الإثنين المقبل، افتتاح النصب التذكاري للدفاع عن قناة السويس    وزير البترول يبحث مع البنك الدولي التعاون بمجالات الطاقة والتعدين    الري تعلن عن إزالة 164 تعديا على فرع رشيد في عدد من المحافظات    الغرف التجارية: انخفاض طن السكر 3 آلاف جنيه.. وسنودع الاستيراد في 2026    وزير الهجرة اليوناني: العمالة المصرية أحد أولويتنا فهي الأكفأ والأنسب    جيش الاحتلال الإسرائيلي ينسف مباني سكنية في رفح    كأس العالم للناشئين - عودة الزغبي.. وحمزة عبد الكريم يقود الهجوم أمام سويسرا    خلاف على الميراث ينتهي بسحل عامل في دمياط    محمد سامي يشيد بأحمد السعدني بعد عرض تريلر فيلم ولنا في الخيال حب    سلامة عيون أطفال مصر.. مبادرة الداخلية "كلنا واحد" تكشف وتداوي (فيديو)    استعدوا ل قطع المياه غدًا.. تنويه هام لسكان هذه المناطق    استقبال الشرع بواشنطن يقلق إسرائيل بسبب جبل الشيخ    وداع موجع لأيقونة الزمالك.. محمد صبري يرحل قبل أن يفي بوعده لجمهوره    يوفر أكثر من 5 آلاف فرصة عمل.. أبرز المعلومات عن المركز الزراعي المتكامل    الداخلية تضبط آلاف المخالفات في النقل والكهرباء والضرائب خلال 24 ساعة    ضبط مصنع غير مرخص لإنتاج أعلاف مغشوشة داخل الخانكة    رئيس كوريا الجنوبية يعلن زيارته لمصر والإمارات الأسبوع المقبل    عالم أثار إسبانى: المتحف المصرى الكبير مبهر وفخم وكل زائر سيشعر بعظمة الحضارة    دار الكتب والوثائق تعيد إحياء تراث مجلات الأطفال في احتفالية الطفولة    تعرف على الحوافز المقدمة لمصنعي السيارات ضمن البرنامج الوطني لتنمية المجال    رئيسة نايل تى فى: مقترح تغيير شعار القناة قدمه فريق التطوير والقرار للهيئة    الهام شاهين للمخرج محمد عبدالعزيز: "عندك خلطة النجاح ولك يد كبيرة في صنع الهام شاهين "    العثور على جثمان غريق داخل ترعة مياه فى جنوب الأقصر    باحث إسرائيلي: بنيامين نتنياهو يتعرض ل "دهس ملكي" على يد ترامب    نشاط الرئيس الأسبوعي.. قرار جمهوري مهم وتوجيهات حاسمة من السيسي للحكومة وكبار رجال الدولة    الأمم المتحدة: أخطر الجرائم ارتكبت في الفاشر من دون تحرك دولي    أحمد سليمان ينعى محمد صبري: «فقدنا أكبر مدافع عن نادي الزمالك»    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : سابق بالخيرات باذن الله ?!    حصن يومك.. أذكار الصباح والمساء ترفع الطمأنينة وتزيد البركة    رحيل زيزو المجاني يدفع الزمالك للتحرك لحماية نجومه    مؤتمر السكان والتنمية.. «الصحة» تناقش النظام الغذائي ونمط الحياة الصحي    الثلاثاء.. إعلان نتائج المرحلة الأولى وبدء الدعاية الامنخابية لجولة الإعادة    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 14 نوفمبر 2025    توافد الأعضاء فى الساعة الأولى من التصويت بانتخابات نادي هليوبوليس    زيارة الشرع لواشنطن ورسالة من الباب الخلفي    موعد مباراة جورجيا ضد إسبانيا فى تصفيات كأس العالم 2026    أسعار الفاكهة اليوم الجمعة 14 نوفمبر في سوق العبور للجملة    خطا بورسعيد والصعيد الأعلى في تأخر قطارات السكة الحديد    صندوق "قادرون باختلاف" يشارك في مؤتمر السياحة الميسرة للأشخاص ذوي الإعاقة    الصحة: فحص أكثر من نصف مليون طفل للكشف عن الأمراض الوراثية    الرئيس التنفيذى للمجلس الصحى: الإعلان قريبا عن أول دبلومة لطب الأسرة    طريقة عمل المكرونة بالسي فود والكريمة بمذاق أحلى من الجاهزة    هطول أمطار وتوقف الملاحة بكفر الشيخ.. والمحافظة ترفع حالة الطوارىء    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة في شمال سيناء    اليوم العالمي لمرضى السكري محور فعالية توعوية بكلية تمريض «الأزهر» بدمياط    بعد حلقة أمنية حجازي .. ياسمين الخطيب تعتذر ل عبدالله رشدي    زى النهارده.. منتخب مصر يضرب الجزائر بثنائية زكي ومتعب في تصفيات كأس العالم 2010    الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية تشارك في احتفالية يوم الوثيقة العربية بجامعة الدول العربية    وداع موجع في شبين القناطر.. جنازة فني كهرباء رحل في لحظة مأساوية أمام ابنته    سنن التطيب وأثرها على تطهير النفس    سرّ الصلاة على النبي يوم الجمعة    هل ثواب الصدقة يصل للمتوفى؟.. دار الإفتاء توضح    المجلس الأعلى للتعليم التكنولوجي يوافق على إنشاء جامعة دمياط التكنولوجية    مصرع شقيقتين في انهيار منزل بقنا بعد قدومهما من حفل زفاف في رأس غارب    وزارة التعليم تضيف معلمي ثانية إعدادي للفئات المستحقة ل«حافز التطوير»    برباعية في أوكرانيا.. فرنسا تصعد لكأس العالم 2026 رسميا    غلق امتداد محور 26 يوليو أمام جامعة مصر لرفع كوبري مشاة محطة المونوريل    كيف بدأت النجمة نانسي عجرم حياتها الفنية؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسلام الكتاتني يكتب: عاش وزير توت عنخ آمون «1»
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 14 - 11 - 2025


■ بقلم: إسلام الكتاتني
أراد كارتر أن يستغل تلك اللحظة التاريخية ليدخل التاريخ وينال المجد إثر هذا الكشف العظيم، متخطياً البطل الحقيقى وصاحب هذا الكشف (حسين عبد الرسول) طفلنا الصغير وجرة مياهه فلولا هذه الجرة التى وقعت فى هذه البقعة المباركة ما وصلنا إلى هذا الكشف.
