وضعت بلجيكا نفسها في مواجهة مباشرة مع بروكسل بسبب خطة استخدام الأصول الروسية المجمدة لمساعدة أوكرانيا على غرار استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، وهو الخلاف الذي يثير تساؤلات حول مدى قدرة الاتحاد الأوروبي على اتخاذ قرارات مالية حاسمة وسط أزمات النزاع المستمرة. أثارت الرسالة الحادة التي وجهها رئيس الوزراء البلجيكي، بارت دي ويفر، إلى رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، موجة جدل كبيرة، حيث اعتبر أن اقتراح استخدام الأصول الروسية ينتهك القانون الدولي ويعرض الأسواق المالية الأوروبية، بما فيها اليورو، لمخاطر حقيقية. فيما تأتي هذه التحركات وسط ضغوط متزايدة على الاتحاد الأوروبي لتقديم الدعم المالي لأوكرانيا في مواجهة روسيا، وسط توقعات بأن تصل قيمة القرض الأوروبي المحتمل إلى 140 مليار يورو، بحسب صحيفة «الجارديان» البريطانية. اقرأ أيضًا| أوروبا ترفع جاهزيتها العسكرية استعدادًا لسيناريو الحرب مع روسيا.. ما القصة؟ بلجيكا ترفض خطة الاتحاد الأوروبي وسط محاولات تأمين قرض بقيمة 140 مليار يورو لأوكرانيا لتمويل مشترياتها العسكرية.. #بلجيكا تحذر الاتحاد الأوروبي من المس بأصول #روسيا المجمدة خوفًا من انتهاك القانون الدولي وتأثيرات القرار على اليورو#قناة_العربية pic.twitter.com/WBXe1r1ysy — العربية (@AlArabiya) November 29, 2025 كشف دي ويفر، في رسالته أن الخطة المقترحة لا تأخذ بعين الاعتبار المخاطر القانونية والمادية التي قد تواجه الاتحاد الأوروبي، مشيرًا إلى أن الروس قد يرفعون دعاوى قضائية ضد بنك يوروكلير المركزي للأوراق المالية في بروكسل، مما قد يترتب عليه فاتورة بمليارات اليورو على الحكومة البلجيكية. وأضاف أن بلجيكا لن توافق على الخطة ما لم يتم تقديم ضمانات كاملة من الدول الأعضاء للتعويض في حال حدوث أي خطأ. وأوضح رئيس الوزراء البلجيكي أن الخطة قد تمنع الاتحاد الأوروبي من التوصل إلى اتفاق سلام، لأن الأصول الروسية لن تكون متاحة لإعادة إعمار أوكرانيا إذا لم يتم حل النزاع بشكل رسمي. بينما ألمح دي ويفر، إلى أن كييف قد تخسر الحرب الروسية الأوكرانية إذا لم تُسترد الأصول الروسية، معتبرًا أن أي خسارة رسمية للروس ستؤدي إلى مطالبة مشروعة بالأصول، كما جرى في حالات تاريخية سابقة. الأصول الروسية في بلجيكا.. «ثقل اقتصادي واستراتيجي» تستضيف بلجيكا نحو 183 مليار يورو من الأصول الروسية، أي حوالي ثلثي الأصول الروسية المحتجزة في الغرب، لدى بنك يوروكلير في بروكسل. وهذه الأموال تمثل ركيزة أساسية للضغط على روسيا وتمويل الدفاع الأوكراني، لكن استخدامها في الوقت الحالي أثار جدلًا واسعًا، خاصة بين الدول الأعضاء التي تعتبر أن أي استثمار لهذه الأموال قد يعرض الاتحاد الأوروبي لمخاطر مالية وقانونية جسيمة. ووفقًا للنسخة الأولى من خطة إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية التي قادتها الولاياتالمتحدة، كان من المقترح استثمار 100 مليار دولار من الأصول الروسية في مشاريع إعادة إعمار أوكرانيا، على أن تحصل الولاياتالمتحدة على 50% من الأرباح، بينما يُخصص الجزء الآخر