محمد إسماعيل لم يعد المشهد القرآني في مصر حكرا على الأسماء التاريخية التي رسخت عبر عقود، بل بات ساحة مفتوحة لطاقات شابة وجديدة تعيد تقديم المدرسة المصرية بروح معاصرة. هذه المدرسة الممتدة من زمن الشيخ محمد رفعت ومصطفى إسماعيل وعبد الباسط عبد الصمد والبنا والمنشاوي، وجدت في العقد الأخير دماء جديدة استطاعت أن تكسب محبة الجمهور وتستثمر المنصات الرقمية وتدخل الإذاعات الرسمية وتشارك في المحافل المحلية والدولية.. "أخبار النجوم" ترصد 12 اسم تلألأ في سماء التلاوة في الفترة الأخيرة، ليمثلوا جيلا جديدا من القراء المصريين الذين صعدوا خلال السنوات الأخيرة، ويركز على أساليبهم وخلفياتهم وطرق انتشارهم وكيف ساهم كل منهم في تجديد الحضور المصري في عالم التلاوة. "محمود عبد الباسط عبد الرحمن الحسيني" ينتمي محمود عبد الباسط، إلى عائلة محبة لتلاوة القرآن، وهو الابن الذي ورث صوتا قريبا من المدرسة المصرية الكلاسيكية، بدأ مشواره في سن مبكرة داخل الكتّاب، وكان دائما ما يطُلب في مناسبات قريته بسبب صوته المتزن وتجويده السليم. جاء صعوده الحقيقي عبر مواقع التواصل حين نشرت له مقاطع قصيرة خلال تلاوات الفجر والمناسبات العامة وانتشرت سريعا بين الشباب لصفاء صوته وسكون أدائه. اعتمد لاحقا ضمن دفعة القراء الجدد في قناة "مصر - قرآن كريم"، وبدأت الإذاعة المصرية في إذاعة تلاواته خلال الفترة الصباحية. يتميز الحسيني بقدرة على توظيف مقامات الحجاز والبيات بشكل ناعم غير متكلف، وبثبات كبير في طبقات القرار مما يجعله قريبا من أسلوب المدرسة الرفيعة للشيخ مصطفى إسماعيل. "فتحي عبد المنعم خليف" ينتمي فتحي خليف إلى محافظة كفر الشيخ، لكنه تمكن خلال سنوات قليلة من أن يصبح من أكثر الأصوات متابعة في مشهد التلاوة الحديث. بدأ خليف في تسجيل مقاطع له داخل المسجد المحلي الذي كان يؤم فيه صلاة التراويح، ثم تلقى دعما كبيرا من أساتذة المقامات في المحافظة. اشتهرت تلاوته لسورة "مريم" بسبب استخدامه المتوازن لمقامي "الرست" و"النهاوند"، كما ظهرت قدرته الخاصة على أداء الجمل الصوتية الطويلة دون توقف. ظهر لأول مرة على نطاق واسع خلال فعاليات وزارة الأوقاف، ثم انضم إلى قناة "مصر - قرآن كريم"، حيث أصبح وجها ثابتا في تسجيلات الفترات المسائية. يعرف خليف بأنه من الأصوات التي تجمع بين القوة والهدوء، مما يجعله محبوبا لدى المستمعين في الصلوات الجماعية والمناسبات الرسمية. "أحمد عبد الرحمن الزارع" ينتمي أحمد الزارع إلى عائلة لها باع طويل في الابتهالات، وهو ما جعل صوته يجمع بين حلاوة الإنشاد ورصانة التلاوة. بدأ مشواره في مسابقات المدارس، ثم حصل على دعم من دار الأوبرا في برامج الأصوات الدينية الشابة، قبل أن تلتقطه الإذاعة المصرية وتدعمه ضمن القراء الجدد. يمتلك الزارع صوتا دافئا خصوصا في الطبقات المتوسطة التي تمنحه قدرة على التعبير الوجداني في آيات الدعاء والقصص ويستخدم مقامي "الصبا" و"النهاوند" بشكل واسع، ويستطيع الانتقال إلى مقام "البيات" بسلاسة تمنحه قدرة على إضفاء طابع شخصي على تلاواته. "عيد أبو عشرة" لمع اسم عيد أبو عشرة في الوجه البحري تحديدا، حيث كان صوته حاضرا في كل المناسبات الريفية الكبرى. بدأ أبو عشرة في تسجيل تلاواته باستخدام أجهزة بسيطة، لكن قوة صوته وثباته لفتا الانتباه، فبدأت تسجيلاته تنتشر على مواقع التواصل. يمتاز بقدرة خاصة على أداء المقامات الصعبة، مثل "السيكا" و"الرست"، مع قدرة نادرة على الثبات في الطبقات العالية دون إضطراب أو كسر في الجملة الصوتية. اعتماد صوته في قناة "مصر - قرآن كريم"، وزاد من انتشار تلاواته، وجعل منه واحدا من الأسماء المهمة التي تقدم المدرسة المصرية التقليدية بأسلوب شبابي. تتميز تلاواته بطابع قوي مناسب تماما للمناسبات العامة والعزاءات، حيث يفضله المستمعون لقدرته على جمع الحضور في لحظة واحدة باستخدام قوة صوته وصفاء أدائه. "عزت