كنوز تبدو للوهلة الأولى كما لو كانت إرث تركه الأجداد القدماء منذ آلاف السنين، لكن في جوهرها يكمن السر، فالتحف التي تأسر العين وتخلب اللُب ما هي إلا نوى تمور تم تجميعها وتنظيفها من الرواسب والخيوط، قبل صفها صفوفًا تستخدم في تكوين وتشكل أحلى وأجمل تجسيدات لتشكيلات فرعونية وأخرى تواكب ما يجتمع على حبه شباب العصر الحديث. قبل سنواتٍ طوال تتخطى النصف قرن من الزمان، كان يجلس وعمره الذي لم يتجاوز الأعوام الثمانية إلى جوار والده، يتعلم منه ويحاول تقليد صنعته في الرسم بصورة بدائية أثناء تصنيع الحصير المكون من الخوص «الحصير السمار» هناك وسط مركز ديرب نجم في محافظة لشرقية، قبل أن تمر السنوات ويتعلم الصغير أن موهبته تسكنه ويسكنه، ورغم تفوقه في حياته العملية، إلا أن بلوغه سن المعاش عاد ليدفعه دفعًا نحو شغفه القديم. ◄ بداية تجسيد الفكرة «أشرف عبدالرسول» الفنان الذي تتقن يداه صناعة أشياء لا يمكن للعقل أن يتخيل مادتها الأساسية وجوهر تصنيعها، روى ل «بوابة أخبار اليوم» كيف كانت بدايته وحبه لتجسيد الأشكال بصورة أقرب للمنحوتات في تشكيلها، إلا أن ما ينحته ليس بحجرٍ أو شيء مماثل، فالمجسمات التي يصنعها نواتها هي نوى البلح؛ إذ يعتاد الرجل أن يسير طريقًا طويلًا في مراحل إعداد وتجهيز ذاك النوى، قبل صفه في مصفوفات أشباه بإعادة التشكيل من الأساس، على أن تلحق بتلك المراحل المرحلة الأهم، وهي تقطيع تلك الألواح بحرفية حسب الشكل المراد تجسيده. توابيت فرعونية وجعارين وغيرها من الحلي القديم وميداليات بسيطة تتخذ من «مفتاح الحياة» شكلًا لها، تلك محصلة أقرب عن المجسمات الأقرب للفنان البسيط في أسلوبه، الراقي في عمل يديه؛ إذ يوضح الرجل أن بداية تلك الأعمال واتقانه لها تعود لسنوات قليلة مضت حين رأى صديقًا له من المملكة الأردنية الهاشمية يصمم تصميمات مشابهة من نوى التمور، قبل أن تلمع الفكرة في ذهنه ويعكف على تنفيذها. ◄ مراحل التنفيذ مراحل التنفيذ لم تكن سهلة على الإطلاق حسبما يؤكد «عبدالرسول»، لافتًا إلى أن البدايات كانت صعبة وأن الناس ربما لم يصدقون في البداية أن التحف التي صممها مصنوعة بالكامل من نوى البلح، لكن جاء انضمامه ضمن فناني معرض «ايادي مصرية» في محافظة الشرقية ليفت الباب نحو عرض وانتشار تلك التصاميم بصورة أكبر. وعن خطوات تجميع نوى البلح، يقول الفنان، إنه يذهب إلى بعض تجار البلح ويطلب منهم النوى وحده بعد إزالته من البلح، قبل أن يبدأ في إزالة الخيوط التي تكون عليه «القطمير»، وبعدها يلصق كل نواه في أخرى مستخدمًا مادة «الأمير اللاصق»، وبعدها تأتي مرحلة «الصنفرة» لإزالة الرواسب والزيادات، ثم يكون دوره في التشكيل كما لو كان يرسم ما يريده مستخدمًا الألواح التي صنعها من النوى الملتصق في بعضه البعض، على أن تتم زخرفة الأشكال فيما بعد بواسطة ألوان محددة تضمن إضافة جزء أشبه بتاريخ تلك الأشكال التي يصممها، على أن تكون الصبغة النهائية عبارة عن «ورنيش لامع» يضفي اللمعة ويحافظ على جمال الشكل النهائي. ويشارك الفنان أشرف عبدالرسول، ضمن 32 عارضًا بمعاض «أيادي مصرية» المشاركين في الدورة التاسعة والعشرين من مهرجان الشرقية للخيول العربية الأصيلة، والتي تقام على مدار الأيام الثلاثة الأولى من أكتوبر 2025 في أرض نادي الصفوة الرياضي بمدينة العاشر من رمضان.