لغة الأجداد يتعملها الأحفاد.. هي الرسالة التي تقدمها مكتبة الإسكندرية من خلال موقع "الهيروغليفية خطوة بخطوة"، والذي يعد أول موقع إلكتروني تفاعلي لتعليم اللغة المصرية القديمة بشكل مجاني. وأوضح د. أحمد منصور مدير مركز الخطوط بمكتبة الإسكندرية ل"بوابة أخبار اليوم"، أن الموقع يعتمد على منهجية علمية باستخدام أحدث طرق التعليم الإلكتروني، ويستهدف الدارسين من طلبة الجامعات، والهواة، والمهتمين باللغة المصرية القديمة بمختلف مستوياتها، باللغتين العربية والإنجليزية، حيث يسجل قرابة مليون نقرة شهريًا بمتوسط 200 ألف زيارة من مختلف دول العالم. ولفت "منصور" إلى أن الموقع يحتوي على قاموس تفاعلي يحتوي على أكثر من 6500 كلمة باللغة المصرية القديمة ومرادفاتها، ويُمَكّن المستخدم من البحث عن الكلمات الهيروغليفية سواء باستخدام العلامات الهيروغليفية، والتي يبلغ عددها على الموقع أكثر من 6790 علامة، أو بالقيمة الصوتية للكلمة المصرية القديمة أو بمعنى الكلمة سواء باللغة العربية أو باللغة الانجليزية. وأضاف "منصور" أن محاور تعليم الهيروغليفية داخل الموقع التي تنقسم إلى عدة نقاط تشرح الكتابة المصرية القديمة، ثم الأعداد، والأسماء والضمائر والإعراب وأسماء الإشارة، والألقاب، وجميعها تمثل محاور تكوين اللغة المصرية القديمة مصحوبة بشرح عملي من خلال نصوص لغوية لتدريب المتعلمين كيفية ممارسة قواعد اللغة المصرية القديمة بشكل دوري، إضافة إلى الاختبارات التقييمية لكل مستوى يستطيع المتعلم تقييم نفسه ومعرفة النتائج التي توصل إليها. كما يتضمن الموقع 76 قطعة أثرية مصحوبة بنص لغوي مترجم من مختلف المتاحف المصرية والعالمية لتمكين الباحث والمرشد السياحي من قراءة النص بصورة صحيحة، إضافة إلى صور ل116 قطعة أثرية عليها نصوص هيروغليفية مصحوبة بنطق لكلمات النص وترجمته؛ لتدريب المتعلم بطريقة عملية على النصوص المكتوبة بخطوط مختلفة عن تلك المكتوبة ببرامج الحاسوب. ويروي "منصور" إلى أن فكرة إتاحة تعلم اللغة المصرية القديمة إلكترونياً بدأت منذ أكثر من 20 عامًا إيمانًا بأن دراسة اللغة المصرية القديمة هي نقطة البدء لفهم الحضارة المصرية القديمة، ولتعزيز الانتماء والاعتزاز بالهوية المصرية ليتعاون فريق مركز الخطوط بقطاع البحث الأكاديمي مع قطاع تكنولوجيا المعلومات بمكتبة الإسكندرية ويعملون سويًا على تطوير الفكرة تدريجياً، وبدلاً من اقتصارها على قرص مدمج تم تحويلها لموقع كامل حتى تم إطلاقها تم رسمياً 2015 في مؤتمر دولي للمصريات بعد عمل استغرق 3 سنوات، وتم تحديثه مؤخرًا خلال المرحلة الثانية بزيادة الدروس وإدراج المزيد من الرموز الفرعونية. وكشف أن المكتبة تعمل حالياً على إطلاق تطبيق إلكتروني يتوافق مع الهواتف المحمولة لتسهيل استخدامه. بدوره، قال عالم الآثار المصرية د. حسين عبد البصير مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية ل"بوابة أخبار اليوم"، إن هذا المشروع يعمّق الصلة بين المصري المعاصر وجذوره، ويقدم اللغة المصرية القديمة لا بوصفها لغة ميتة، بل كجسر حيّ لفهم فكر المصري القديم ورؤيته للعالم.. فتتحول دراسة الهيروغليفية إلى فعل مقاومة ضد النسيان الثقافي، وإلى أداة لاستعادة صوت الأجداد بلغتهم الأصلية، مؤكدًا أن تعليم الهيروغليفية في مكتبة الإسكندرية ليس مجرد نشاط أكاديمي، بل هو خطوة حضارية في طريق بناء الإنسان المصري الجديد، الواعي بتاريخ بلاده والمعتز بمكانته في التاريخ الإنساني.