وقعت روسياوإيران اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بالتزامن مع بدء فترة ترامب رئيسا للولايات المتحدةالأمريكية.. فما هي مكاسب الدولتين من هذه الاتفاقية؟ اقرأ أيضا: ترامب يوجه البنتاجون برفع الحظر عن تسليم إسرائيل قنابل تزن 2000 رطل رغم العلاقات المشتركة بين الدولتين منذ سنوات إلا أنها لم ترقى لأن تكون شراكة استراتيجية شاملة، ولعل هذه الاتفاقية جاءت متأخرة لسنوات لأن العلاقات بين روسياوإيران ظلت تتخللها حالة من الريبة والشك وعدم الثقة بين الطرفين في ضوء الماضي الاستعماري لروسيا لدى الشعب الإيراني في سنوات سابقة وممارسة النفوذ والمصالح والتدخلات واستغلال ثروات إيران في زمن حكم الشاه حتى قيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية في 1980. وبعد ذلك باتت المنافسة بين الدولتين على النفوذ الجيوسياسي في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى، فضلا عن المنافسة في أسواق النفط باعتبار أن الدولتين لديهما مخزون هائل من النفط والغاز وكلتا الدولتين تحل محل الآخرى في تغذية الأسواق الأوروبية، ولذا فإن العلاقات بينهما ظلت تحكمها المصالح المتبادلة والعداء المشترك تجاه الولاياتالمتحدة والقوى الغربية باعتبار أنهم تهديد مشترك على إيرانوروسيا، كما أن روسياوإيران تجتمعان أيضا على حتمية قيام نظام عالمي متعدد الأقطاب خارج سيطرة الولاياتالمتحدةالأمريكية. وإزاء ما تقدم وجدت الدولتان ضرورة تقوية وتوطيد العلاقات بينهما وهي علاقات تفرضها حاجة الدولتين والتهديدات المشتركة عليهما في ظل التوترات الأخيرة في الشرق الأوسط وتهديدات إسرائيل والولاياتالمتحدة ضد المشروع النووي الإيراني ومنظومات الصواريخ الباليستية، وفي ضوء انخراط روسيا أيضا في الحرب الأوكرانية وتهديدات الناتو لجوارها الجغرافي ووصول أسلحته إلى الأراضي الروسية انطلاقا من أوكرانيا. في ضوء هذه التهديدات زاد التعاون الأمني والاستخباراتي بين طهران وموسكو وزادت صادرات الطائرات المسيرة الإيرانية لموسكو بل توطين هذه الصناعة لديها، وزادت روسيا من دعمها الفني والتكنولوجي لإيران في ملف الطاقة النووية الإيرانية بل لعبت دورا ضاغطا على إسرائيل لعدم قصف المنشآت النووية بالتزامن مع عمليتي الوعد الصادق الإيرانية ضد إسرائيل. ومع قرب تولي ترامب وتنصيبه رسميا زادت الحاجة لتعاون الدولتين في ضوء الضغوط التي سيمارسها ترامب على إيران وفرض مزيدا من العقوبات الاقتصادية على إيران ما سيلقي بتبعات سلبية على الاقتصاد الإيراني وكان لابد من البحث عن زيادة التبادل التجاري بالعملات المحلية بين البلدين وزيادة التنسيق الأمني والاستخباراتي مع تصاعد التهديدات على إيران. أيضا إيران تحاول تقوية وتوسيع خياراتها في التحرك في مجالها الحيوي بمنطقة وسط آسيا والشرق الأوسط بعد سقوط نظام الأسد في سوريا وانقطاع خطوط الإمداد عن حزب الله اللبناني، وإن كان أنصار الله الحوثيين لازالوا يحتفظون بقوتهم وسيطرتهم على باب المندب وخليج عدن والبحر الأحمر. أما روسيا فهي تحاول تسويق نفسها في العالم أنها قوة عالمية تضاهي الولاياتالمتحدة وتبلور نظام عالمي متعدد الأقطاب خارج سيطرة الولاياتالمتحدة فضلا عن زيادة التبادل بالعملة الوطنية (الروبل الروسي) بعيدا عن العقوبات الغربية والحد من سيطرة الدولار وزيادة التبادل العسكري والأمني مع دولة محورية في الشرق الأوسط. اتفاقية الشراكة الاستراتيجية لا تعني الدفاع المشترك بين الدولتين ولا ثقل الدولتين يسمح بذلك لأن روسيا قوة عالمية بينما إيران قوة إقليمية، وإنما اتفاقية الشراكة الاستراتيجة تعني التعاون في مختلف المجالات وأنه إذا حدث اعتداء على إحدى الدولتين لا تقوم الدولة الآخرى بمعاونة المعتدي ومساعدته بأي شكل.