد البلاء أنه يقرب العبد إلي الله. فكثيراً ما نري الإنسان سادراً في المعاصي بعيداً عن ربه فإذا أصيب بمصيبة رجع إلي مولاه"فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون" فالبلاء يجمع بين العبد وبين ربه. والصحة تجمع بينه وبين الدنيا. وإذا تأمل الإنسان حال الأقدار وجد أن كل ما يصيب المؤمن فهو مصيبة وأن ما يحدث للأفراد والمجتمعات نذر إلا هية للرجوع إلي الله والركون إلي مسبب الأسباب. يقول علي بن أبي طالب"رضي الله عنه""لو أن الناس حيث ينزل بهم البلاء رجعوا الي الله لرد الله لهم كل شاردة ولفرج عنهم كل هم" ومن لطائف صنع الله أن الله يسوق المصائب والهموم ولا من منطلق غضبه علي العباد وإنما لكي يرجعوا إلي ربهم "كما بدأكم تعودون" بقلم الدكتور/ عادل المراغي أمام وخطيب مسجد النور بالعباسية