من رحم الأحزان.. من التيه في غياهب العجز المروع.. وانتعال الغبار والأوهام في دروب الخزي.. نحاكي السلحفاة نطل برأسنا الصغير لنشاهد تطور المأساة ونعاود سريعا الهروب.. النوم والموات.. منذ 100 عام ووعد بلفور الرجيم ينفذ علي قدم وساق، ونحن العرب نحترف الغناء.. صناعة الأناشيد والكلام.. في كل نكبة وفاجعة تفترش قاعات المؤتمرات.. نشجب.. ندين.. نندد.. نثرثر.. نستنكر.. نتقن الصراخ.. ونحن نرصد احتضار التاريخ والجغرافيا وانتهاك المقدسات. القدس »مدينة الصلاة» تغتصب.. القدس »بوجوهها المجدلية» وحجارتها النبية تسلب: »قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا».. صدق الله تعالي، وهانحن منذ بضعة أيام نواجه التوقيع الجهنمي فهل نطبع مع الهوان فلتكن صحوة، إفاقة تعيدنا من الغياب.. العدم، فالمطلوب إبادتنا، ففي البداية كان اغتصاب الوعي ثم الأرض والعرض وكل مقدس ونفيس حتي اللغة العربية مطلوب اندثارها، وما هو المتوقع عندما يمتطي العالم تاجر شنطة!! أو »تاجر البندقية» لشكسبير فتستحل الدماء علي طريقة تشيلوك وقدس الأقداس.. شكرا ترامب ربما توحد أمة مهترئة أتقنت التناحر ربما نودع 100عام من الغفلة. القدس عبرية.. إذن هو آخر الزمان هذا لن يكون.. والقدس عربية.. عربية وستظل حتي آخر الأنفاس.. حتي آخر قطرة دماء.. هاهو تشيلوك البيت الأبيض في العصر الذهبي للفتونة والبلطجة منزوعة السياسة والبراجماتية المتوحشة والموحشة يوقع في أتون تلك الأيام المالحة، النافقة هذا العقد الرجيم (الفاوستي) فهي صفقة شيطانية بفعل القوة المريضة المارقة الناتجة عن ضعف وتخاذل أمتنا الغارقة حتي الثمالة في الفتن والدسائس والانغماس في كل فخ محكم تحيكه القوي المفترسة التي تحاكي »دراكولا» فهي تقتات علي دماء، ثروات، أشلاء وجثث العرب.. الذين هم أغلبهم في غيبوبة خارج الزمن ذي الإيقاع اللاهث، الأمة الاستهلاكية وكأن الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر (ماعدتش علينا)!! وحين نحاول التصنيع تغيب رقابة الجودة، نحن أيضا لا نبتكر، لا نخترع، لا نحلق بالفكر والخيال بعيدا وطويلا، نحن مصابون بقصر النظر وقصر النفس نحن سكان الجاهلية والقرون الوسطي الغربية تنجح دوما معنا المؤامرات والمكائد ليس بفعل تفوق الآخر وقوته ولكن بفعل ضعفنا وتفريطنا في حقوقنا وفي إنسانيتنا أتقنا الفرقة الرچيمة واستمرأنا الهزيمة ومن ثم أي تاجر شنطة أو تاجر البندقية يعتقد أنه السيد، الآمر الناهي يعصف بالقانون الدولي وبالحقوق الأزلية، السرمدية.. ولكن تجليات المقاومة الصاعدة من كل شعوب الأرض الحرة حبلي ببعض من الرجاء والأمل، ربما تلك الصرخات الغاضبة، الثائرة تهشم أغلال العجز المقيمة يقول المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد: »جوهر الاستشراق هو التمييز الذي يستحيل اجتثاثه بين الفوقية الغربية والدونية الشرقية» أما ماركس فقال: »إنهم عاجزون عن تمثيل أنفسهم».. والاستشراق هو اختراع غربي وكأنما الشرق هو ليس إلا محظية حبلي بالمفاتن وجب اغتصابها وأسرها في دائرة المفعول به ثم لفظها أي تراث من العبودية والهوان.. وعن الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تأمر وتنهي فيما لا تملك فأود التوضيح أن أكبر جريمة إرهابية في تاريخ البشرية ليست 11 سبتمبر ولكن هي أبشع عملية إرهابية في التاريخ هيروشيما ونجازاكي إبادة وتشويه مئات الآلاف من البشرية في ثوان! أما نائب الرئيس الأمريكي الذي أكد أن أمريكا وإسرائيل صنوان يتشاركان في المصير فإسرائيل هي توأم روح أمريكا وهذا صحيح فأمريكا أبادت السكان الأصليين للقارة بأبشع الأساليب وهي في النهاية احتلت أرضا لاتملكها، ملايين من الهنود تم قتلهم فها هو القتل المشروع وسفك الدماء الحلال مادام الطرف الآخر ضعيفا فصناعة الإرهاب، الترويع، وإنعاش الفتن أمريكية