هناك أشخاص يقف التاريخ طويلاً أمام مواقفهم الشجاعة ليعبر عن مدى إعجابه بل وانبهاره بسيرة هؤلاء الذين اختاروا أن يخلدوا أسماءهم بأحرف ناصعة من نور وأقلام تخط أسماءهم من ذهب، وكيف لا وقد فعلوا ما لم يفعله غيرهم لأنهم اختاروا الكرامة والشجاعة والقضية والمبادئ والوطنية الخالصة، لذا لا عجب أن يحترمهم العدو قبل الصديق وبطلنا اليوم هو ذلك الطفل الصغير (مرقص حنا) ابن المنصورة، الذى ترعرع على ضفاف النيل الخالد وروى بعذوبته دماءه النقيه لتجرى فى شرايينه عراقة النيل وأصالة وحضارة مصر، ذلك البلد الضارب جذوره فى أعماق التاريخ، بل إن التاريخ نفسه وُجد بعد أن وُجدت مصر، فلا غرابة أن يتشرب ذلك الطفل اليافع هذا الشموخ وتلك العزة والكرامة؛ لتروى دماءه حتى يصير شابا يافعا، ولاعجب أن يختار دراسة الحقوق فيصبح وكيلاً للنائب العام، ثم يمتهن المحاماة إلى أن يصبح نقيبا وهى المهنة التى تتوافق مع ما يؤمن به بالدفاع عن حق الفرد ضد أى ظلم أو اعتداء يتعرض له، إلى أن يصل إلى أعلى رتبة فى هذه المهنة السامية وهى الدفاع عن حق الوطن فى الدفاع عنه لكل ما يتعرض له من ظلم أو اعتداء أو إهدار لحقوقه المشروعة، وهنا يصبح النقيب (الثامن) لمحامى مصر فى الترتيب، وهذا الرقم له دلالة أخرى (8) لأن بطلنا عاش تجربة السجن لمدة ثمانية أشهر مع زمرة من رفاقه وقيادات حزب الوفد فى ذلك الوقت، الذين حُُكم عليهم بالإعدام بعد نفى الزعيم خالد الذكر سعد باشا زغلول إلى جزيرة سيشل، بعد فشل مفاوضات الجلاء، التى كان من نتائجها اندلاع ثورة 19 العظيمة .
وتحت هذا الضغط الشعبى يخفف الحكم من الإعدام إلى السجن ل«سبع سنوات»، ثم يخفف إلى (ثمانية) أشهر وغرامة قدرها خمسة آلاف جنيه مصري.
إذن أصبح (حنا) النقيب الثامن لنقابة المحامين الذى حبس (8) شهور فداء لمصر.
ما أروع هذه المواقف النبيلة التى سجلها رفقاء دربه في الحبس وهم (ويصا واصف، حمد الباسل، ويصا بطرس غالى، علوى الجزار، مراد الشريعى، جورج خياط، مرقص حنا)، ليخرج هذا النبيل بعد ذلك ممتطيا صهوة جواده فى ميدان الوطنية ليسجل أعظم معاركه البطولية ضد أكبر قوة استعمارية فى ذلك الوقت، الدولة التى لا تغيب عنها الشمس (بريطانيا العظمى).
