هناك الكثيرون يكرهون التسلط والبيروقراطية ويعتبرونها أسهل أسلوب لفرض السيطرة وضبط الأمور.. وكانوا يؤمنون بالأساليب الأكثر رقيا وحكمة ومثالية في التعامل رغم أنها تحتاج لفترات طويلة لتؤتي ثمارها.. ولكن للأسف الواقع يصدم أي فرد من هؤلاء في قناعته ومثاليته.. حيث يوجد أشخاص متراخون كسالي لا يمكن التأثير عليهم وتوجيههم نحو الالتزام بواجبات العمل إلا من خلال أوامر صارمة وتعليمات مكتوبة محددة.. بل إن هناك أشخاصا هم دائما في انتظار من يملي عليهم ما يفعلون وما لا يفعلون.. وهناك نوع آخر من المشاكسين المعارضين دائمي الانتقاد ولا يقدمون لك حلولا ولا إبداعا بل يثقلونك بالمزيد من الصراعات والتوتر والأعباء الإدارية في مضمار العمل، وبالمقابل تجد هناك فئة قليلة منجزة متعاونة متقبلة أن يكون هناك نظام عادل منظم في العمل.. حيث يتفق ذلك مع مبادئهم والتزامهم بمهامهم وواجباتهم.. ولكن قد تضعك الظروف في بيئة عمل فوضوية أو عانت من خلل في النظام لفترة ما.. فللأسف حين يصدمك الواقع بأنك مهما كنت لطيفا ومتحضرا مع الأشخاص من حولك.. فإن ذلك قد يفتح أبوابا مغلقة للتسيب والتهرب من الواجبات أو أداء الحد الأدني منها بدون أي اهتمام يذكر.. بل قد يجعلك تضحي بشيء من مثاليتك ونمطك القيادي المرن الذي كنت تظن أنك تمثله يوما مما يدفعك للقول رغم عنك: مرحبا بالبيروقراطية.. مرحبا بالبيروقراطية إن كانت ستجعل من حولي يحترم العمل ويحقق أهدافه ويكون فعالا منجزا.. ومرحبا بالبيروقراطية إن كانت ستضع الأمور في نصابها وتقضي علي الصراعات بين هذا وذاك.. وتعطي كل ذي حق حقه.. ومرحبا بها إن كانت ستعيد الحقوق لأصحابها وتبرز الجادين المتميزين وتكافئهم وتعاقب الفوضويين الذين لا يقدمون في المصالح والهيئات إلا فسادا قولوا ما شئتم مادام الموقف يتطلب حزما وشدة وثقة واحتراما وتقديرا للجهود والإنجازات، وأخذا علي أيدي مزعزي النظام، سارقي الوقت والطموحات وهادمي الأهداف.. وها أنا أقولها بملء فمي في مواقف تتطلب الحزم.. أفتخر بأن أكون بيروقراطيا وربما سأبقي كذلك مع من لا يفهم إلا بعصا التسلط والقوة.