إذا كان الزوار يقفون مبهورين أمام ضخامة المدرعات والمدافع فى الجناح المصري، فإن الخبراء العسكريين يدركون أن المعركة الحقيقية لا تكمن فقط فى «الهيكل الخارجي»، بل فى «أحشاء» هذه المعدات. وهذا بالضبط ما قدمته مصر فى النسخة الرابعة من معرض إيديكس، حيث كشفت عن استراتيجية متكاملة تزاوج بين «القوة النارية» التى تنتجها مصانع الإنتاج الحربي، و»الاستدامة التشغيلية» التى يضمنها جناح اتحاد الصناعات المصرية عبر توطين قطع غيار الأسلحة والمعدات . اقرأ أيضًا| مركبة الإصلاح والنجدة «سينا 806».. مصرية 100% وقال المهندس محمد السويدى رئيس اتحاد الصناعات المصرية فى تصريحات خاصة ل «الأخبار»: إن هذا الجناح يُعد بمثابة التحول الأبرز فى المعرض هذا العام الذى ضم تكتلاً لشركات القطاع الخاص العاملة فى «الصناعات المغذية». وأشار السويدى إلى أن الرئيس عبدالفتاح السيسى منح الثقة لشركات القطاع الخاص لتولى مهمة تصنيع ما تستطيع من قطع غيار الأسلحة والمعدات التى كانت تستوردها مصر فى السابق بالعملة الصعبة فى خطوة غير مسبوقة واستثنائية أدخلت الصناعة المصرية إلى عهد جديد. وقال أيمن العشري، رئيس مجلس إدارة مجموعة حديد العشري، إن مشاركتهم هذا العام فى «إيديكس» هى حدث استثنائى وأضاف: نمتلك مكانة فريدة فى قطاع الصناعات المعدنية، خاصة منتجات «الصلب المخصوص»، وهو أحد أهم أنواع الصلب عالى التقنية الذى يدخل فى صناعاتٍ حيوية وعسكرية وهو ما بدأنا العمل به .. وقال: نجحنا فى تقديم منتجات دقيقة تحتاج خامات عالية الجودة ونجحنا فى تصنيعها بجودة وأسعار أفضل من مثيلاتها الأجنبية وبسعر أقل . بينما قال المهندس لطفى الزنطاحى مدير شركة مصر للأنظمة المُدمجة والحاسبات الصناعية: إن مصنعه كان من ضمن مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى لإنشاء ألف مصنع عام 2016 وحصل على الأرض بسعر التكلفة وإعفاء ضريبى 5 سنوات وهو ما كان سبباً وراء نجاح المصنع وتطوره ثم شاركنا فى مبادرة تصنيع قطع غيار المعدات والأسلحة. وأضاف: بدأنا التجارب وخرجنا بنتائج جيدة واليوم نعرض منتجاتنا من الكمبيوترات الصناعية التى تُستخدم داخل المعدات والعربات العسكرية وتتحمل الظروف البيئية الشاقة حتى درجة حرارة 70 مئوية والنهايات الطرفية المُدمجة وأجهزة ربط الشبكات الصناعية والعسكرية وأجهزة الكمبيوترات المدرعة وإمكانية تصميم وتنفيذ جميع أنواع الأجهزة المُدمجة داخل المعدات العسكرية وبأسعار تنافسية. أما المهندس محمد عبد المنعم مدير شركة الكنترول الصناعى فيقول: إن جناح اتحاد الصناعات يعمل بفلسفة أن «الدبابة أو المدرعة هى عبارة عن آلاف القطع الصغيرة» دخول القطاع الخاص لتصنيع هذه القطع يضمن سرعة التوريد، خفض التكلفة، واستمرار جاهزية السلاح حتى فى أوقات الأزمات الدولية وانقطاع سلاسل الإمداد. ويقول المهندس محمد هبة مدير مبيعات شركة برومايتيون للإطارات: نقوم لأول مرة بتصنيع بعض إطارات العربات المدرعة فى مصر بأيادٍ وتكنولوجيا مصرية .. وتم تسليم كميات منها وتصدير البعض مما ساهم فى توفير العملة الصعبة وأصبحت متاحة فى أى وقت .. وأثبت المهندس المصرى أن كفاءته تنافس الأجنبي، لأن ظروف تشغيل تلك اللإطارات لا تقبل أى جودة ضعيفة وكذلك الأسعار تنافسية وأقل من مثيلاتها الأجنبية. وبذلك فإن الجمع بين تصنيع المدفع و «المسمار (كقطع غيار) فى معرض واحد، يؤكد أن مصر تبنى قاعدة صناعية دفاعية صلبة، قادرة على الصمود والاعتماد على الذات فى العديد من المنظومات الحيوية حيث إن قوة الجيوش لا تُقاس قوتها فقط بما تشتريه أو تجمعه، بل بما تستطيع إصلاحه وتشغيله ذاتياً دون الحاجة للخارج.