■ بقلم: محمد كمال خلال مشواره الفني، وقف المصور السينمائي تيمور تيمور خلف الكاميرا كثيرًا، وقام بتصوير الكثير من المشاهد، لكن يظل مشهد رحيله يمثل أسمى لحظات البطولة. أبدع خلف الكاميرا، وترك بصمة سواء على الشاشة أو على المستوى الإنساني في مشهد النهاية. مثّل رحيله المفاجئ صدمة كبيرة للجميع. ظل أحد رموز الإبداع الذين يغردون خارج الكادر، لكن تظل بصمتهم واضحة وجلية، لأن إبداعه ارتبط بأكثر العناصر الفنية إبهارًا في الدراما. فالصورة إحدى الركائز الأساسية التي تخطف الأعين أولًا. ترك مدير التصوير تيمور تيمور هذا الأثر الفني الكبير، وأيضًا الأثر الإنساني النبيل الذي يجسد البطولة والتضحية في أبهى صورهما. رحل تيمور في حادث مأساوي وهو يقوم بإنقاذ ابنه من الغرق في إحدى القرى السياحية بمنطقة رأس الحكمة بالساحل الشمالي، أثناء قضاء الإجازة مع الأسرة. ركب تيمور مع طفله مركب "كاياك"، لكن الأمواج أطاحت بهما، فاندفع لإنقاذ نجله ونجح في ذلك، لكنه لم يتمكن من النجاة هو نفسه، وغرق بعد تأكده من سلامة ابنه. ◄ بدايات قوية وُلد تيمور تيمور عام 1981، وتخرج من معهد السينما قسم التصوير. كانت موهبته الكبيرة وحسه الفني يتحدثان عنه منذ دراسته في المعهد ومنذ العام الأول، وهو ما جعله في مقدمة طلاب قسم التصوير الذين يُستعان بهم في تنفيذ أعمالهم في المعهد، حتى أصبح مطلبًا لطلاب السنة الرابعة في قسم الإخراج ليقوم تيمور بمهمة مدير التصوير في مشاريع التخرج. وكما صرّح تيمور تيمور، فإن اهتمامه بالفن بدأ بعد انتهاء دراسته الثانوية، عندما شجعته إحدى أولياء الأمور على خوض تجربة التمثيل بعدما رأته يمثل في حفل مدرسي. ثم تقدم لاختبارات معهد السينما في قسم التمثيل، لكنه لم يتمكن من الالتحاق به. وفي العام التالي، قدم مرة أخرى ونجح في الالتحاق بقسم التصوير السينمائي، لأن والده كان محبًا للتصوير. وعلى الرغم من ذلك، كان حبه للتمثيل أكبر من حبه للتصوير. وكان تيمور قد شارك كممثل في العديد من الأعمال في السينما، مثل أفلام "الحاسة السابعة" من إخراج أحمد مكي، و"بعد الموقعة" للمخرج يسري نصر الله، و"سحر العيون" لفخر الدين نجيدة. كما ظهر كضيف شرف في فيلم "على جثتي". أما في التلفزيون، فظهر كممثل في "شباب أون لاين" مع المخرجة هالة خليل، و"الجامعة" مع المخرج هاني خليفة، وسيت كوم "ميدان التحرير" إخراج كاملة أبوذكرى، و"خطوط حمراء" مع المخرج أحمد شفيق. ◄ مشوار حافل أما مشواره الأساسي وإبداعه الحقيقي وإنجازه البارز، فكان خلال مهمته كمدير تصوير. حيث بدأ العمل في هذا المجال بشكل احترافي عام 2003، كمصور في مسلسل "مسألة مبدأ" مع المخرج خيري بشارة ومديرة التصوير نانسى عبد الفتاح. ثم توالت الأعمال التي شارك فيها كمصور، مثل فيلم "عريس من جهة أمنية"، و"واحد صفر"، و"إبراهيم الأبيض"، و"لا تراجع ولا استسلام"، و"بيبو وبشير"، و"على جثتي". وأيضًا مسلسلات "فرقة ناجي عطا الله" و"خطوط حمراء". أما أول مهمة لتيمور تيمور كمدير للتصوير، فكانت مع المخرج محمد بكير من خلال مسلسلين: الأول عام 2013 في مسلسل "آسيا"، وبعدها بعام قدم تجربته الثانية كمدير للتصوير في مسلسل "السيدة الأولى". وفي عام 2015، قدم فيلم "ريجاتا" مع محمد سامي، ومسلسل "طريقي" مع المخرج محمد شاكر خضير، وهو العمل الذي أشاد النقاد بمستوى جودة الصورة والإضاءة خلاله، ومعه أصبح تيمور تيمور أبرز مديري التصوير في مصر. في عام 2016، عاد للتعاون مع المخرج محمد شاكر خضير مرة أخرى من خلال مسلسل "جراند أوتيل"، وهو أيضًا المسلسل الذي حقق نجاحًا كبيرًا. وفي عام 2018، قدم فيلم "الديزل" مع المخرج كريم السبكي. ثم غاب تيمور تيمور عن الساحة لمدة خمسة أعوام قبل أن يعود عام 2023 بفيلم "رمسيس باريس" مع المخرج أحمد خالد موسى. وفي نفس العام، قدم