بعد إعلان فوز الدكتور محمد مرسي برئاسة مصر وأدائه اليمين الدستورية ثلاث مرات الأولي والأخيرة كانت باختياره ورغبته أن يكون قسمه أمام الشعب بكافة أطيافه أما الثانية فكانت بحكم الاضطرار مع عقبة الإعلان الدستوري المكمل ، تبدأ مصر مرحلة جديدة حافلة بالكثير من المطبات والعقبات الصعبة لايملك فيها الرئيس الجديد سوي التفاف الشعب حوله وإيمانه قبل ذلك بالله وأنه يريد الخير لهذا البلد ، فالنظام القديم ترك لنا ميراثا مرا من الفساد والاستبداد والقهر والتخلف حرم المواطن من كافة حقوقه وكان مجرد رقم علي الهامش وخارج سياق الإنسانية. ماهو مطلوب الآن أن يحصل الرئيس علي فرصته ليس خلال المائة يوم الأولي ولكن خلال عامه الأول فإن أحسن نشد أكثر علي يديه ونعاونه وإن أخطأ بصرناه بما يجب فعله لتصحيح المسار والرجل أكد علي هذا المعني في كل خطبه قبل وبعد فوزه، والاختلاف حول شخصه وتوجهاته وأدائه ليس عيبا لكن هناك قواعد أخلاقية للخلاف تجاوزها الإعلام وبعض القوي السياسية في الفترة الماضية من خلال سيل الشائعات الي طالت الرجل وأسرته والتيار الذي ينتمي إليه وصوره البعض كخطر داهم يهدد الدولة المصرية وتراثها الحضاري وأننا مقبلون علي دولة ونظام يحكمه رجال الدين بقبضة من حديد والخلاف المصطنع بين مايسمي بالدولة الدينية والمدنية. لايمكن الحكم علي الرئيس الجديد إلا من خلال أفعاله ومدي وفائه بتعهداته للشعب لا أن نحكم علي مظهره وسلوكه إلي الدرجة التي اعتبر البعض بساطته وتلقائيته عيبا لايليق بالمنصب الرفيع لأن الطيبة ودماثة الخلق عند البعض تعني الضعف ومعاني أخري سلبية، ولو فعل العكس لقالوا إنه يحمل في داخله طابع العنف والتسلط والغرور وأننا أمام مشروع ديكتاتور باسم الدين وسيقيم حواجز وأسوارا بينه وبين شعبه لايجوز حتي الاقتراب منها ، ونذكر هؤلاء بممارسات النظام والرئيس السابق في سنوات حكمه الأخيرة وكيف كان ينظر لشعبه ويتعامل معه وأين كان يقيم ومافعلته حاشيته وما تورطت فيه من فساد وما ارتكبته أجهزته الأمنية من جرائم سوف تتكشف في المستقبل القريب. أمام الرئيس الجديد مهمة صعبة لكنها ليست مستحيلة طالما ظل علي مقربة من شعبه يصارحه ويكاشفه بأوضاع البلاد ليقف معه، أما من يناصبونه العداء من أنصار وأزلام النظام القديم فسوف يتقلص دورهم مع نجاح الرئيس في تحقيق تقدم علي أي صعيد في الداخل والخارج لأن هؤلاء تضررت مصالحهم ويفقدون ما جنته أيديهم من كسب حرام من جراء الفساد الذي عم البلاد لعدة عقود زمنية مضت ويريدون استعادة مواقعهم، لكن الشعب قادر علي مواجهة هؤلاء لأن مصر تمتلئ بالكثير من الشرفاء والمخلصين في كل مكان وهم نواة أي تقدم وازدهار وبناء مصر جديدة في كل شيء يفخر المصريون بالانتماء إليها من شبابها قبل شيوخها ولايحتكر ثروتها ومواردها وحتي هواءها مجتمع النصف في المائة! وأمام الرئيس مرسي ملفات شائكة في مقدمتها الاقتصاد الذي يقف علي حافة منحدر صعب وليس أمام المصريين سوي عودة دوران عجلة الإنتاج والعمل بإخلاص وجدية لإقالة الاقتصاد من عثراته المتوالية والشروخ العميقة في أركانه من فقر وبطالة وتدهور في الخدمات وغيرها من أمراض وعلل ، لابد أن تعود مصر للاعتماد علي قدراتها واستغلال مواردها كي تتخلص من التبعية وأن تصبح سيادة مصر واستقلال قرارها بعيدا عن أي يد خارجية شرقا أوغربا ، لن يفعل مرسي ذلك وحده وإنما بتعاون الجميع معه لأنه لايملك عصا سحرية وعصاه التي يتكئ عليها هي شعبه في كل أرجاء الوطن ، وأمامه أيضا ملف الأمن وإعادة هيكلة وتنقية أجهزة الأمن من العناصر التي مارست كل أشكال القهر والعنف ضد المصريين الشرفاء وتغيير مفهوم الأمن إلي خدمة الشعب وليس حماية الحاكم والنظام ، وأمامه ملف الفساد وتطهير كافة قطاعات الدولة من سرطان المحسوبية وخراب الذمم وحرمان المواطن من كافة حقوقه المشروعة وأن تعود خادمة للشعب وليس العكس ! وليس مطلوبا من الإعلام أن يهلل للرئيس ليصنع منه فرعونا جديدا يضاف لسلسلة الفراعين الذين حكموا مصر طويلا ولا أن يكون رجاله من حملة المباخر والدفوف ودوره يجب أن يكون في خدمة الشعب وطرح الأفكار البناءة وعرض هموم الناس ويكون أشبه بالضوء الكاشف الذي ينير الطريق للحاكم وكل مسئول في هذا البلد ، كما لايجب أن يكون الإعلام بكافة ألوانه واتجاهاته معول هدم يتصيد الأخطاء ويشن حملات تشويه وتصفية حسابات لأننا في النهاية في قارب واحد ولا أحد يتمني أن يغرق بنا ! لاتحكموا علي الرجل قبل أن يبدأ مشواره في الحكم وحاسبوه إن أخطأ لكن لا تحملوا الرماح وتشهروا السيوف في وجهه لتعرقلوه، فالخسارة ستعم الجميع وليعطه المختلفون معه فرصة أو هدنة ليروا ما سيفعله وليفعلوا أكثر من ذلك وهو أن يمدوا أيديهم له ليعاونوه إن كانوا فعلا يحبون هذا البلد ويعشقون ترابه كما يرددون. المسئولية في بناء مصر الجديدة تقع علي عاتق كل مواطن حر وشريف ومخلص لهذا البلد وإذا نهضت مصر ينهض العرب والمسلمون في كل مكان لأنها قلب العروبة النابض والعالم ينظر إلينا الآن وثورات الربيع العربي كادت تدخل في سبات عميق وتصبح تاريخا يروي حتي أعادها المصريون من ذلك النفق المظلم والنهاية التي أرادها أركان وأقطاب الثورة المضادة ، مصر سوف تظل مرفوعة الرأس طالما ظل الشعب يقظا لايقبل بغيرعودة حقوقه كاملة واستعادة بلدهم لدوره ومكانته بين شعوب الأرض وفي مصاف الدول المتقدمة ، والمستقبل بإذن الله سوف يحمل كل الخير لهذا الشعب وذلك البلد.