فى كل بيت نجد البلاستيك عنصرًا أساسيًا فى تفاصيل يومنا.. «زجاجة مياه صغيرة، علبة طعام ملونة، أو أدوات مبهجة الشكل»، لكنها قد تحمل فى طياتها خطورة أكبر مما نتخيل.. ورغم حرص الكثيرين على اختيار الأنواع التى تحمل الرقم (5) باعتبارها الأكثر أمانًا، فإن ذلك لا يعد ضمانًا حقيقيًا، بعدما كشف خبراء عن لجوء بعض المصانع إلى التلاعب بوضع هذه الأرقام على خامات رديئة لا تمت للأمان بصلة، ومع دخول موسم المدارس، يصبح الأطفال -الأكثر استخدامًا لهذه المنتجات- فى مرمى الخطر. وفى التحقيق التالي، تفتح «الأخبار» ملف البلاستيك، لتكشف طرق التعرف على الأنواع الرديئة، وكيفية الاستخدام الصحيح، والبدائل التى قد تحمى صحتنا وصحة أبنائنا. اقرأ أيضًا| «أرتيكاتو».. شباب يعيدون إحياء تراث المولد النبوى تؤكد الدكتورة سارة فوزى سلام، أستاذة صحة الطفل بالمركز القومى للبحوث، أن الأطفال هم أكثر الفئات استخدامًا للبلاستيك، إذ يبدأ تعاملهم معه منذ الأيام الأولى من عمرهم عبر الألعاب، ثم الأطباق والملاعق، مما يجعلهم أكثر عرضة للمخاطر. وتشير إلى أن البلاستيك فى الغالب لا يتم تنظيفه بطريقة صحيحة، كما أن بعض الأمهات يتجنبن استخدام الحرارة العالية أو غسالات الأطباق فى تنظيفه، وهو ما يزيد من احتمالية تكون البكتيريا والفيروسات عليه، وبالتالى يصبح الطفل أكثر عرضة للإصابة بالنزلات المعوية عند استخدام الأطباق أو الملاعق البلاستيكية. طبيعة تصنيعه وتشرح طبيعة البلاستيك، موضحة أنه يُصنع من مادة تعرف باسم «بيسفينول أ» BPA، وهى مادة خطيرة تنتقل مع الاستخدام المستمر إلى الطعام والشراب، وخاصةً المشروبات الساخنة، ومن ثم تصل إلى الجهاز الهضمى للطفل والجهاز المناعي. وتضيف أن بعض أنواع البلاستيك رخيصة الثمن، التى تتميز برائحة نفاذة، تحتوى على مادة تُسمى «السترين» Styrene، وهى مادة مسرطنة، واستخدامها فى فم الطفل، حتى وإن كان على هيئة لعبة أو أداة صغيرة، قد يؤدى إلى الإصابة بالسرطانات فى وقت مبكر. كما يوجد نوع آخر من المواد يُسمى «الفثالات» Phthalates، وهو يُضاف للبلاستيك ليجعله أكثر ليونة، خصوصًا فى صناعة الألعاب وعضاضات الفم، وتكمن خطورته فى إمكانية تسربه إلى الجهاز الهضمى للطفل وتأثيره المباشر على الهرمونات، الأمر الذى قد يؤدى لاحقًا إلى الإصابة بسرطان الثدى أو المبايض، وكذلك التأثير على هرمونات النمو. اقرأ أيضًا| لا تترك زجاجة المياه فى السيارة وتحذر كذلك من مادة أخرى شديدة الخطورة تُسمى «الهيدروكلوريك»، والتى تتواجد فى كثير من ألعاب الأطفال، حيث إن تأثيرها المباشر يصل إلى الجهاز التنفسى مسببةً بعض أنواع الحساسية. ولتجنب مخاطرها، تنصح بعدم شراء أى لعبة أو منتج بلاستيكى مخصص للأطفال يحمل الرقم (3) أو (7)، مؤكدة أن الأمان يكون فى الأنواع التى تحمل الرقم (5) مع الحروف (PP) أو (PC). ضرورة قراءة التعليمات وبعيدًا عن المواد الكيميائية، تشير د. سارة إلى أن بعض المنتجات البلاستيكية يُكتب عليها «للاستخدام لمرة واحدة فقط» أو «عدم التعرض للحرارة»، إلا أن بعض الأمهات يتهاونَّ فى هذه التحذيرات ويعتقدن أن جميع أنواع البلاستيك واحدة، بينما فى الحقيقة لكل نوع خصائص مختلفة، ومن الضرورى قراءة التعليمات المدونة على كل قطعة، خاصة تلك التى تُستخدم مع الغذاء، لتجنب التفاعلات التى تؤدى إلى تسرب المواد الكيميائية إلى الطعام ومن ثم إلى الجهاز الهضمى للطفل. وتوضح أيضًا أن عملية تنظيف البلاستيك، حتى عند استخدام الماء الساخن أو مسحوق الأطباق، قد تتسبب فى حدوث تفاعلات كيميائية تُنتج مواد ضارة تؤثر سلبًا على صحة الأطفال، حيث تتسلل هذه المواد إلى الدم عبر الجهاز الهضمي. وتحذر من التهاون فى حال بلع الطفل أو استنشاقه لجزيئات بلاستيكية دقيقة. لذلك، تؤكد على ضرورة تحرى الدقة الشديدة عند شراء منتجات الأطفال. احذروا الألوان الغامقة وتلفت