فريد الأطرش .. وحليم «حليم» كان شديد الذكاء.. ساخرا من الحياة ومن كل البشر.. يملك حس الدعابة والفكاهة رغم الهدوء الذي كان يبدوعليه «محب» للحياة ومدرك لقيمتها منذ أن وعي أن أيامه فيها قصيرة لأن «ليالي العمر معدودة» وإن كان كل ذلك لم يمنع من أن يكون «سريع الغضب» «سريع النسيان» . و«الصفح» إحدي شيماته الرئيسية. نعم «حليم» كان «غيورا» علي فنه ومكانته علي القمة التي وصل إليها بعد مجهود وتعب شاق وطويل.. «نفسه» في الخلاف والصراع لم يكن طويلا كعمره تماما.. لذا كان تصالحه مع «فريد الأطرش».. وخصامه مع رفيق مشواره «محمد الموجي».
«الحب عليك هو المكتوب».. «وطريقك مسدودٌ» هكذا ملأ الخوف أعين «قارئة الفنجان» وهي تطالعه وتطلب منه «ألا يحزن».. ونسيت أنه مولود معه.. وصاحبه طوال مشوار حياته ورغم ذلك «يبقي الحب ياولدي أحلي الأقدار» حتي لو لم يجتمع شمله مع الحبيب.. وتكون «النهاية» سعيدة كما في الأفلام التي قام ببطولتها. «حليم» كان «موعود بالعذاب».. لكن «الصدفة الجميلة» كانت وراء لقاءات كثيرة جمعته بعد ذلك بأصدقاء أصبحوا مقربين إلي قلبه «عادل إمام» الذي ربطت بينهما صداقة وطيدة. قال لي «عادل إمام».. أثناء تواجدنا في إحدي المرات بالرباط للمشاركة في مهرجانها الشهير بالمغرب.. إنه في إحدي السهرات التي تواجد فيها كان عبدالحليم متواجدا أيضا.. وجاء إليه من يهمس في أذنه بذلك ويطالبه بأن يقوم لمصافحته.. لكن «عادل» رفض.. ولما سألته عن السبب قال «بصراحة خفت» من أن يقوم بأي حركة قد تضايقني خاصة أنه العندليب الأسمر وأنا مازلت في بداية مشواري.. ويضيف.. قائلا.. ويبدو أن هناك من أوصل هذا الكلام «لحليم».. فوجدته واقفا أمامي فاتحا ذراعيه قائلا لي: «أنا جيت أسلم وأتعرف».. ومنذ هذه اللحظة أصبحنا أصدقاء.
ويروي لي أحد الأصدقاء الذي كان مقربا من الاثنين.. أنه في أحد الأيام وبينما هو متواجد في منزل عادل إمام حيث كانت تعد لهم السيدة هالة زوجة عادل «ملوخية» كانت تشتهر بها.. أن فوجئ بعصام إمام يدخل «الصالون» قائلا قوم معي عبدالحليم.. فيجيبه الصديق المشترك يعني «عبدالحليم حافظ» ياأخي.. ليفاجأ بأنه عبدالحليم حافظ فعلا قائلا له أيو أنا «بشحمي ولحمي عندك مانع وجاي آكل ملوخية». في هذا اليوم كان زفاف صديق آخر «وجيه عقل» خريج زراعة وصديق لعادل.. وكان عقد القران في شقة «وجيه».. ولما جاء الموعد سأل عادل عبدالحليم هل تود الذهاب معنا.. فأجاب بنعم.. فسأله عادل بأي عربية تذهب فأجابه «حليم» بعربيتك طبعا. كان «عادل» يمتلك سيارة رمسيس صغيرة.. وعبدالحليم سيارة «أمريكية فارهة».. أخذ عبدالحليم شنطة الأدوية وطلب من السائق الانصراف. وفي العربة «الرمسيس» الصغيرة جلس عادل والسيدة زوجته.. وفي الخلف عبدالحليم حافظ والصديق المشترك.. وكان المارة في الشوارع لايصدقون مايرونه أثناء الإشارات بأن حليم جالس في تلك السيارة الصغيرة «وعادل» يسوق. في هذا اليوم غني عبدالحليم بدون فرقة موسيقية.. فقط دندنة «لوجيه عقل» الذي لم يكن ينتظر أو يتوقع حضور حليم لفرحه البسيط «الحلم المستحيل».
«صعلوكا» في الحياة كان.. صعلوكا بالمعني الجميل في فن عيشة الحياة.. كان محروما من الكثير من الطعام.. فكان يشعر بالسعادة عندما يشاهد أصدقاءه يأكلون أو يشربون مما هو محرم عليه بأوامر من الأطباء. «صعلوكا» كان.. لكنه كان صديقا لعدد من الملوك والرؤساء.. وعلي رأسهم ملك المغرب «محمدالخامس»الذي كان يعشق صوته وكان يدعوه كثيرا إلي قصره بالمغرب.
«الحلوة بعيونها السودة الحلوة».. كانت حبا كبيرا في حياته.. وهي أيضا أحبته كثيرا.. «سعاد حسني» دلوعة.. وشقية السينما المصرية.. قصة حب تصلح لأجمل الأفلام حملت معها دراما الحياة.. قصة جميلة.. لكن نهاية تعيسة جعلت كلا منهما يعرف معني العذاب. في صداقتي «بسعاد حسني» وفي أثناء حوار لي معها قالت لي.. «بقدرما أسعدني الحب بقدر ما أتعسني».. «كان بيقول لي بحبك كان.... وأنا من طيبة قلبي صدقته علي طول». الفراق ترك أكثر من «دمعة حزن».. لدي كل من «سعاد» و «عبدالحليم».. ولذلك كان ضروريا ألا يكون هناك «عتاب». «بلاش عتاب.. بلاش عتاب ياحبيبي».. «وفي ضل أمالي الحلوة.. والدنيا ملك إيديا».. «بصيت ولقيتك مش جنبي» «أنا بترجاك استني هناك.. استني بعيد علشان أنساك» لكن لا عبدالحليم قدر ينسي «سعاد» وهي أيضا لم تستطع أن تنساه.. رغم أن القدر وضع في طريق كل منهما قصة حب أخري.. هو لإحدي السيدات الفاضلات.. لكنها رحلت رغم أنها الوحيدة التي استطاعت أن تقهر الخوف بداخله ليتخذ قرارا «بالزواج». أما سعاد فقد تزوجت بالفعل من «علي بدرخان» .. ورغم سنوات من السعادة عاشتها.. لكنهما انفصلا.. لتعيش أحزانها من جديد..