السيد راشد" يمثل عزت راشد حالة خاصة داخل الجيل الجديد، لأنه أكثرهم تمسكا بالمدرسة القديمة في الوقف والابتداء واستخدام مخارج الحروف. يبدأ تلاوته دائما بترتيب واضح وانتقالات محسوبة، وهو ما جعله قريبا من جمهور المستمعين الذين يفضلون المدرسة الهادئة والمنضبطة. يشبهه كثيرون بالشيخ محمود علي البنا في استخدامه للقرار واهتمامه بالتركيز على معنى الآية بدلا من التطريب المبالغ فيه. "محمد فتح الله بيبرس" يعد بيبرس من أوائل القراء الجدد الذين حققوا انتشارا كبيرا عبر المنصات الرقمية دون المرور بالمسار التقليدي. بدأ بنشر تلاوات قصيرة لسور مثل "الرحمن" و"الواقعة" و"الملك"، ولاقت استحسانا كبيرا بسبب صوته الرخيم وقدرته على التحكم المدهش في النفس. شارك في مسابقات محلية، قبل أن يبرز عبر الإنترنت، وحصل لاحقا على دعوات لإحياء مناسبات دينية في محافظاتالقاهرةوالجيزة والإسماعيلية. يمتلك قدرة على الانتقال بين القرار والجواب بطريقة سلسة تجعل تلاواته مناسبة جدا للمستمعين عبر المنصات الرقمية ورغم شهرته الواسعة على الإنترنت، فإن بيبرس بدأ مؤخرا في الاتجاه نحو الظهور الإذاعي، مما يفتح له مساحة أكبر بين جمهور التلاوة التقليدي. "محمود أبو الحجاج المناعي" يمثل المناعي صوت الصعيد الصافي الذي يجمع بين القوة والروح المصرية الخالصة. بدأ مشواره في الأقصر، حيث كان يطلب دائما في المناسبات الشعبية الكبيرة، قبل أن تتوسع شهرته إلى بقية محافظات الجنوب. يمتلك خامة قوية تجمع بين المقامات الحجازية والأسلوب المصري التقليدي، ويتميز بأداء سريع ومقاطع طويلة تمنحه قدرة على إبقاء الجمهور في حالة ترقب طوال التلاوة. وصل إلى الإذاعة المصرية بعد رحلة طويلة من المشاركات المباشرة، وأصبح اليوم من الأسماء المطلوبة في المناسبات الرسمية في أسوانوالأقصر. "عبد الله محمد عزب" قارئ شاب من الشرقية، اكتسب خبرة كبيرة خلال سنوات قصيرة من مشاركاته في مسابقات القرى. بدأ عزب تسجيل مقاطع صوتية بسيطة قبل أن تلتقطه الإذاعة المحلية في الشرقية، ومنها انتشر صوته على مستوى أوسع يستخدم مقام "النهاوند" كأساس لأغلب تلاواته، مع قدرة على الانتقال بين "الحجاز" و"السيكا" دون أي خلل في نبرة الصوت. يمثل اليوم أحد أبرز الوجوه الصاعدة في شرق الدلتا. "يوسف عبد الرازق بدوي" أحد أصوات الصعيد الجديدة التي جمعت بين المدرسة القديمة وقوة الأداء المباشر. يمتلك بدوي مساحة واسعة في القرار والجواب ويتميز بثبات كبير أثناء التلاوة أمام جمهور كبير، خصوصا في العزاءات بدأ بدوي من خلال تسجيلات بسيطة لمناسبات قريته قبل أن تنتشر بشكل مفاجئ عبر مواقع التواصل، مما أهله لدخول مسابقات وطنية وتحقيق نتائج جيدة. يعتمد بدوي على استعمال مقام "الرست" في أغلب تلاواته مع إضافات صوتية مستوحاة من مدرسة الشيخ عبد الباسط. "كريم علاء سلامة" قارئ شاب من الغربية ظهر خلال السنوات الأخيرة كأحد الأصوات التي تمزج بين الإتقان والهدوء. يمتلك صوتا رخيما قريبا من طابع الشيخ محمد عمران مع قدرة على إبراز جمال المقامات في السور القصيرة. انتشرت تلاواته عبر المنصات الرقمية، خصوصا عند تلاوته لسور "الليل" و"الضحى" و"الشرح" حيث يمزج بين النبرة الهادئة والوضوح الكامل للمخارج. "زياد خالد البهنساوي" أحد الوجوه الجديدة التي بدأت تبرز بقوة في محافظة بني سويف. يمتلك صوتا يميل إلى المدرسة "المنشاوية" في التركيز على المعنى ويستخدم مقام "البيات" و"الغرام" على نحو يظهر فيه حسه الفني. "وليد نادر القط" قارئ شاب من الجيزة يتميز بصوت قوي ونبرة واضحة في المقاطع المرتفعة. يستخدم مقام "الرست" بشكل واسع، ويستطيع الانتقال إلى "الصبا" دون فقدان للسيطرة على النفس. بدأ حضوره يزداد داخل القاهرة، خصوصا بعد مشاركته في عدد من المناسبات التي نظمتها الأوقاف خلال شهر رمضان. اقرأ أيضا: هاني تمام: برنامج «دولة التلاوة» جمع المصريين حول كتاب الله