بصراحة نحتاج إلي ألف وقفة مع تلك الإعلانات التي تدخل بيوتنا عبر شاشات التليفزيون وخاصة الفضائيات التي تقبل رغم كل التحذيرات والاجراءات التي تتخذ ضدها من قبل أجهزة الرقابة الاعلامية التابعة للدولة أو من قبل الجهات الأخري سواء الوزارات كالصحة أو أجهزة حماية المستهلك أو الاسواق لتصحيح سلوكياتها الاعلانات تأتي كالنشال الذي بخفة يد يسطو علي مامعك دون أن تدري مع الفارق في التشبيه واستوقفني احدها هذا الاسبوع ورأيته عشرات المرات ولكن هذه المرة دققت فيما يقال فيه فوجدته اشبه بالجريمة الكارثية التي تمس أمن المواطن. ببساطة شديدة الاعلان عن صيانة لماركة غسالات مشهورة بصيتها وحملاتها الكثيرة التي تملأ الشاشات باشكال مختلفة وبأرقام تليفونات اعتقد انها لعدد من التوكيلات عن نفس الماركة وكلها تتنافس ولا نعرف منها من التوكيل الاصلي من عدمه وللأسف هناك من هم غير فنيين في هذا الشأن وكم عاني أقارب وأصحاب منهم. المهم الاعلان الذي استوقفني كان عن ان الغسالة هي أول شيء يخرب في البيت طيب السبب ايه الاعلان المحترم أكد السبب وهو اننا نستخدم مياه غير صالحة وهي التي تؤدي الي عطل الجهاز ولا ادري أية مياها يقصدها الاعلان كلنا نستخدم مياه الحنفيات القادمة إلينا من شركات المياه وهي شركات تؤكد ان المياه كلها صالحة للاستخدام الآدمي الآمن بمعني انك يمكنك ان تشربها أو تطبخ بها في حياتك اليومية دون خطورة أو ضرر يذكر، هذه المياه علي مستوي الجمهورية هي التي نستخدمها جميعا والتي يصفها الاعلان بأنها غير صالحة للغسالات وكأن الدولة عندما تؤكد الصلاحية فهي لاتقصد الغسالات الغلبانة التي تتسبب تلك المياه في عطبها رغم التأكيد علي صلاحيتها وتعجبت من المقولة ومن أن الاعلان الذي يغطي عشرات الفضائيات لم يستلفت نظر أي مسئول من الدولة أو في أي من شركات المياه علي مستوي الجمهورية التي لاتترك أي فرصة إلا لتؤكد لنا سلامة المياه وصلاحيتها ولم لا ونحن ندفع فيها الغالي والنفيس بعد ان زادت اسعارها وصارت تكوي جيوبنا. اعلان آخر وآخر مضاد له عن فلاتر المياه، الأمريكاني يفند في مزاياه ويزم في المنتج الآخر يصفه بالمضروب وبأنه المُضر بالصحة والجيب ويرد اصحاب المنتج الآخر ليفندوا ما يشاع بادعاء انه غير صالح وانه مجرد دعاية كاذبة والضحية بين الاثنين هو المستهلك الغلبان الذي تضحك عليه الشركات الاستثمارية التي لاهدف لها إلا شفط ما في جيوب الغلابة وهنا يثور السؤال وأين الرقابة؟! أين المصداقية؟ الاعلانات يجب ألا تكون مجرد »ردح» من شركة »لزّم» منتج شركة أخري أو العكس ولكن يجب أن تكون دعاية صادقة تتم مراجعتها عن طريق جهات الرقابة الصناعية والتسويق قبل وصول الاعلان للشاشة وقبل المراقبة الاعلانية التي من المفروض أنها الضابط الأخير حتي لا تصل مثل تلك الاعلانات للمواطن الغلبان وتضحك عليه وعلينا. أما ما يحرق الدم بجد فهو استضافة اطباء مع الأسف يخرجون علينا وهم يضعون حول رقابهم سماعات الكشف الطبي وكأننا سنصدقهم فقط بهذه الصورة دون غيرها ليشرحوا لنا العلاج الشافي المعافي -مع ان الشافي المعافي هو الله- من خشونة الركبة وتآكل الغضاريف والمرهم الذي يمحو الآلام بأربع جلسات والعلاج المبدع لعلاج الرماتويد والذي لانعرف علي وجه الدقة هل فعلا يشفي من المرض أم أنه مجرد مسكنات قد يكون ضررها أكبر من نفعها والغريب هو ان كل هذه الاعلانات تكتب في نهاية عرضها أو خلاله انها جاءت بموافقة وزارة الصحة وبمباركتها. اتمني ان يخرج علينا احد من مسئولي مياه الشرب ليرد علينا هل المياه التي يدعي الاعلان انها تفسد الغسالات صالحة للشرب أم لا؟ وأي مسئول آخر في الصحة ليقدم الدليل الكافي علي أن المرهم مفيد في علاج الأمراض من عدمه؟