حين رفع هذا الفارس النبيل سيفه بكل شموخ وإباء أمام سطوة المحتل الغاصب الذى كان يحلم بالظفر بأغلى كنوز مصر، حين اكتشف ذلك الصبى الصغير (حسين عبد الرسول) ذو الملامح السمراء ، تلك الملامح المصرية الأصيلة الضاربة فى أعماق صعيد مصر، حين كان يحمل جرة المياه التى يسقى بها عمال الحفر للتنقيب عن آثار مصر، ضمن فريق استكشافى بريطانى يقوده هيوارد كارتر، وهنا تحدث المفاجأة التى لم يكن حتى كارتر نفسه يحلم بها، حيث إنه فقد الأمل فى العثور على أى أثر من آثارنا العظيمة فى تلك المنطقة وتسرب إليه اليأس فلم يتبق أمامه إلا أسبوعان لإنهاء عقده مع الحكومة المصرية للتنقيب عن آثارنا المفقودة.
وإذا بجرة الطفل الصغير تقع فى موقع آخر غير موقع الاستكشاف، فقد وقعت الجرة على حافة سلم أعظم مقبرة فى التاريخ البشرى مقبرة الملك الصغير (توت عنخ آمون)، وفى هذه اللحظة يتحول اليأس الذى تسلل لقلب كارتر إلى فرحة عارمة وكأنه هو أرشميدس عندما قال: (وجدتها وجدتها).
فقد أراد كارتر أن يستغل تلك اللحظة التاريخية ليدخل التاريخ وينال المجد إثر هذا الكشف العظيم، متخطياً البطل الحقيقى وصاحب هذا الكشف (حسين عبد الرسول) طفلنا الصغير وجرة مياهه فلولا هذه الجرة التى وقعت فى هذه البقعة المباركة ما وصلنا إلى هذا الكشف التاريخى الذى أضاف سطورا ذهبية إلى أمجاد مصر العريقة.
وهنا تبدأ كبرى معارك فارسنا النبيل الذى عُين وزيرا للأشغال العامة فى أول حكومة وفدية بعد دستور 23 وذلك فى يناير من العام 1924 حتى نوفمبر من نفس العام .. تلك الفترة التى سطر فيها (مرقص باشا حنا) اسمه فى سجلات الخالدين حين علم أن السيد هيوارد كارتر قد نسب لنفسه هذا الاكتشاف العظيم وصار يتعامل مع هذه المقبرة التاريخية للملك المصرى الصغير وكأنها من مقتنياته الخاصة، حين منع هذا الكارتر المصريين من دخول المقبرة وقصر دخولها فقط على الأجانب من الصحفيين والزوار، بل زاد فى صلفه وغروره وكبريائه، حين منح مجلة التايمز البريطانية حق الامتياز الحصرى لنشر كل ما يتعلق بالمقبرة دون الصحافة المصرية.. هنا استشاط فارسنا النبيل غضباً وقال كيف يحدث ذلك فى بلادى!! فأصدر على الفور أمرا بإغلاق المقبرة، وتعيين حراسة عليها من الضباط والجنود المصريين وعدم فتحها إلا بأمر منه شخصياً ، وهنا ثارت ثائرة كارتر كيف يفعل هذا الوزير فعلته تلك؟؟
وهنا اشتد وطيس المعركة، فبدأت بريطانيا العظمى فى التحرك لإيقاف هذه المعركة شديدة الوطأة عليها لتحويل مسارها إلى نصر ساحق تكلله بالظفر بهذه المقبرة وإعادة فتحها مرة أخرى لابنهم المدلل السيد كارتر.
ولكن هيهات هيهات، وهنا زاد فارسنا النبيل من صهيله وزئيرة وأمر بتوثيق محتويات هذه المقبرة بدءا من تصوير كل قطعة وكتابة رقم تسلسلى لها وتدوينها فى السجلات المصرية ثم إرسالها إلى المتحف المصرى بالقاهرة.. مما زاد من لهيب تلك المعركة، فلجأت بريطانيا إلى المحاكم المختلطة لتستصدر منها أمراً بأحقيتها فى نصف المقبرة وبالفعل صدر الحكم وكأنه انتصار لكارتر وعندئذ لم يسلم فارسنا النبيل رايته بل وزاد فى نضاله وطرد كارتر من مكتبه معترضا على هذا الحكم الجائر من المحكمة المختلطة بدعوى أنه يحق للمستكشف الحصول على نصف المقبرة إذا كانت مسروقة.
وسرعان ما تفتق ذهن فارسنا النبيل إلى اللجوء لمحكمة الاستئناف بالإسكندرية معتمداً على تصريحات كارتر نفسه التى أدلى بها إلى الصحف الإنجليزية والأجنبية بأن المقبرة وجدت كاملة وغير منقوصة مما يعنى أنها ليست مسروقة، فصدر الحكم التاريخى من محكمة استئناف الإسكندرية بأحقية مصر فى ملكية المقبرة بالكامل، مما أجبر كارتر للرضوخ والاستسلام لشروط مرقص باشا حنا، بل والاعتذار له ولمصر على ما بدر منه فلا عجب بعد ذلك أن تنزل الجماهير المصرية إلى الشوارع والميادين وهى تهتف صارخة من أعماق قلوبها (يعيش يعيش وزير توت عنخ آمون، يعيش يعيش وزير توت عنخ آمون).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.