كل الشواهد تؤكد أن الإذاعة المصرية فقدت دورها الريادي مؤخرا بعد أن نجحت الشاشة الصغيرة في سحب البساط من تحت أقدامها في ظل تعدد القنوات الفضائية التي تحاول كل واحدة منها إثبات وجودها بالطريقة التي تحلو لها حتي لو كان علي حساب الإبداع الإعلامي سواء فيما تقدمه من دراما المسلسلات وبرامج المسابقات والمنوعات والفكاهة.. وقد أحزنني ذلك كثيرا خاصة أننا طوينا صفحات حصاد الأعوام الأخيرة.. لكني مازلت أتذكر ما كانت تقدمه الإذاعة المصرية من روائع درامية والملاحم الغنائية وبرامج المنوعات والمسابقات المتميزة مثل عوف الأصيل عواد باع أرضه أدهم الشرقاوي عيلة مرزوق أفندي وليالي أضواء المدينة وبرنامج الغلط فين لعلي فايق زغلول وساعة لقلبك وأعمال أخري جاءت كلها في عهد عمالقة الإذاعة أمثال فهمي عمر محمد محمود شعبان طاهر أبوفاشا حمدي الكنيسي آمال فهمي أمين بسيوني طاهر أبوزيد صبري سلامة إلا أن رئاسة الإذاعة توافد عليها بعد ذلك إعلاميون وإعلاميات فشلوا في استعادة دورها الريادي من جديد حتي في مجال اكتشاف المواهب الغنائية مثلما حدث في البرنامج الضخم »ستار ميوزك« الذي كانت ستقدمه الإذاعة بالاشتراك مع شركة صوت القاهرة، والطريف وقتها أيضا أنه جاء تحت حجة التطوير إلغاء الفترات المخصصة لإذاعة أغاني كبار المطربين والمطربات »إذاعة أم كلثوم« التي كانت تقدم يوميا علي مدار خمس ساعات.. وهكذا هربت الأمجاد السابقة للإذاعة بفعل تراخي القيادات وقلة الاعتمادات وسوء حال الاستديوهات وهي كلها عوامل انعكست بالسلب علي الأداء وجعلت الإذاعة تدخل دهاليز السبات العميق، وفشلت كل المسكنات في انتشالها من الغيبوبة وإعادتها لسابق عهدها.. والسؤال الآن لماذا لا تشهد برامج كل الشبكات الإذاعية تطويرا كبيرا في الشكل والمضمون بحيث يتناسب مع المرحلة الحالية التي تشهد أحداثا مهمة علي المستويين الداخلي والخارجي، ولماذا توقفت البرامج المتميزة بالمتعة والفن والفكر والإيقاع السريع، ولماذا لا يتم إشعال روح التنافس بين صانعي كل المواد والبرامج والدراما علي مختلف شبكات الإذاعة ولماذا لا نرفع شعار هدم الشللية وأصحاب المصالح الذاتية وإلي متي سيظل المستمعون يقولون القديم يكسب.. ياوزير الإعلام ويامسئولي اتحاد الإذاعة والتليفزيون ومعهم الأدباء والمؤلفون والنجوم والمخرجون تكاتفوا وأخلصوا النوايا واعملوا وأعيدوا التفاؤل لإعادة المستقبل المشرق للإذاعة وفن الهمس المسموع مرة أخري مع بدايات عام 2013.