ما أن تنتهي علاقات الحب العاطفية، وتمضي السنوات، حتي يبدي كل طرف فيها (رجلًا أو امرأة) دهشته!!.. كيف أحب يومًا هذه المرأة؟!.. أو كيف أحبت يومًا هذا الرجل؟.. الأكثر دهشة.. كيف كان هذا الرجل يومًا؟ وكيف كانت تلك المرأة؟... الروائية البريطانية الحاصلة علي نوبل (2007) دوريس ليسنج (65 عامًا) تري أن هذا يحدث أيضا في العواطف الجماعية.. فما نعتقده بقوة، ونتحمس بشدة ونخضع له بحكم ضغوط إجتماعية وعاطفة جماعية.. ما أن تأتي السنوات حتي تبدو سخيفة وعجيبة.. لا تتراءي للآخرين كما تراءت لنا ولمن عاشوها، ويمكن أيضا أن تكون موضع دهشة وسخرية من أنفسنا!!... في كتابها ( سجون نختار أن نحيا فيها) ترجمة سهير صبري (عن دار العين) تشرح دوريس ليسنج من خلال 5 محاضرات قدمتها للإذاعة الكندية قبل عشرين عامًا.. كيف يفكر البشر، والأسباب التي تدفعهم لتبني وجهة نظر ما، واعتناق أفكار بقوة وبكامل الوعي، ليست سوي سجون يعيشون فيها، ويدافعون عنها حتي الموت... تشرح دوريس سخف ذلك وجموده وبدائيته، من خلال أهمية (العين الأخري) والفحص الذاتي، تلك المهمة الكبري للروائي التي يقدمها لمواطنيه، وهي تمكيننا من رؤية أنفسنا كما يرانا الآخرون... ما تقدمه دوريس في كتابها، هو دعوة للمراجعة وتحرير العقل.. ألا نكون سجناء لأفكارنا ومعتقداتنا، أن نكف عن امتلاك الحقيقة واحتكار الصواب.. لأن أكثر الأفكار منطقية، قد تصبح أضحوكة في زمن آخر..!!