نعيش هذه الحياة بما فيها من خير وشر.. وهدي وضلال.. وآمال وأحلام.. وسرعان ماتمر الأيام والسنون ويري الإنسان نفسه قريبا من الموت، ويحس أن هذه الحياة بكل مافيها باطل وغرور، ولا يبقي للإنسان إلا ماقدمت يده من خير أو شر سوف يجزي عليه في عالم خالد لايعتريه الزوال.. ومن هنا فقد آثر البعض أن يعيش لله وبالله، وأن يكون طريقه إلي الله هو الحب الإلهي. فرابعة العدوية تقول:»اللهم إن كنت تعلم أني أعبدك طمعاً في جنتك فاحرمني منها وإن كنت تعلم أني أعبدك خوفاً من نارك فأحرقني فيها».. إن هؤلاء المسافرين إلي الله يتخذون من قوله تعالي دليلا لهم.. مثل قوله تعالي »وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ» البقرة 65. ومثل قوله تعالي: »يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَي الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَي الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ». المائدة 54 والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: »ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ ، وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ.. أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ».. وهذا الاتجاه إلي حب الله.. يعني أن يعمل الإنسان الحلال ويبتعد عن الحرام.. ومن هنا ظهر الأدب الصوفي.. وهو مليء بالمشاعر المتدفقة في حب الذات العُلية. وهو أدب خصب جميل في معانيه وأخيلته ومراميه، إنه أشبه بالمصباح الأمامي الذي يضيء للسالكين طريق الله الطريق الصحيح نحو الهدي والرشاد.. ويشعر من يسلك طريق الله بالأمن والأمان، والثقة فيما عند الله.. وعطاء الله بلا حدود.. وهذا الأدب كما يقول عنه الصديق الشاعر الأديب الدكتور صابر عبدالدايم عميد كلية اللغة العربية الأسبق بالزقازيق: ... »فإن الأدب الصوفي يحتل الذروة في الصدق الفني.. ويوغل في تمثيل التجربة الشعرية لأن المتصوفين لم يقولوا الشعر قبل خوض التجربة ولكن تجربة الكشف عندهم تمخضت عن هذه الآثار الشعرية والنثرية علي السواء».