ليس المهم زيادة أعداد السائحين ولكن معدلات إنفاقهم المتحف الكبير ليس هدية مصر للعالم فقط ولكنه فى البداية والنهاية هدية مصر للمصريين. هدية تحتاج منا جميعا لإعادة تطوير مفهوم السياحة وخاصة السياحة الأثرية التى فقدت أهميتها على المستوى العالمى وظهور أنماط جديدة للسياحة مثل السياحة الشاطئية والدينية والعلاجية والترفيهية. لا شك أن المتحف الكبير يمثل ثورة جديدة تعود بها السياحة الأثرية لتحتل مكانها فى صدارة المشهد السياحى العالمى. فى اليوم التالى لافتتاح هذا الصرح العملاق لابد أن تكون هناك رؤية جديدة للسياحة الأثرية تعتمد فى المقام الأول على إعادة الترويج للآثار المصرية وعودة السياحة الأثرية من خلال التركيز على جذب أثرياء السياحة فى كل دول العالم والذين يملكون القدرة المالية للإنفاق خلال تواجدهم بمصر. هناك مجموعة من أثرياء العالم لازالوا يعشقون زيارة الأماكن الأثرية بمصر وهؤلاء يحتاجون إلى خطط جديدة للترويج السياحى تعتمد على أن تكون مسارات السياحة متلازمة. إن وجود المتحف الكبير لن يغنى أبداً عن زيارة المناطق الأثرية وخاصة فى صعيد مصر وانطلاقاً من مدينة الأقصر وأسوان وكل المناطق الأثرية التى تقع بينهما. لقد شهدت مصر خلال السنوات الماضية زيادة كبيرة فى أعداد السائحين لكنها تذكرنى بالمثل المصرى الذى يقول «العدد فى الليمون» وهو الحرص على جذب أكبر عدد من السائحين دون النظر إلى نوعية السائح. لقد اعتمدت السياحة لسنوات عديدة على رحلات الشارتر والتى يمكن أن تعيد لأذهاننا رحلات الكشافة ونوعية السائحين التى قد تقف أمام المخابز ومحلات البقالة والسوبر ماركت لشراء احتياجاتهم وعدم الاعتماد نهائياً على المطاعم والكافيهات داخل الفنادق بسبب أسعارها. ووفقا لما يقوله خبراء الفندقة فإن أسعار الإقامة فى الفنادق تكاد توازى قيمة الانفاق الفعلى وتكلفة الإقامة وأن الربح الوحيد لا يتحقق إلا من خلال الانفاق داخل المطاعم وتناول الوجبات والمشروبات. بالطبع لا يعنى ذلك إلغاء السياحة الرخيصة ولكن بإعطاء الاهتمام المتزايد بالسائح الثرى. ان عدداً كبيراً من رجال السياحة يعتمدون على المشاركة فى بورصات السياحة وخاصة فى برلين ولندن لجذب الأفواج والتعاقدات السياحية وكلها تخضع للمضاربة كما أن دخول مجموعة من هواة السياحة الجدد من أصحاب شركات السياحة يضرب المواسم السياحية فى مقتل لأنهم يقومون بتعاقدات بعيداً عن المنافسة الحقيقية وبأسعار تقل بكثير عن التكلفة وهو ما يلحق الضرر بالجميع. افتتاح المتحف الكبير لابد أن يأخذنا إلى ضرورة جذب نوعية جديدة من السائحين الذين لديهم القدرة على الإنفاق وبحيث يتم إجراء التعاقدات شاملة «زيارة» المتحف وأيضاً الأقصر وأسوان أو شرم الشيخ والعلمين. يجب ألا نبحث عن السائح الذى يعمل فى مصنع أو شركة ولكن نبحث عن أصحاب المصنع أو الشركة أو ما نسميه الإدارة العليا. التسويق والترويج للسياحة بعد افتتاح المتحف الجديد لابد أن يتجه مباشرة إلى الإدارات العليا من خلال تقديم برامج مدروسة تعرض على هذه الشركات والتى تعيد تقديمها للعاملين بها كجزء من الحوافز والمكافآت أو تخصم من رواتبهم. مطلوب إعداد عدة برامج للترويج السياحى فى دولة مثل اليابان والتى تنظم شركاتها رحلات للعاملين مستغلين فى ذلك دور اليابان فى تمويل إنشاء المتحف الكبير. حملات الترويج لزيارة مصر لابد أن تتجه لكل الشركات العملاقة فى جميع دول العالم ومراكز الأبحاث والجامعات. مطلوب برامج سياحية تجمع بين زيارة المتحف وزيارة العاصمة الإدارية الجديدة فى ربط بين الماضى والحاضر. مطلوب أيضاً ضوابط صارمة لكل البازارات ومحلات التحف والهدايا والمطاعم التى تجاور المتحف. مطلوب أيضاً التنسيق مع شركات الطيران العالمية والعربية لكى تضع مصر كمحطة ترانزيت فى رحلاتها وخاصة مع تشغيل مطار سفنكس.