نعيش أيام التعديلات الدستورية. حدث تاريخي. نري تاريخ مصر يصنع ونشارك في إبداعه، ونترك مقاعد المتفرجين ونذهب لميادين الفاعلين، الاستفتاء علي تعديل الدستور أبعد من الموافقة علي مادة أو رفض مادة، الإضافة أو الحذف أو التعديل، استفتاء علي مستقبل مصر، أن نكون أو لا نكون، أرجوك قل لا للسلبية، وارفض »الأنامالية»، وانزل واذهب إلي لجنتك الانتخابية. وعندما تمسك بطاقة إبداء الرأي، لا تعد إلا إلي ضميرك الشخصي، الفردي، واسأله في لحظة مناجاة صافية، لا تتكرر في العمر، في أي الصفوف تقف؟ وأي المعسكرات تصطف؟ هل أنت مع استقرار مصر واستمرار مصر وقدرة المصريين علي أن يستكملوا ما بدأوه، في الخامس والعشرين من يناير 2011، والثلاثين من يونيو، والثالث من يوليو 2013؟ فالفعل الكبير الذي بدأ وقتها لا بد أن نصل إلي خواتيمه حتي يؤتي ثماره وحتي يحصل الشعب علي لحظات راحة يستحقها بعد التضحيات الكبري التي قدمها وما زال يقدمها. اعتبرْ أن كل شهيد ينصحك بالذهاب. الأهم أن العشرات والمئات والآلاف من شهداء الوطن هم أهلك وناسك ولحمك ودمك. إنهم أشرف أبناء الوطن وأكثرهم نبلاً. استشهدوا، دفعوا حياتهم ثمناً لكي نصل ما وصلنا إليه الآن. ولكي نعبر عن شكرنا لما قاموا به وامتناننا لما فعلوه. علينا أن نقف في طوابير الاستفتاء فرحين. نحمل الورود. مرحبين بما يتم. سنذهب من أجل مصر ومستقبلها واستقرارها. ولينتصر المصريون علي خصومهم الذين تخندقوا في دول تعادي مصر وكبلت أياديهم أموال كان يجب أن يرفضوها. ونطقت ألسنتهم بما لا يجب أن ينطقوا به. لأن حب الأوطان فريضة. والارتباط بالوطن والدفاع عنه أمور لا يجب أن تقبل الأخذ والعطاء. أنت وضميرك ومصرك في لحظة نادرة. لحظة عبقرية سيتوقف الزمان أمامها طويلاً عندما تخلو إلي نفسك بعيداً عن صخب الآخرين، لكي تحاول رؤية المصير والمسير الذي يمكن أن يخرجنا مما نحن فيه. وأن يوصلنا لحالة من الاستقرار. وأن يمكن أبناء مصر من أن يتموا ما بدأوه، وأن يصلوا بنا إلي مرحلة بناء نحن في أمس الحاجة إليها في مصر: هنا والآن. أكتب لنفسي. فليس من حقي أن أنصح الآخرين. وإن كان من حقي أن أعلن موقفي لأهل بلدي ولناسي. ليس بطلب أن يتخلي كل منه عما يؤمن به. ولكن بهدف وحيد أن يفرق بين الثوابت والمتغيرات. الثوابت ثوابت. قائمة منذ الأزل وستبقي حتي الأبد. لكن المتغيرات ظروف طارئة نتعرض لها ونتكيف معها ونوفق ظروفنا مع ما تتطلبه منا. عندما تنزل من بيتك ذاهباً للجنة الاستفتاء لا أرجو منك سوي أن تتمثل ما مر بنا والخطر الذي ما زال ينتظرنا. إنه خطر كامن. يوجد عند أول منعطف. لا بد أن نراه وأن نشعر به مهما تخفي. وأن تكون عينك علي مصائر الأجيال القادمة. التي لا بد أن نسلمها مصر أفضل مما تسلمناها مكاناً للحياة المشتركة وللسعادة الممكنة. لأجل الأبناء والأحفاد والأجيال الآتية لا بد من قول نعم.