لاستثمارات مشتركة روسية أمريكية. لكن النسخة الأخيرة من الخطة أزالت هذه المقترحات المثيرة للجدل، لكنها أكدت الحاجة الملحة لاتخاذ الاتحاد الأوروبي قرارات سريعة بشأن استخدام الأصول الروسية المجمدة. #بلجيكا ترفض خطة الاتحاد الأوروبي لاستخدام الأصول الروسية المجمدة وتؤكد أنها تهدد فرص التوصل إلى اتفاق سلام محتمل لإنهاء الحرب في #أوكرانيا#قناة_العربية pic.twitter.com/l6xfSLucLF — شاشة العربية (@AlArabiyaScreen) November 28, 2025 تباين الآراء الأوروبية أفاد رئيس وزراء لاتفيا السابق، كريسيانيس كارينش، بأن المقترح الأمريكي قد أثار وعي الأوروبيين بالحاجة إلى التحكم الكامل في الأصول داخل أوروبا لضمان عدم وصول أي طرف آخر إليها. وأضاف أن السيطرة الأوروبية على الأصول تتيح اتخاذ قرارات مستقلة وحماية الاتحاد الأوروبي من أي تأثير خارجي. كما أكدت كايا كالاس، الممثلة العليا للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، بعد اجتماع وزراء خارجية الاتحاد، أن استخدام الأصول المجمدة سيبعث برسالة قوية إلى موسكو مفادها أن أوروبا لن تنتظر، محذرة من أن تأخير القرار قد يضر بالضغط المالي على روسيا وتمويل أوكرانيا. اقرأ أيضًا| تصعيد عنيف بين روسياوأوكرانيا يضع خطة السلام الأمريكية على المحك الضغط على كييف.. وميزانية الدفاع الأوكرانية أشارت التقديرات، إلى أن أوكرانيا ستحتاج نحو 136 مليار يورو للحفاظ على دفاعها واستمرارية عمل الدولة في عامي 2026 و2027. ويأمل الاتحاد الأوروبي في إيجاد آلية قانونية واضحة لتقاسم المخاطر بين الدول الأعضاء ال26، حتى لا تتحمل بلجيكا وحدها أي تبعات مالية في حال فشل الخطة. ودعا الاتحاد الأوروبي أيضًا إلى تقديم مقترحات حول الاقتراض المشترك لتمويل أوكرانيا باستخدام الأموال غير المنفقة في ميزانية الاتحاد الأوروبي كضمان. ويرى دي ويفر، أن هذه الطريقة قد تكون أقل تكلفة وأكثر أمانًا من استخدام الأصول الروسية مباشرة، وفقًا لصحيفة «الجارديان» البريطانية. تعقيدات قانونية وسياسية يقر دبلوماسيون أوروبيون بأن الخطة محفوفة بالتحديات، خاصة أنها تتطلب قرارًا بالإجماع من جميع الدول الأعضاء، بما في ذلك حكومة المجر المقربة من الكرملين، لضمان استمرار تجميد الأصول الروسية. ويحذر البعض من أن تنفيذ الخطة قد يستغرق عدة أشهر قبل توفير الأموال الفعلية لأوكرانيا، ما قد يستدعي الاعتماد على قروض قصيرة الأجل مؤقتة لضمان التمويل في الوقت المناسب. وفي ظل هذه التوترات، يظهر الاتحاد الأوروبي أمام اختبار صعب، حول «الموازنة بين الضغط على روسيا، وتمويل أوكرانيا، والحفاظ على الاستقرار المالي الداخلي»، وسط صراعات داخلية واضحة بين الدول الأعضاء، ورفض بعض الحكومات مثل بلجيكا أي مخاطر محتملة قد تهدد اقتصاداتها. ليطرح هذا الخلاف تساؤلات مهمة حول قدرة الاتحاد الأوروبي على اتخاذ قرارات مالية موحدة ومستدامة في مواجهة أزمات الحرب الروسية الأوكرانية، ويكشف حجم التعقيدات السياسية والاقتصادية التي تواجه القارة في سعيها لدعم أوكرانيا. اقرأ أيضًا| أوكرانيا تحدد خطوطها الحمراء تجاه خطة السلام الأمريكية.. ما الذي لا تقبله كييف؟