تواجه مصر خلال المرحلة الراهنة، واحدة من أكثر البيئات الإقليمية والدولية تعقيدًا، حيث تتقاطع حولها ملفات أمنية وسياسية واقتصادية تتطلب قدرًا عاليًا من الحضور الدبلوماسى والاتزان الاستراتيجى، فعلى حدودها الشرقية، لا تزال تطورات الأزمة فى قطاع غزة، تلقى بظلال ثقيلة على المشهد الإقليمى، وفيه تلعب القاهرة دورًا محوريًا سياسيًا وإغاثيًا، مع التشديد على رفض أى ترتيبات تمس الأمن القومى المصرى أو تهدد بتغيير ديموغرافى على حدودها. أما على الحدود الغربية، فلا يزال المشهد الليبى هشًا رغم محاولات تحقيق الاستقرار السياسى، وفيه تسعى مصر إلى التشديد على أهمية توحيد المؤسسات الليبية وتأمين حدودها ضد مخاطر التهريب وانتقال الجماعات المسلحة، وفى الجنوب، تتعامل القاهرة مع تداعيات الصراع فى السودان وانعكاساته الأمنية والإنسانية، إضافة إلى مراقبة التطورات المتسارعة فى منطقة البحر الأحمر وما تشهده من تهديدات للملاحة الدولية. وفى ملف سد النهضة، تواصل مصر تحركاتها الدبلوماسية للدفاع عن حقوقها المائية والتأكيد على ضرورة التوصل لاتفاق قانونى ملزم، وعربيًا، تشهد العلاقات المصرية مع السعودية والإمارات والأردن، درجة عالية من التنسيق حول قضايا الأمن الإقليمى والطاقة. أما على المستوى الدولى، فقد تعززت الشراكة المصرية الأمريكية بمجالات الدفاع والأمن، وهو ما ظهر جليًا فى المشاركة الأمريكية الواسعة بمعرض EDEX 2025، وفى المقابل تعززت العلاقات المصرية الأوروبية استراتيجيًا واقتصاديًا، فيما تستمر الصين فى تعزيز حضورها الاستثمارى، وتواصل روسيا تعاونها فى مشروع الضبعة رغم تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية. أخيرًا.. وسط كل هذه التفاعلات، تسعى مصر للحفاظ على توازن دقيق يضمن حماية مصالحها القومية، ويعزز استقرارها، ويرسخ دورها الإقليمى كلاعب أساسى بمنطقة تتغير ملامحها بسرعة لم يسبق لها مثيل.