في قرية هادئة من قرى مركز ديروط، كتب مشهد بسيط صفحة جديدة من دفاتر الإنسانية، لم تكن الكاميرات تبحث عن لقطات استعراضية، لكن المشهد فرض نفسه حين توقف الحضور أمام رجل مسن 90 عاماً أقبل على لجنته راكبًا حماره، يحمل في ملامحه إصرارًا لا تخطئه العين، وكأنه جاء ليقول: السن لا يمنعني من أن أقول كلمتي في مستقبل بلدي. اقترب حمار الرجل بخطوات بطيئة لمقر اللجنة، وفي انسانية غير مسبوقة عندما علم رئيس لجنة قرية البربا المستشار علاء باهي ان المسن الخط محمد سيد يبلغ 90 عاما من العمر ولم يقدر على النزول من فوق دابته، فبادر رئيس اللجنة بالخروج إليه أمام اللجنة من مقعده، تاركًا أوراقه، واتجه نحو الرجل الطاعن في السن بابتسامة ودودة، لم يتردد لحظة، بل حمل أوراق التصويت بنفسه، ووقف بجوار الحمار يقدمها إلى الناخب المسن الذي أمسك بالقلم بثبات، وكأن يده تعلن أن المشاركة ليست حكرًا على الشباب وحدهم. اقرأ أيضا| محافظ أسيوط: المشاركة واجب وطني ودليل وعي المواطنين لم يكن الموقف مجرد أداء واجب، بل كان مشهدًا مصريًا خالصًا تختلط فيه البساطة بالكرامة، والواجب بالحب، وقف الأهالي من حولهما يتابعون في صمت مهيب، بعضهم أخرج هاتفه لتوثيق اللحظة، وآخرون اكتفوا بابتسامة رضا، وهم يتهامسون: "دي مصر اللي بنحبها". واللافت أن الرجل المسن، الذي بدا كأنه خرج لتوه من حقل، لم يمنعه التعب ولا المسافة من الحضور، قائلاً لمن حوله بعد أن وضع صوته في الصندوق: "جيت أقول كلمتي.. يمكن مش هشوف الانتخابات الجاية، لكن لازم أعمل اللي عليّا". والمشهد الذي جرى أمام لجنة قرية البربا لم يكن إلا واحدة من عشرات اللقطات التي جسدت حرص أبناء أسيوط على المشاركة، وحرص القائمين على العملية الانتخابية على الإنصات لنبض الناس وتيسير الطريق أمامهم.