أصدر وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو تعليمات للدبلوماسيين الأمريكيين في الخارج بالتوقف عن التعليق على نزاهة الانتخابات في الخارج والاكتفاء بتهنئة الفائزين، وفقاً لما أفادت به التقارير في يوليو الماضي، ما يعد تحول في الممارسات الأمريكية المتبعة منذ عقود، والتي كانت الولاياتالمتحدة تعرب فيها بانتظام عن معارضتها للأصوات للممارسات الغير منضبطة في الانتخابات . تفكيك الأدوات التقليدية تواصل إدارة ترامب التخلي عن حقوق الإنسان والديمقراطية كعنصرين من عناصر سياستها الخارجية، حسبما ذكرت مجلة "فورين بوليسي"، فقد حاولت الإدارة إنهاء تمويل الصندوق الوطني للديمقراطية الذي أُنشئ في عهد رونالد ريجان، كما تعمل على انهاء عمل إذاعة أوروبا الحرة وإذاعة الحرية التي تبث إلى أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى والقوقاز والشرق الأوسط، بالإضافة إلى راديو مارتي وراديو آسيا الحرة وصوت أمريكا. هذه المنظمات كانت تسعى إلى تعزيز المصالح الأمريكية من خلال تعزيز ما تصفها بالقيم الأمريكية، ومن أهمها الديمقراطية وحقوق الإنسان. النهج الجديد.. المصالح فوق القيم يبدو أن الإدارة الأمريكية تعود إلى نهج محدود من الواقعية في السياسة الخارجية، وقد لخص وزير الدفاع بيت هيجسيث هذا التفكير في خطاب ألقاه في سنغافورة قائلاً: "الولاياتالمتحدة لا تهتم بالنهج الأخلاقي والوعظي في السياسة الخارجية الذي كان سائداً في الماضي. لسنا هنا للضغط على الدول الأخرى لتبني سياسات أو أيديولوجيات معينة... نريد العمل معكم حيث تتوافق مصالحنا المشتركة". إن ربط العلاقات مع الدول على أساس المصالح المشتركة ووضع القيم المشتركة جانباً - وتجنب "النهج الأخلاقي والوعظي" - يجذب أتباعاً أقوياء في حركة ماجا وخارجها، بما في ذلك بين التقدميين الذين يعتبرون جهود الولاياتالمتحدة لتعزيز الديمقراطية منافقة، خاصة بسبب إخفاقات وإحباطات المحاولات المزعومة لتعزيز الديمقراطية بالقوة في أفغانستان والعراق. موقف الإدارة من القيم ك"ترف" يبدو أن هيجسيث وروبيو وغيرهما من كبار الشخصيات في الإدارة مثل مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي جابارد، يتبنون موقف التقشف، كما تعتبر هذه القيم ترفاً في نظرهم، ويبدو أن نسختهم من الواقعية تقول: لا تستطيع الولاياتالمتحدة تحمل القضايا العالمية مثل الديمقراطية، ولكن يجب أن تعتني بمصالحها الاستراتيجية والاقتصادية المباشرة في عالم صعب. التشابه مع نهج كيسنجر-نيكسون التاريخي لقد تبنت الاستراتيجية الأمريكية هذا النوع من التقشف من قبل وفقاً ل"فورين بوليسي"، ففي حرب فيتنام، وضع مستشار الأمن القومي آنذاك هنري كيسنجر بدعم من الرئيس ريتشارد نيكسون سياسة خارجية صارمة وواقعية. شملت هذه السياسة انفراجاً مع الاتحاد السوفيتي والتواصل مع الصين التي كانت لا تزال تحت قيادة ماو تسي تونج، ومبدأ نيكسون الذي افترض أن الولاياتالمتحدة ستتجنب التدخل المباشر في الصراعات وتفوض هذا العمل إلى حلفاء موثوق بهم مثل شاه إيران.