كتاب من أحدث إصدارات المركز القومي للترجمة. من تأليف: جون سيمور كي. وترجمة: عز الدين أبو ستيت. وقدمه صديقنا حارس التاريخ المصري الدكتور: أحمد زكريا الشلق. ومن لا تاريخ له لا مستقبل له. وصدق الذين عرَّفوا الإنسان بأنه حيوان له تاريخ. فاستيعاب ما جري يمنع إمكانية تكراره مرة أخري. ويحصن الإنسان ضد ما جعله ممكن الحدوث. والكتاب صغير الحجم - 113 صفحة قطع كبير- هائل القيمة. مؤلفه هو الكاتب البريطاني جون سيمور كي. عمل في خدمة الإمبراطورية البريطانية في الشرق، في الهند ومصر. وتابع نشاط بلاده باهتمام من نوع خاص في بلاده. ووضع يده علي قيام الحركة الوطنية المصرية كرد فعل في التغلغل الأوروبي. وخاصة الإنجليزي في شئون مصر الداخلية والخارجية. المؤلف ليس مؤرخاً بقدر ما هو كان معاصراً وشاهداً. بل ومشاركاً في الأحداث التي مرت بها مصر بين عامي 1862 و1882، وهما بشهادة المؤرخين المصريين والبريطانيين. ومن خلال مذكرات من عاصروا هذه الأيام. يعتبران من أخطر عقود السياسة المصرية. قد انتهي العقدان بالاحتلال السياسي والعسكري لمصر. أعجبني في الكتاب روح مؤلفه. الذي لم يكن استعمارياً رغم انتمائه لدولة استعمارية. ولم يكن غازياً محتلاً بقدر ما تعاطف مع المصريين. ويكفي عنوان الكتاب: نهب المصريين. تليها: قصة عار. ويكفي أن يعترف إنجليزي بأن ما قامت به بريطانيا في مصر يندرج تحت مسمي: العار. وهو نفس ما فعله جان بول سارتر، عندما كتب ما فعلته فرنسابالجزائر تحت عنوان: عارنا في الجزائر. المفردات التي يستخدمها المؤلف تجعلني أشك أنه مصري. رغم اسمه وانتمائه للمحتل. وهذه مجرد عينات: النهب ونتائجه. القمع والبؤس واليأس يصنع الحركة الوطنية. كان هذا عنوان الجزء الأول. أما الجزء الثاني: الحرب علي الشعب والبرلمان المصري للدفاع عن الأجور الرسمية. ورغم أن مؤلف الكتاب ليس أديباً محترفاً. بل هو رجل له دور في الحياة العامة. إلا أن كتابته فيها الكثير من الروح الأدبية. فعندما نصل إلي مقدمات الأزمة يكتب: - غير أن البرتقالة المصرية تم اعتصارها وقاربت علي الجفاف. المهم في الكتاب أمران. الأول: الديون وحجم الخطر الذي يمكن أن تشكله علي مصائر وأقدار الشعوب. الثاني: تعنت المحتل وقسوته وخلو تصرفاته من أي بعد إنساني. لدرجة أنني أثناء قراءة الكتاب قلت: كيف يمكن وصف هؤلاء بالإنسانية؟ ثم كيف لا يوجد أي ذكر للثورة العرابية التي قامت؟ وإن كان المؤلف لم يحب أن يذكرها. فلماذا لم يفطن لهذا التقصير كاتب المقدمة ومترجم الكتاب؟ لأن الكتاب يقدم كل المقدمات التي أدت إلي الثورة العرابية التي ظلمها التاريخ ووصفها بأنها هوجة. مع أنها كانت بداية ليقظة قومية كبري. مترجم الكتاب الدكتور: عز الدين شوكت. من الذين درسوا في قسم المكتبات بكلية الآداب. وتولي العديد من المناصب. أما المراجع فهو أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بآداب عين شمس. وقد اكتشفت من المعلومات المدونة عنه أنه طنطاوي. أي من مواليد طنطا. وهو ما لا تشعر به عند الحديث معه.