صهيونية وبدلا من أن يكون الصراع الدائر الآن عربيا فارسيا فالأفدح والأخطر أن يكون سُنيا شيعيا لضمان مستوي الدمار الشامل وتحويل المنطقة إلي قطرة دم قانية علي خارطة الأوطان.. إنه أوان الشاعر العظيم نزار قباني تحتلني أبياته منذ توقيع العقد الثالث في السلسلة الجهنمية وعد بلفور نكبة 48 ثم الأربعاء الأسود وأضيف الاتفاقية اللعينة ذات يوم ولدت شمسه سوداء ميتة سايكس بيكو هي بحق مئوية العار وأعود لنزار حيث ترتوي نيران الغضب في »راشيل وأخواتها»: »وجه قانا.. شاحب كما وجه يسوع وهواء في البحر في بيسان أمطار ودماء ودموع.. دخلوا قانا كأفواج ذئاب جائعة يشعلون النار في بيت المسيح ويدوسون علي ثوب الحسين وعلي أرض الجنوب الغالية.. قصفوا الحنطة والزيتون والتبغ.. قصفوا حتي المشافي والنساء والمرضعات وتلاميذ المدارس.. كشفت قانا الستائر ورأينا أمريكا ترتدي معطف حاخام يهودي عتيق وتقود المجزرة وتطلق النار علي أطفالنا دون سبب وعلي زوجاتنا دون سبب وعلي أشجارنا وأفكارنا فهل الدستور في سيدة العالم.. بالعبرية مكتوب لإذلال العرب؟؟ هل علي كل رئيس لكم في أمريكا إذا أراد الفوز في حلم الرئاسة قتلنا نحن العرب؟؟ انتظرنا عربيا واحدا يسحب الخنجر من رقبتنا انتظرنا هاشميا واحدا، قرشيا واحدا، دونكيشوتيا واحدا قبضايا واحدا لم يقطعوا شاربه.. انتظرنا خالدا أو طارقا أو عنترة.. فأكلنا ثرثرة.. وشربنا ثرثرة.. نحن في غيبوبة قومية.. ما استلمنا منذ أيام الفتوحات بريدا نحن شعب من عجين كلما تزداد إسرائيل إرهابا وقتلا نزداد ارتخاء وبرودا وطن يزداد ضيقا.. لغة قطرية تزداد قبحا.. حدود كلما شاء الهوي تمحو حدودا.. كيف إسرائيل لا تذبحنا؟» وفي »ثلاثية أطفال الحجارة»: »أطفال الحجارة بهروا الدنيا ومافي يدهم إلا الحجارة وأضاءوا كالقناديل وجاءوا كالبشارة قاوموا انفجروا واستشهدوا وبقينا دببا قطبية صفحت أجسادها ضد الحرارة قاتلوا عنا إلي أن قتلوا وبقينا في مقاهينا كبصاق المحارة واحدا يبحث عن تجارة واحدا يبحث عن مليار جديد وفي لندن قصر منيف واحدا يعلم سمسار سلاح واحدا يطلب من البارات ثاره آه ياجيل الخيانات وياجيل العمولات وياجيل النفايات والدعارة سوف يجتاحك مهما أبطأ التاريخ ياتلاميذ غزة.. ياتلاميذ غزة لا تعودوا لكتاباتنا ولا تقرأونا نحن آباؤكم فلا تشبهونا نحن أصنامكم فلا تعبدونا نتعاطي القات السياسي والقمع واستعدوا لتقطفوا الزيتونا.. إن هذا العصر اليهودي وهم »سوف ينهار لو ملكنا اليقينا.. ألف أهلا بالمجانين إن هم حررونا يرمي حجرا أو حجرين يقطع أفعي إسرائيل إلي نصفين.. تأتي غزة في أمواج البحر تضيء القدس كمئذنة بين الشفتين.. يرسم فرسا من ياقوت الفجر.. ينهي عصر الحشاشين ويقفل سوق القوادين ويقطع أيدي المرتزقين.. يرمي حجر الثورة يرمي.. يرمي.. يرمي.. حتي يقلع نجمة داوود بيديه ويرميها في البحر أي نبات أسطوري هذا الطالع من بين الجدران أي نهود من ياقوت فاضت من ورق القرآن؟ ليسأل عنه العرافون.. الصوفيون من هو الولد الطالع مثل الخوخ الأحمر من شجر النسيان؟ من هو هذا الآتي من أوجاع الشمع ومن كثب الرهبان.. من هو هذا الولد الزارع قمح الثورة في كل مكان؟؟ من هو هذا الطافش من مزبلة الصبر ومن لغة الأموات. وفي »متعب أنا.. بعروبتي!!» سطر: »أنا ياصديقة مُتعب بعروبتي فهل العروبة لعنة وعقاب؟ أمشي علي ورق الخريطة خائفا فعلي الخريطة كلنا أغراب.. أتكلم الفصحي أمام عشيرتي وأعيد.. لكن ماهناك جواب.. لولا العباءات التي التفوا بها ماكنت أحسب أنهم أعراب يتقاتلون علي بقايا تمرة فخناجر مرفوعة وحراب.. قبلاتهم عربية من ذا رأي فيما رأي قبلا لها أنياب.. كل حر.. شريف.. مولع بالحق سينتفض.. سيثور سوف يخذل الصمت.. يسحق العجز المكبل للضمير الإنساني سيعلن العربدة الشرسة لتدجين وتركيع الشعوب.. ياقدس فليحفظك الله.. فليحفظك الرب.