مسلسل "رسالة الإمام" مع المخرج السوري الليث حجو، والذي يعتبره النقاد واحدًا من أهم المسلسلات التي عُرضت في الأعوام الأخيرة وأفضلها على مستوى جودة الصورة والإضاءة، وحصل من خلاله مدير التصوير تيمور تيمور على العديد من الجوائز. وفي عام 2024، عاد للتعاون من جديد مع المخرج كريم السبكي من خلال فيلم "شقو". وفي نفس العام، تفرغ تيمور تمامًا لمشروع مسلسل "جودر" الذي عُرض على جزئين مع المخرج إسلام خيري، والذي يُعتبر آخر الأعمال التي قدمها تيمور تيمور في مشواره القصير. وكان تيمور قد صرّح من قبل عن مسلسل "جودر" بأنه عندما عُرض عليه المشروع لأول مرة، شعر بمسؤولية كبيرة، نظرًا لأن العمل مأخوذ عن قصص "ألف ليلة وليلة"، وهذا ما دفعه لتقديم أفضل ما لديه في هذا العمل، ليس فقط لأن الجمهور المصري مرتبط بهذه السلسلة وسبق أن شاهد عدة أجزاء منها، ولكن لأن تعامل الصورة والإضاءة خلال "ألف ليلة وليلة" يجب أن يكون مختلفًا. ◄ حزن عارم وأصدرت جميع النقابات الفنية والمؤسسات السينمائية بيانات تنعي فيها رحيل المبدع تيمور تيمور، وكذلك عدد كبير من الفنانين الذين كتبوا كلمات مؤثرة عن صدمتهم بوفاة صديقهم وزميلهم المقرب، مثل ريهام عبد الغفور التي كتبت على صفحتها: "حبيب قلبي يا تيمور، يا اللي أهل بيتك بيقولوا عليك كنت حنين وطيب وبتحب أوي جبر الخواطر.. مخلص لشغلك.. ضحيت بحياتك عشان تنقذ ابنك.. كنت فاكرة إن عمري ما حتوجع تاني، بس فراقك وجعني أوي أوي أوي ووجع كل حد عرفك". وكتبت الإعلامية لميس الحديدي على صفحتها: "وفاة تيمور تيمور مدير التصوير الشاب الموهوب مأساة أصابتنا جميعًا بالألم وأحيانًا بالغضب أيضًا، فكل المعلومات حول حادث الغرق تشير إلى أنه كان يمكن إنقاذه إذا ما توفرت سبل سريعة للإنقاذ". بينما دخلت المطربة السابقة والإعلامية الحالية منى عبد الغني في نوبة بكاء على الهواء أثناء تقديم البرنامج الخاص بها، وتذكرت حلقتها معه وحديثه عن رفضه العديد من الأعمال مؤخرًا حتى يكون برفقة والدته المريضة؛ وذلك أثناء برنامجها "الستات ما يعرفوش يكذبوا". وقالت منى عبد الغني: "رحمة الله على مدير التصوير الرائع تيمور تيمور، الذي يشهد له الجميع ليس فقط بأنه كان مدير تصوير بارع وشاطر ومتميز، وأيضًا كان صاحب خُلق ومهذب. شفناه في لقائه الجميل معانا كان بيتكلم طول الوقت عن والدته وإنها كانت بتدعيله، وهو في الآونة الأخيرة رفض أعمال كثيرة جدًا علشان يقعد تحت رجلين والدته يرعاها في مرضها، وانتهت حياته وهو بينقذ ابنه، يعني عاش بطل ومات بطل. ربنا يصبرهم على فراقه. من إمبارح وهناك صدمة وكل الفنانين والجمهور بينعوه على وسائل التواصل الاجتماعي لأنه كان إنسانًا حقيقيًا، وكل اللي اتعامل معاه عن قرب عرف أد إيه هو كان إنسان جميل. ما تزعلوش، نحسبه مع الشهداء. الغريق إن شاء الله له يوم القيامة أجر الشهادة، وإن شاء الله يوم القيامة يبقى واقف بين الشهداء". أما نجل الفنان تيمور تيمور، فكتب على صفحته: "إنا لله وإنا إليه راجعون... أشجع رجل في العالم، أنا أحبك يا أبي"، مع صورة جمعته بوالده. أُقيمت صلاة الجنازة على مدير التصوير تيمور تيمور عقب صلاة ظهر الأحد الماضي بمسجد المشير طنطاوي بالتجمع الخامس، بحضور عدد من نجوم الفن الذين حرصوا على توديعه إلى مثواه الأخير. كان من بينهم باسم سمرة، وأحمد الشامي، وريهام عبد الغفور، وأحمد داود، وحمزة العيلي، ومحمد الشرنوبي، وتارا عماد، بالإضافة إلى المخرج كريم الشناوي، والسيناريست مريم نعوم، والمخرج يسري نصر الله. وأُقيم العزاء مساء نفس اليوم في مسجد الحامدية الشاذلية، وحضره العديد من الفنانين، من بينهم أحمد السقا، وياسر جلال، وعمرو يوسف، وريهام عبد الغفور، وتارا عماد، ومحمد رياض، ودينا فؤاد، ومنة فضالي، وهنادي مهنا، وأحمد خالد صالح.