بدأت الشمس بالانحدار خلف الجبل تبدلت ألوان مياه النيل اكتسبت صفرة باهتة ثم حمرة أرجوانية ثم زحف عليها اللون الرمادي وواصلت الطيور دورانها علي هيئة رأس سهم. بدت البيوت الطينية والدكاكين تضيئها المشاعل والكلوبات والفلاحون عائدون يجرُّون بهائمهم.. وجوهم متعبة وأقدامهم حافية ينظرون إلينا بلا عداء ويحرصون علي الابتعاد عن طريقنا وتخبئ النساء وجوهها خلف الطرح والشيلان القطيفة. عبر أمامي حمّال عجوز رأيت وجهه كواحد من نقوش جدران المعابد بعد أيام السفر الطويل علي ظهر سفينه كنت أحن للسير بثبات علي اليابسة خواجة من جزيرة بعيدة قتل مكاري في سوق الحمير بالإسكندرية وجاءت سفن الكفار التي كانت تنتظر وراء الأفق ولم تكن لنا صلة بالمكاري ولا الخواجة لكن المدينة كلها كانت تشتعل بالقذائف هنا أقام العمال الذين بنوا المعابد والقصور ومقابر الأشراف وسكنوا هذه الجحور الضيقة كماهو الحال دائما إنه التل الأزلي الذي كان المصريون يقيمونه دائما وتطورت منه أشكال الأهرامات محاولة للوقوف أمام الخواء والتل يبقي بعد انحسار فيضان النيل فيجسد البعث بعد الفناء هنا يقيم الإله في نقوش إخناتون اندحرت الآلهة واختبأ الكهنة واختفي الملوك والقادة وصعد بدلا منهم الناس العاديون الذين لم يأبه بهم أحد هذه الأرض تحتفظ بأسرارها منذ آلاف السنين هل تعتقد أن حفنة من الأوربيين يمكنهم اكتشافها في سنوات دفنوه سرا.. اختاره في مكان ناءٍ حتي لا يصل أعداؤه له ويهينوا جسده كل حجر هنا له حكاية رواية محمد المنسي قنديل