فى ليلة من ليالى الطرب الخالص حيث امتزج النغم بعبق التاريخ، والحنين بنبض القلوب، تفتحت أزهار الموسيقى العربية من جديد على مسرح النافورة بدار الأوبرا المصرية فى سابع أيام مهرجان الموسيقى العربية بدورته الثالثة والثلاثين لتستقبل صوتا من زمن الصدق، ووجها من ملامح الطرب الأصيل، هو الفنان الكبير على الحجار.. كان المشهد بمثابة لوحة فنية ممهورة بتوقيع الأصلاء.. أضواء خافتة تحتضن المسرح، نسيم خريفى يلامس ملامح الجمهور، وصوت الحجار يعلو كالمئذنة القديمة وهو ينساب على القلوب بهدوء الموج حين يلاعب شاطئ الذكريات. عن مشروع «100 سنة غُنا» قال الحجار: «هذا المشروع بالنسبة لى ليس مجرد فكرة موسيقية، بل إنه حلم لطالما راودنى منذ بداياتى الفنية أن أتمكن من إعادة تقديم تراثنا الغنائى بأسلوب حديث يربط بين الأصالة والمعاصرة وبين أجيال الماضى والشباب اليوم... كان أصعب تحد يواجهنى دائما هو الحفاظ على روح الأغانى الكلاسيكية فى كل توزيع جديد بحيث تظل نوتاتها الأصلية حية وتحافظ على سحر اللحن وكلمات الأغنية، فيما نقدمها بطريقة تناسب ذوق المستمع المصرى». اقرأ أيضًا | انطلاق مهرجان الموسيقى الدولي في الكويت وتكريم الموسيقار مطر الكواري أما عن مهرجان الموسيقى العربية فقال: «يحافظ على هويته ويبرز ثراء تراثنا الموسيقى ومع مرور الوقت صار المهرجان يتيح الفرصة أيضًا للأغانى المعاصرة ليتمكن الفنان من تقديم أعماله الحديثة إلى جانب التراثية، وهو ما لاقى استحسانا كبيرا من كبار مطربينا.. هذا التطوير أسهم فى جذب جمهور أوسع، خاصة من الشباب، دون أن يفقد المهرجان قيمته الأصيلة، أما عن المسافة التى يجب أن يحافظ عليها الفنان فهى تمثل توازنا دقيقا بين احترام التراث وإبداع الجديد، وبالفعل، عاصرت مراحل مهمة من عمر مهرجان الموسيقى العربية الذى تقيمه وزارة الثقافة المصرية بدار الأوبرا منذ أكثر من ثلاثين عاما حتى اليوم، وما زلت أشعر بالسعادة تجاه المهرجان على تقديم أهم وأشهر المطربات والمطربين المصريين والعرب كل عام وهذا ليس غريبا على أقدم وأهم مهرجان موسيقى فى العالم العربي. وأضاف الحجار: يجب أن نثنى على هذا الاختيار الرائع لاسم السيدة أم كلثوم، سيدة الغناء العربى كأيقونة للدورة ال 33، فهذا يعكس نضجا كبيرا من قبل إدارة المهرجان ووفاء حقيقيا لرمز ضخم من رموز تراثنا العربي، ويؤكد مدى حرص المهرجان على الحفاظ على الإرث الموسيقى الأصيل مع تقديمه للأجيال الجديدة.. هذا الاختيار يربط الماضى بالحاضر، ويؤكد أن المهرجان ليس فقط منصة للعرض بل إنه حارس أمين للتراث الذى نعتز به. واهتمامى بالأعمال التى تحمل بصمة طربية وشعرية بدأ منذ الطفولة، فقد نشأت فى بيت يملؤه الحب للقراءة والفن.. كنت أرى والدى ووالدتى فى يد كل منهما كتاب وكان والدى إلى جانب حرصه على تحفيظى القرآن وأغانى التراث الغنائى يعلمنى درسا ثمينا وهو أن أسمَى الصنع أعمال تعيش بعدى، لا مجرد أغان تستعاد مرة واحدة وتختفي.