أستاذة صحة الطفل إلى أن الألوان الغامقة فى البلاستيك، وعلى رأسها الأسود، تُعد من أخطر الأنواع لاحتوائها على مواد مسرطنة. كذلك الألعاب المصنوعة من البلاستيك المعاد تدويره تُعد شديدة الخطورة، حتى إن مجرد استنشاق رائحتها قد يؤثر على المستقبلات العصبية فى دماغ الطفل، مما ينعكس على الجهاز العصبي. وعن البديل عن ذلك، تنصح باستخدام أدوات مصنوعة من السيليكون الصحي، أو الزجاج، أو الخشب، وكذلك الألعاب الطبيعية الجيدة. خداع الأرقام ومن جانبها، تشير الدكتورة إسراء أشرف، إخصائية سلامة وجودة الأغذية، أنه مع دخولنا موسم المدارس وحرص الأسر على شراء المستلزمات المختلفة لأبنائهم، يظل اختيار زجاجة المياه و«اللانش بوكس» أولوية أساسية، غير أن هذا الاختيار ينبغى ألا يكون شكليًا أو سعريًا فقط، بل يجب أن يُؤخذ فى الاعتبار نوع البلاستيك المصنوع منه، ومدى سلامته على صحة الأطفال، فكثير من هذه الأدوات قد تبدو آمنة من الخارج، لكن حقيقتها مختلفة تمامًا. اقرأ أيضًا| البلاستيك الأسود.. مخاطر صادمة تصل لزيادة خطر السرطان 300% فالواقع أن ليس كل بلاستيك يصلح لأن يكون زجاجة ماء أو وعاء طعام، حتى وإن كُتب عليه الرقم (5) داخل المثلث. وهنا تكمن الخدعة، إذ قد يُضاف بجوار الرقم حروف أخرى تكشف عن حقيقة المادة المستخدمة، فعلى سبيل المثال: عندما نجد بجوار الرقم (5) الحروف (PET)، فهذا يعنى أن الزجاجة مصنوعة من بلاستيك مخصص للاستخدام لمرة واحدة فقط، ولا يُعاد استخدامه مطلقًا. ومع ذلك، كثير من الأمهات يقعن فى الفخ ويظنن أن مجرد وجود الرقم (5) يكفى ليكون البلاستيك صحيًا. البلاستيك الغذائي وإذا كان لا بد من اختيار بلاستيك، فيجب أن يكون من النوع الغذائى الذى يحمل الرقم (5) داخل المثلث ومعه الحروف (PP). هنا فقط يمكن الاطمئنان نسبيًا، لكن بشرط أن يكون البلاستيك أصليًا وليس مقلدًا، فالأصلى يتميز بعلامات واضحة، ويكون غالبًا مصحوبًا بشهادة أو ماركة تجارية معروفة، بينما المقلد رديء، وقد يحمل نفس الرقم بلا معنى حقيقي، هذا النوع يتميز بأنه خفيف وسهل الاستخدام للطفل فى المدرسة، لكن يجب استبداله كل 6 أشهر أو بمجرد تغير لونه أو خدشه. كما ينبغى عدم تعريضه للشمس المباشرة أو للماء شديد السخونة. بديل آمن وتنوه د. إسراء إلى أن الاختيار الأكثر أمانًا على الإطلاق هو الزجاجة أو «اللانش بوكس» المبطن بخامة «الاستانلس ستيل» من النوع الغذائى المخصص Food Grade 304 أو 316، فهذا النوع لا يتفاعل مع الماء أو الطعام ولا تطلق أى مواد كيميائية، وتحافظ على جودة الطعام وبرودة الماء طوال اليوم، كما أنها متينة لا تتأثر بالسقوط أو الخدش، أما العيب الوحيد لها هو أنها أثقل وزنًا وأعلى سعرًا من البلاستيك، لكنها تظل الأفضل فى الصحة والأمان. الآثار السلبية ومن جانبها، تقول الدكتورة رشا مصطفى حسن، استشارية التغذية العلاجية: تشير العديد من الدراسات إلى أن المواد الكيميائية المثيرة للقلق فى البلاستيك قد تؤثر سلبًا على الصحة البشرية والبيئة، ليتم تحديد أكثر من 3.200 مادة من هذه المواد ذات خصائص خطرة جدا، ومن الآثار الصحية الخطيرة الناتجة عن التعرض للمواد الكيميائية فى البلاستيك تلف الجهاز العصبي، وانخفاض الخصوبة، وأمراض القلب والأوعية الدموية، وخلل فى وظائف الهرمونات، وسرطان الكبد والرئة. التعامل السليم ومن أجل التعامل مع منتجات البلاستيك بطريقة صحية، تنصح د. رشا بألا نعيد استعمال عبوات الماء والعصير البلاستيكية مرة أخرى وألا نعيد تعبئتها بالماء أو نستخدمها لتخزين الطعام بل يجب إلقاؤها بالقمامة مباشرة، كما يجب عدم تسخين الطعام بالميكرويف فى الصحون البلاستيكية، ولتناول الأطعمة الساخنة يُفضل استخدام أكواب وأدوات مصنوعة من الخزف أو الزجاج والابتعاد عن الأكواب والصحون البلاستيكية، وكذلك يجب عدم شرب الشاى أو القهوة بالأكواب البلاستيكية.